كان يا ما كان فى سالف العصر والآوان مملكة تعيش فى نعيم وثبات. العدل أساس الحكم فيها. مملكة يحكمها الضمير، والعلم، والإيمان، وكما يقال دوام الحال من المحال. اختلس الحكم شيطان فى زى إنسان، وأذاق العباد الأمرين والهوان. ومنذ ذلك الحين وشعب هذه المملكة يعيش فى ظل البؤس والحرمان.
وما أن يصدر الحاكم فرماناً ولو مجرد إشارة بإصبعه. إذ بالمنافقين والفاسدين يهللون له. ويطبلون ويزمرون لأوامره وإشاراته. سواء كانت سلبية أو إيجابية. رغم أن الطغاة قلما يأمرون بالإيجابيات. وتكتب أذنابهم فى الصحف عن الملك الملهم والقائد الضرورة الهمام. الذى بدون قراراته الرشيدة لعم الفقر العباد.
ولغرقت البلاد فى الفيضانات، وسالت أنهار الدماء، وانتشرت الأوبئة والأمراض، الذى لولاه لأبيحت حدودنا من جانب الأعداء، إن كلاب السلطان منتشرون فى كل مكان. وفى كل مؤسسة وفى كل واد يهيمون كالشعراء. أقصد شعراء السلطان شعراء الطبل والزمار. يحكى أن فى هذه المملكة حكم هذا السلطان الطاغى البلاد بالحديد والنار والكرباج. من يعترض فالسجون جاهزة ومسرور مسلط بالسيف والنار والسياط، وتمكن بكلابه من حبس كل صوت للحق مناد. للعلماء أصبح عدوا وخسف بالعلم والتعليم البلاد، وبدأت محاكماته لأصحاب الفكر والقلم الأشراف. الذين جثم الظلم عليهم وعلى البلاد. لأنهم أرادوا تنوير عقول البلاد والعباد. فسجن الجميع فى سجن كبير منيع دون محاكمات. أو هى شبه محاكمات اشترى فيها ضمائر شرذمة قليلة من القضاة.
ونشر بصاصيه فى كل الطرقات. يأتون له بالأخبار والهمسات وموعد التظاهرات والإضرابات. فيتم اعتقال الشباب والتنكيل بالآباء والأمهات. وبعد أن جاع الشعب وصار فى حالة موات. وأيقن السلطان بأن المملكة فى زوال بسبب المآسى والظلم والطغيان، قرر زيادة الرواتب والبدلات. ولكن هيهات.. هيهات!! من أين يأتى بالأموال؟! فالخزائن مسروقة من الأعوان والحواشى اللئام. ومبعثرة على الطبالين والزمارين من أصحاب الأقلام الأشرار. فإذا به يأمر بفرض الضرائب على العباد. فضج الجميع بالصياح. ورددوا لطفك يا خفى الألطاف . لطفك بعبادك الفقراء، إنهم أصحاب أبناء وأيتام حينئذ بدأ بعض الشرفاء من كل الاتجاهات يكتبون على الحوائط والأبواب وعلى أسوار سجون السلطان.. لا للظلم والطغيان.. واستمرت المظاهرات تتزايد كل ساعة وكل يوم. إلى أن سقط السلطان وأعوانه اللئام. وحكم الوطنيون المملكة بالعدل والإيمان. وعاش الشعب فى تبات وثبات.
ميزان العدل
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سيدفاروق(سيدالشاعر)
احسنت