محمد حمدى

التحليل النفسى للقذافى

السبت، 26 فبراير 2011 12:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ديسمبر 1992 جاء وزير الخارجية الليبى الأسبق منصور الكيخيا إلى القاهرة لحضور اجتماعات المنظمة العربية لحقوق الإنسان، واختفى ولم يظهر بعد ذلك، وترددت أنباء عن أن إبراهيم البشارى الذى كان مندوبا لليبيا فى الجامعة العربية رتب لقاء مع الكيخيا، حيث جرى تخديره ونقله إلى ليبيا والتخلص منه، وبعد ذلك مات البشارى فى حادث سيارة فى ليبيا يكتنفه الكثير من الغموض.

وبعدها بأشهر قليلة كنا فى رحلة صحفية إلى ليبيا ضمن وفد ضم 39 صحفيا، والتقينا القذافى فى خيمته فى باب العزيزية، وسألته عن تورط ليبيا فى اغتيال الكيخيا فلم يجب، لكن عدداً من الأصدقاء الذين لهم خبرة فى الشئون الليبية قالوا لى بعدها: احمد ربنا أنك عدت سليما!

فى هذه الرحلة التى جرت وقائعها عام 1993 رأيت القذافى عن قرب لأول مرة، قضينا خمسة أيام فى طرابلس، وفى كل يوم نستيقظ من نومنا فى الفندق الكبير لنجده مفروشاً بالسجاد الأحمر، وتحضر المراسم الليبية، ويخبروننا بأن شخصاً مهماً سوف يأتى للقائنا.. وبعد ساعات يتم طى السجاد الأحمر ولا يأتى أحد.. وكان مفهوما أننا فى انتظار القذافى الذى لا يأتى.

وفى اليوم الرابع أخذونا إلى الساحة الخضراء لحضور احتفال الشعب المسلح وذكرى قيام أول جماهيرية فى التاريخ، كانت الساحة مملوئة بالليبين الذين يحملون السلاح، وأخذنى الصديق العزيز طلعت رميح وكان وقتها مديراً لتحرير صحيفة الشعب إلى خارج الاحتفال، قائلا إنه فى ظل هذا الحشد كل شىء ممكن، بما فى ذلك أن يتحول الاحتفال إلى مجزرة.

ذهبنا إلى مكتب إبراهيم الغويل محامى عبد الباسط المقرحى على بعد أمتار قليلة من الساحة الخضراء، وفى حين لم يظهر القذافى فى الاحتفال، وحضر عبد السلام جلود وغيره من زملاء القذافى الذين قاموا بثورة الفاتح من سبتمبر قال لنا الغويل إن القذافى غالبا يوجد فى القلعة المطلة على الساحة الخضراء ليشاهد الاحتفال دون أن يراه أحد، وهى نفس القلعة التى ألقى منها كلمته أمس.

فى اليوم الخامس والأخير طلبوا منا التجمع خلال نصف ساعة للذهاب إلى باب العزيزية للقاء الأخ القائد، ويعيش القذافى فى هذه المنطقة، وهى عبارة عن سكنة عسكرية متكاملة، ومحصنة جدا، سارت فيها الحافلة أكثر من 15 دقيقة قبل الوصول إلى خيمة القذافى.. الذى حضر وجلس فى منتصف الخيمة ليعقد مؤتمرا صحفيا.

ولاحظت فور جلوسه وطوال المؤتمر الصحفى الذى استمر نحو ساعتين أنه لا ينظر إلينا، فهو شاخص ببصره إلى السماء، ويجيب على كافة الأسئلة دون أن ينظر إلى السائل، وحينما سألته عن منصور الكيخيا لم يجب وطلب السؤال التالى!
يعيش القذافى فى عزلة عن الناس، ورغم أنه كان يمر فى الشوارع أحيانا ويتوققف ليتحدث مع الناس فى طرابلس وسرت وغيرها من المدن الليبية، لكنه مصاب بجنون عظمة غريب جدا، بدا واضحا فى ذلك اللقاء الأول معه، وحين أطل أمس من القاعة الموجودة فى الساحة الخضراء بطرابلس، وليس لدى شك فى أنه مقتنع بكل كلمة قالها، فهو مقتنع بأن الشعب الليبى يحبه، وبأنه ليس رئيسا، بل هو الزعيم السياسى الوحيد فى العالم الذى تحبه الجماهير العربية والأفريقية وفى كل أنحاء العالم.

ولقد وصل به جنون العظمة أمس إلى حد لا يمكن تصوره فهو يدعو الشباب الليبى قائلا: افرحوا وامرحوا وارقصوا واحتفلوا.. بينما القتال يدور فى بلاده من شارع إلى شارع ومن زنقة إلى زنقة، ومن بيت إلى بيت من أجل إسقاطه.. بينما هو غير مدرك بالمرة لحقيقة ما يجرى من حوله.. وهذا قمة الجنون الذى لا يحتاج إلى تحليل نفسى، ولا إلى متخصصين فى الطب النفسى لإدراكه، أو تحليله!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة