محمد حمدى

لماذا أصبحنا متعصبين إلى هذا الحد؟

الثلاثاء، 22 فبراير 2011 12:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أعتقد أن مهمة الكاتب هى تقديم رؤية تشريحية للواقع الذى يعيشه فقط، أو حتى محاولة استشراف المستقبل الذى يفترض أن يتشكل وفقا لما يدور على الأرض، وإنما عليه أيضا أن يلفت النظر دائما إلى حجم حالة عدم الفهم، وعدم القدرة على تقبل الرأى الآخر، وحالة التجاوز الشخصى فى حقوق الآخرين، وصولا إلى الاتهامات الجاهزة بالتخوين.

أعتقد أن هذه المقدمة ضرورية لتناول تعليقات القراء على مقالى الذى كتبته أمس بعنوان "ليبيا تتغير أو تتمزق.. مصر ستدفع ثمنا باهظا" وقد كتب القراء 61 تعليقا أقسمها إلى 5 مجموعات من الآراء:
1- مجموعة تعتبرنى ضد الثورة وبالتالى فهى لا تريد أن تقرأ ما أكتبه وهم جاهزون بالاتهام الجاهز الآن لكل ما يرون أنه ضد الثورة "عميل النظام السابق".

2- مجموعة ترى أن ما يحدث فى ليبيا هو عملية تغيير وثورة شعبية، وبالتالى مطلوب ممن يكتب عن هذا الموضوع دعم ما يحدث فى ليبيا من تغيير فقط، وإذا لم يكتب ذلك فأنت من أنصار النظام الليبى القمعى.

3- مجموعة ترى أن محاولة لفت الانتباه إلى الوضع غير المستقر للدول العربية المحيطة بمصر، وتأثير ذلك على أمننا القومى كلام يدعو إلى الريبة.

4 – مجموعة للأسف الشديد لم تكتب سوى شتائم بذيئة.

5- مجموعة قليلة تفاعلت مع المقال وأحست فعلا أن مصر تعيش خطرا حقيقيا بسبب التطورات الداخلية فى دول الجوار.

وأبدأ بالرد على القراء:
1- على من اتهمنى بالعمالة للنظام الليبى أن يقرأ النص حسب ما جاء فى مقال أمس: "وإذا كانت مطالب الشعب الليبى مشروعة فى ديمقراطية حقيقية، والتخلص من أكثر نظم الحكم فى العالم فسادا واستبدادا وإهدارا للثروات الوطنية، فإن علينا فى مصر أن ننظر إلى ما يحدث فى الدول العربية المحيطة بنا باعتباره يمس الأمن القومى المصرى" وأعتقد أن ما فى هذه العبارة إدانة للنظام الليبى.
2- أما من اتهمونى بأننى من المعادين للثورة ومن أنصار الثورة المضادة فأرجوا أن يعودوا لمقالات سابقى لى منها ما هو منشور يوم الأربعاء 26 يناير بعنوان رسائل يوم الغضب وفيها قلت:

"مصر غاضبة بسبب الفساد، وغاضبة بسبب انسداد الأفق السياسى، وبسبب الفقر، وبسبب غياب الأمل، وبسبب تعطل كل مصاعد التغيير فيها.. وبسبب وجود حكومة هى الأسوأ فى تاريخ مصر، وبسبب وجود حزب حاكم لا يرى سوى نفسه، ولا يسمع سوى صوته.. الحياة فى بلدى لم تعد ممكنة، فالفقر ليس هو كل شىء، إنما يترافق معه فساد غير مسبوق، وفى كل القطاعات، فساد يجعل الفقر نتيجة لسوء الإدارة وليس لقلة الإمكانيات، ولو كان الفقر بسبب قلة موارد الدولة لتحملناه، لكن رسالة الأمس تقول إن الفقر فى هذا البلد نتيجة سياسات حكومية فاشلة، واختلال فى توزيع الدخل العام، ودائرة فساد متسعة، تحصد معظم ثمار النمو بينما الشعب يموت من الجوع".

كما أننى أدعوهم أيضا إلى قراءة مقال كتبته هنا يوم 23 فبراير 2010 أى قبل عام من الآن وعنوانه: لماذا لا يعتزل مبارك وشحاتة وعادل إمام؟!
3- ولا أعرف أيضا ما هى الريبة فى أن أدعو الناس إلى التفكير فيما يدور حول مصر، أليست فلسطين ممزقة، ألم تتمزق السودان، ألا نخشى نفس المصير فى ليبيا.. هل يملك أحد معلومات كافية عن كيفية انتهاء هذه المجزرة التى تدور فى ليبيا الآن.. وما هو تأثيرها الأمنى والاقتصادى على مصر، وعلى نحو مليونى مصرى يعملون هناك.

4- ليس مطلوبا من الكتاب أن يكتبوا وجهة نظر واحدة، لأن أى أزمة أو قضية هى فى الغالب متعددة الأبعاد، والأسباب والنتائج، فما يحدث فى ليبيا الآن يحتمل تناول مختلف: يمكن أن يكتب أحد عن المجازر البشعة التى يرتكبها نظام القذافى وألته الحربية ضد الشعب الأعزل.. ويمكن لآخر أن يكتب عن رد الفعل الدولى المتخاذل والجبان، وأخر يكتب عن شبكة الفساد والمصالح التى تربط نظام القذافى بمسئوليين أوروبيين وأمريكيين، ويمكن لآخر أن يكتب عن تأثير الوضع على تركيبة ليبيا وشكلها السياسى فى المستقبل.. ويمكن لتونسى أن يكتب عن تأثير ما يجرى فى ليبيا على بلاده، ويمكن أن تجد كتابات عن تأثير ما يحدث فى ليبييا على البوضع فى حوض المتوسط.. وغيرها كثير.. ولا يعنى ذلك أنه صرف نظر أو محاولة للقفز على ما يدور على الأرض الان، فجانب كبير من كتابات الرأى يفترض منها محاولة التطلع إلى المستقبل.. الذى يترتب على الأحداث الجارية.

5 - يؤسفنى شديد الأسف أن أناس فى بلدى لا يطيقون أى رأى يخالف ما يرون.. ويؤسفنى أننا تحولنا إلى أمة لا تريد ان تسمع أو تتحاور أو تتفاهم أو تتناقش.. ويؤسفنى أيضا أن بعض الناس يريدون من كاتب الرأى ان يكتب ما يجول فى خاطرهم وليس ما يراه أو يفكر فيه.

الحياة تقوم على التنوع والتعدد.. ولا تتقدم خطوة بمصادرة الآراء ومحاولة جعل الناس يتحركون ويفكرون كالقطيع، وقد أثبنتت التجارب من حولنا وداخل مصر، أنه حين يتلون المجتمع بلون سياسى أو فكرى أو اقتصادى أو فلسفى واحد، تنهار النظم والمجتعات كما حدث فى الاتحاد السوفيتى السابق وانهار فى لحظة بينما كان دولة عظمى لكنها قامت على نظرية واحدة وصادرت ما يخالفها فسقطت النظرية وانهارت الدولة.

أما كل من تطاول على وسبنى وشتمنى بكلام يتجاوز حدود الأدب، فإننى أفوض أمرى إلى الله.. وأدعو لوطنى أن يستعيد عافيته، ولأهلى أن يستردوا ما فقدو من سعة أفق ورحابة صدر وتسامح ومحبة واحترم الرأى الآخر.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة