هاتفنى غاضبا وصوته مملوء بالحزن والشجن يقول يا أخى هل الدفاع عن رجال الشرطة الآن بات جريمة وعار.. وهل أصبحنا أشخاص غير مرغوب فيهم فى هذا المجتمع وما كل هذه الانقلابات ضدنا.. ولماذا لا يذكر أحد شهدائنا ولماذا يغسل الجميع أياديهم منا وكأننا ملوثون.. كيف تطالبون بعودتنا إلى الشارع وحماية المواطنين ونحن مازلنا مكسورين الخاطر.. محطمين نفسيا.. لم نعد نطيق الحياة.. لا أخف عليك أننى كرهت العمل الشرطى أو أى عمل فى مصر وأشعر بأننى ارتكبت كل الخطايا ولا أجد تفسيرا لنظرات المواطنين وأنا أمشى وأتحرك سواء فى الشارع الذى أسكن فيه.
أشعر بالغربة وسط أسرتى وأهلى وجيرانى.. أشعر بالمرارة فى نظرات التشفى والشماتة وأحيانا الشفقة كل النظرات أرفضها وأمقتها حتى الذين يحاولون الأخذ بيدى أو مواساتى بالمجاملات والسلامات والتحيات والضحكات المصطنعة.. لم أعد أطيق الذين يحاولون حراسة الشارع والمدعون بأنهم لجان شعبية.. أتعجب من البعض الذين يؤكدون فى وسائل الإعلام أنهم يستطيعون تسيير أمورهم بلا رجال شرطة ولا أعرف لماذا لخص الشعب المصرى أزماته وتدهور حالته الاقتصادية وتروى أوضاعه الاجتماعية وصب غضبه تجاه رجال الشرطة.. وكأننا المسئولون عن الدروس الخصوصية وجنون الأسعار وارتفاع حالات العنوسة وعزل البطالة المتوحش والفوارق الطبقية فى مصر وجنون الرفاهية التى أرست قواعد الأحقاد بين الناس.
لسنا أعداء ثورة 25 يناير ولم نكن يوما ضد المصريين لأننا أولا وآخرا موظفين فى هذه الدولة نتجرع سمومها وخطاياها وأزماتها وغلائها وتوحشها وفسادها مثل كل المصريين ولكن قدرنا أننا رجال شرطة مهمتنا حماية الوطن والمواطنين.. وقدرنا أننا نتلقى الأوامر لأن الحوار والمناقشة ليسا جزءا أصيلا فى الأداء الشرطى نظرا لرؤية المسئول الأول دائما من وجهة نظر الوطنى كما يراها.
حاولنا نغسل أنفسنا أمام أهالينا وناسنا ومجتمعنا وخرجنا فى مظاهرات تؤكد أننا لسنا الأعداء لهذا الوطن.. ولكن دون جدوى مازالت الألسنة والنظرات والشاشات والبرامج الفضائية تلاحقنا ويستهترون بشهدائنا ويرفضون عقد مصالحة كاملة لهذا المجتمع تؤكد دورنا المهم فى إرساء وتعظيم قيمة الأمن وأنها سلعة غالية يحتاجها الجميع فقيرا أو غنيا.. وظل صاحب الاتصال التليفونى يستكمل وابل غضبه مدافعا عن عمله الشرطى دون هوادة حتى وجدت الهدوء بدأ يعود إلى صوته المنفعل فقلت له مطيبا خاطره.. أنا معك فى الظلم الذى نال رجال الشرطة وبالذات الذين لم يشاركوا فى حالة الاقتتال، ولكن ما ذنب شاب متظاهرا خرج يرفض سياسة مبارك يلقى حتفه برصاصة تجعله فى العالم الآخر ويحصل على لقب شهيد.. لا أنكر أنكم ضحايا وزير متعال.. متغطرش أراد أن يستحوذ على السلطة وينال رضا الفرعون الأكبر فجعل كل رجال الشرطة »كبش فدا«لكى يرضى مبارك ونجله.. يا سيدى لا تغضب فأنت ضحية العادلى الذى زج بك فى طوابير العيش وأزمة أنابيب البوتاجاز وجعلك عدوا لكل طوابير الاحتجاجات الفئوية التى سادت مصر.. وزير الداخلية لا يحب رجاله بل أحب نفسه ولم يقل يوما لمبارك أن الشرطة مهمتها المحافظة على النظام وليست التصدى لأزمات الخلل الاقتصادى وليست مهمتها حل المشكلات الاجتماعية التى تسود البلاد.
العادلى باع كل رجاله لكى ينال مغانم شخصية وإذا أردت أن تتأكد فقريبا سيظهر المبالغ المالية التى حصدها رجال قريبون من العادلى مقابل ولاءات خاصة له ينفذون ما يشاء لا أعرف من السواد الأعظم من الضباط مظلومون وكانوا أدوات لتنفيذ أوامر الظالم الأكبر ولكن علينا أن نقدر الجميع ونحاول أن نقبل بعضنا لأن العادلى جعل المصريين يرضعون كراهية رجال الشرطة وباتوا أمام الشعب هم المصدر الرئيسى لكل الأزمات واختبأ مبارك ورجاله وقدموا كل جنود وعساكر وضباط الشرطة لكى يلتهمهم الشعب.. ولكن يا صديقى ليس الشعب الكاره لكم ولكن البلطجية هم الذين راحوا يعبثون ويطاردون رجال الشرطة والدليل على ذلك ما شاهدته بعينى عندما وجدت ضابطا يمسك فرشاه وجلس مع شباب على كوبرى عرابى بشبرا الخيمة ليقوم بأعمال الدهانات وسط حالة من الحب والرضا وإعادة لغة حوار جديد.
أتمنى أن يتكاتف فيها الشعب والشرطة ضد هؤلاء البلطجية.. وعموما لا تغضب ولا تحزن وتأكد أن عقلاء هذا الوطن مازالوا يعرفون قيمة سلطة الأمن التى باتت مشكلة للجميع الآن ولا تغضب يا صديقى وتأكد أن الذين يعتدون عليك وزملائك ليسوا متظاهرى 25 يناير ولكنهم بلطجية ثم تربيتهم فى أحضان وزارة الداخلية وانقلبوا ضد ضباطها وراحوا ينتقمون منهم آملا ألا يعودوا مرة أخرى ويتولى هؤلاء البلطجية زمام البلاد.
لا تغضب يا صديقى فأنا أعرف لفيف كبير من ضباط الشرطة يتمتعون بحسن السمعة ودماثة الخلق ونبل المعاملة ولذا فأرى أنه آن الأوان أن نرفع شعارا جديدا يؤكد أن الشعب والشرطة ضد البلطجة والبلطجية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة