هل القذافى أهبل أو كوميدى؟ هو لا شك حاكم بدائى يحاول طوال الوقت لعب دور العبيط أو الأهبل، لكنه فى الواقع مسئول عن كلامه وتصرفاته وجرائمه ضد الإنسانية وإبادة الشعب الليبى بالأسلحة المحرمة دولياً، لم يكن أهبل عندما دفع عشرات المليارات تعويضاً عن لوكيربى، لينقذ رقبته من المقصلة، ولا وهو يسلم الفاعلين للعدالة، لم يكن عبيطاً وهو يمول المنظمات الإرهابية ويتحالف مع الشيطان ليصنع لنفسه ميليشيا كونية يبتز بها العالم، لم يكن عبيطاً وهو يخترع كتابه الأخضر، الذى يحمل خلاصة العبط الفكرى ممزوجاً بتهاويم الخلل العقلى.
خطاب القذافى ليس خطاباً مضحكاً، بل خطاب لرجل يستعبط من أجل أن يزعم أنه يحارب من أجل الحرية ويعتبر قتل شعبه هو حرب من أجل الحرية، القذافى بملابسه وكتابه الأخضر العبيط الذى كلف ليبيا عدة مليارات من أجل تسويق النظرية الثالثة التى تقترب من الأعمال الكوميدية، بما تحمله من جمل مرصوصة، مثل السيارة الفكاهية التى كان يركبها ليتصور حتى ينفى أنه هرب، سيارة مثلثة تشبه التوك توك ولا يعرف كثيرون أن هذه السيارة يزعم القذافى أنها من اختراعه وكلفها ملايين من أموال الشعب الليبى، وضحكت عليه كالعادة شركة إيطالية أوهمته أنه اخترع سيارة المستقبل.
ثلاثة أرباع ليبيا خرجت عن سلطته وما يزال يصرخ ويتوعد، لأنه يتصور أن العالم يراه مجنوناًَ، بينما هو مجرم فى كامل قواه العقلية يصف شعبه الغاضب بالجرذان والقطط قائد يحتقر شعبه، ويتهمه بالسذاجة، ويصف المتظاهرين بالجرذان والمهلوسين، والمقملين والوسخين، والعملاء، فى خطاب يخلو من أى ذوق أو أخلاق، إنه يبرر إبادة شعبه الذى أعلن رفض الاستمرار تحت سلطة أضاعت أمواله ودمرت حاضره ومستقبله، ودفعت أغلب سفراء ليبيا فى العالم للاستقالة حجلاً من جرائمه ضد الشعب الليبى.
لقد تجاوز القذافى كل الرؤساء والحكام فى العالم، أمضى 42 عاماً يجلس فوق رقبة شعبه ولما أعلن الشعب الليبى، أن الكيل فاض به خرج ليشتم الشعب ويسخر منه، لم يكن مثل بن على ولا مبارك اللذين حاول كل منهما الاعتذار أو التلاعب حتى، لكنه ظل فى غيه وصلفه وجبروته، بل إنه ضرب أمثلة بحكام استخدموا القوة والدبابات ولم يفرق بين تمرد وثورة ولا بين إرهاب وشعب يرفض استمرار حاكم متسلط أضاع ثروة الشعب على مغامرات بلهاء.
والغريب أنه يحاول الإيحاء أنه هو الذى يقود ثورة وليس شعبه، وهو الذى حول الثورة إلى بقرة تحلب ليبيا من أجله وعين أبناءه السبعة فى مناصب سيادية تمهيداً لوراثة ليبيا لعائلته، القذافى فى مرحلته الأخيرة، جبان رعديد لكنه جبان لدرجة أن يضحى بشعبه من أجل أن يبقى.
القذافى ليس أهبل لكنه يحاول أن يجمع بين الهبل والشيطنة، هو مصدوم من شعب تحمله 42 عاماً ويتصور أنه فهمه وعرفه، هو لم يعرف شيئاً أو لا يريد أن يعرف، وهو يتصور أن تهديداته سوف تخيف الشعب، ولا يعرف أو لا يريد أن يفهم أن الشعب الذى كسر حواجز الخوف لن يعود، وأن الانتصار فى النهاية لليبيا، وليس للعصابة التى تسرق مستقبل الشعب، ويحاول ضمن حالة الاستهبال الإيحاء بأن ليبيا تتعرض للتفكيك وأن هذا لصالح القاعدة ولا نعرف من جلب كل هؤلاء إلى ليبيا، ويوحى بمؤامرة خارجية ودعوة للاستعمار، وهو الذى لا يمانع من الاستعانة بأى استعمار يحميه من شعبه.
لقد قرر شعب عمر المختار الذى قاوم الإيطاليين أن يحرر ليبيا، ممن ظنوا أنه سيحررهم، فإذا به يستعبدهم ويسرقهم، بينما يلعب دور الزعيم المناضل، القذافى فى خرابته التى يزايد بها على شعب قطع صلته بالأراجوز الدموى، الذى يخطب خطبته الأخيرة وهو يترنح.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة