إذا غامرت فى شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم، فطعم الموت فى أمر حقير كطعم الموت فى أمر عظيم. وفى حياة الشعوب لحظات مشرفة ومواقف عظيمة وتضحيات يقف التاريخ أمامها إجلالاً وفخراً، مما يراه من صانعى تلك اللحظات والمواقف وما أنجزته ثورة شباب مصر الحضارية بشهدائها ودماء أبنائها يثبت للتاريخ، وهو خير شاهد على معدن المصرى الأصيل الذى طالما كان متهماً بالخنوع والاستكانة. بعثت فينا تلك الثورة المجيدة ببسالة وشجاعة رجالها كل معانى الوطنية والتضحية والصمود. أحيت صيحات أبطالها بداخلنا من جديد حب الوطن وعشق ترابه.
ولا يجب أن تتوقف أهداف تلك الثورة التاريخية على التغيير السياسى فقط، بل يجب أن تدفعنا بنفس الحماس والإصرار إلى ثورات أخرى فى جميع المجالات كالصناعة والزراعة والتعليم والاقتصاد والبحث العلمى، ويجب أن نستلهم من إصرار وعزم شباب التحرير ما يبعث بداخلنا الأمل والثقة اللا محدودة فى القدرة على صنع مستقبل أكثر إشراقاً ورخاءً لنا وللأجيال القادمة من بعدنا، ويتوجب علينا أن نتعلم من أخلاقيات الثورة وشبابها إلى ما يسمو بعلاقة بعضنا ببعض كمواطنين إلى ذلك المستوى من الرقى والتحضر الذى شاهدناه من صناع الثورة بل وجب علينا أن نمحى من قاموسنا مصطلحات بالية كالفتنة والفساد والمحسوبية والواسطة والرشوة.
ولا ينبغى أن تتحول رغبتنا فى التغيير والإصلاح إلى رغبة فى الانتقام والتشفى وتصفية الحسابات، فمن لا يصلح للمسئولية يتم إقصاؤه، ومن أفسد تتم محاسبته بقدر ما أفسد أو أخطأ بدون تهويل أو تهوين الأحلام ممكنة، والغد مشرق والمستقبل أكثر إشراقاً.
فارفع رأسك يا أخى فقد مضى عهد الاستبداد.. ذاك عهد مضى وأبعد شىء أن يرد الزمان عهود الفساد.
