مجد خلف تكتب: وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ

الإثنين، 21 فبراير 2011 12:11 ص
مجد خلف تكتب: وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال تعالى: (وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ)- الأحزاب 33 صدق الله العظيم. قال المفسرون فى تفسير تلك الآية: لقد جاء الإسلام فوجد المجتمع العربى كغيره من المجتمعات فى ذلك الحين ينظر إلى المرأة على أنها أداة للمتاع وإشباع الغريزة، ومن ثم ينظر إليها من الناحية الإنسانية نظرة هابطة، ومنذ أن جاء الإسلام أخذ يرفع من نظرة المجتمع إلى المرأة ويؤكد الجانب الإنسانى فى علاقات الجنسين، فليست هى مجرد إشباع لجوعة الجسد أو إطفاء لفورة اللحم والدم، إنما هى اتصال بين كائنين إنسانيين من نفس واحدة بينهما مودة ورحمة، وفى اتصالهما سكن وراحة، ولهذا الاتصال هدف مرتبط بإرادة الله فى خلق الإنسان وعمارة الأرض، فقد اهتم الدين الإسلامى بروابط الأسرة باعتبارها قاعدة للتنظيم الاجتماعى، ويعدها المحضن الذى تنشأ فيه الأجيال وتدرج، ويوفر الضمانات لحماية هذا المحضن وصيانته لتطهيره من كل ما يلوث جوه من المشاعر والتصورات.

أما كلمة قرن فهى فعل أمر للنساء من يقر أى استقر، وليس معنى هذه الأمر الإلهى ملازمة النساء للبيوت فلا يبرحنها إطلاقا، إنما هى إيماءة لطيفة لهن أن يكون البيت هو الأصل فى حياتهن، والبيت هو حماية للمرأة كى تجد نفسها على حقيقتها، كما أرادها الله لها غير مشوهة ولا منحرفة ولا ملوثة ولا مكدودة فى غير وظيفتها التى هيأها الله لها بالفطرة.

ولكى يهيئ الإسلام للبيت جوه ويهيئ للفراخ الناشئة فيه رعايتها، أوجب على الأب النفقة، بل جعلها فريضة كى يتاح للأم من الجهد ومن الوقت ومن هدوء البال ما تشرف به على تربية هذه الفراخ الزغب، وما تهيئ به للأم نظامها وعطرها وبشاشتها، فالأم المكدودة بالعمل للكسب، المرهَـقة بمقضيات العمل والمقيدة بمواعيده والمستغرقة الطاقة فيه لا يمكن أن تهب البيت جوه وعطره، ولا يمكن أن تمنح الطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها، وبيوت الأمهات العاملات ما تزيد على جو الفنادق والخانات، فالمرأة العاملة التى تقضى وقتها وجهدها وطاقتها الروحية فى العمل لن تشيع فى بيتها إلا روح الإرهاق والتعب، وقد تتعلل الكثيرات أن زمن قضاء المرأة جل وقتها فى بيتها هو بمثابة حبس لها، وأن خروجها للعمل هو ضرورة حتمية كى تساعد زوجها على تحمل مشاق الإنفاق، ولو تطلعنا إلى النساء العاملات مهما كان نوع العمل الذى يقمن به لوجدنا أن معظم مرتباتهن يذهب أدراج الرياح من مواصلات ونفقات دور الحضانة أو على أدوات التجميل ومصففى الشعر أو الملابس، ولا يبقى إلا أقل القليل الذى لا يكاد يكفى ولا يساوى التضحية بفلذات أكبادهن، ولنا هنا أن نتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالمرأة ستـُسأل يوم القيامة عن عدم قيامها بواجبها التربوى نحو أبنائها جريا وسعيا وراء أوهام تحقيق الذات أو بناء المستقبل، عوضاً عن أن تلقن أبناءها مبادئ الدين والأخلاق وهم بعد صغار، إن واجب الأمهات المقدس هو تلقين الأبناء مبادئ التربية السليمة بالقرآن والمصاحبة والمعايشة والتوجيه المستمر، وتوعيتهم إلى وجوب النظام والانضباط وحب الوطن، كيف للأم العاملة أن تجد وقتا تقوم فيه بكل ذلك؟ وهى قد شغلت بنفسها وتأمين مستقبلها ونسيت أو تناست واجبها المقدس واقتسمت مع الرجل الوظائف والمرتبات فكثر العاطلون من الشباب وتدنت المرتبات.

إن بناء المجتمعات السليمة أساسه الأسر السوية التى تكرس الأمهات فيها حياتهن لتربية النشء كى يربوا تربية إسلامية صحيحة فينشأون نشأة جديدة منظمة منضبطة طويلة النفس، تزيل الانحراف والفساد الذين سادا طويلا لغيبة الأمهات فى أعمالهن التى لا تفيدهن لا دنيا ولا آخرة.

آن لنا أن نقف وقفة حازمة لتحديد أهمية عمل المرأة، وآن للأزهر أن يقف من هذا العبث الذى يراد به شغل الأمهات عن واجبهن المقدس ويمنع تخريب عقول أجيالنا وإفسادها، كى تعود أمتنا إلى ما كانت عليه وقت استقامتها على هذا الدين بهدف إعادة الأمة إلى خيريتها: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ)- آل عمران 110، وهو هدف يتجاوز كل ما تدعيه البعض من النساء من تحقيق الذات وتوفير النفقات إلى ما هو أعلى وأنفس وأبقى ثوابا، خير الدنيا والآخرة على السواء.

أتمنى أن تصل كلماتى إلى القلوب والعقول دون التمسك بأهداب الدنيا من شهرة أو مال زائلين، وأن تصل هذه الدعوة إلى علماء الأزهر، فهو أمر جلل يعنينا ويهمنا جميعا حاضرا ومستقبلا، والله من وراء القصد.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة