يحكون فى بلادنا
يحكون فى شجن
عن صاحبى الذى مضى
وعاد فى كفن
كان اسمه
لاتذكروا اسمه!
خلوه فى قلوبنا
لاتدعوا الكلمة
تضيع فى الهواء كالرماد...
خلوه جرحا راعفا... لايعرف الضماد
طريقه إليه...
من قصيدة "وعاد فى كفن" للشاعر الراحل محمود درويش
لم أجد أبلغ من هذه الكلمات لأبدأ بها فى وداع شهداء الحرية والكرامة , شهداء ثورة 25 يناير , الذين دفعوا حياتهم ثمنا غاليا كى نعيش نحن , ونحصد ثمار تضحيتهم النبيلة .
ميدان التحرير كان على موعد لتكريمهم, وتخليد ذكراهم العطرة, أصبح ميدان الشهداء فى حلته الجديدة, يحج إليه كل من يريد أن ينهل من دروس الثورة , هذا النصب التذكارى لشهدائها, سيذكرنا بهم دائما , فهم جرحنا الذى لن يندمل, وحزننا الذى لن ينكسر, هم أيقونة الحرية التى وهبونا إياها عن طيب خاطر, مبتسمين, محلقين فى فردوس النعيم, ينظرون إلينا متهللين, فقد استبشروا خيرا بأن دماءهم لن تذهب هدرا, كتبوا بهذه الدماء شهادة ميلاد الوطن , وأعلوا كرامته ورفعوا من قدره ومكانته بين الأمم, فيا أم كل شهيد اكتوى قلبها بنار الفراق, افرحى إبنك بنى مصر من جديد, لاتحزنى, ضمدى جراحك , وامسحى دموعك , نعرف أنك لن تقلعى دموعك من جذورها, لكنك تستطيعين أن تجعلينها تذكارا يقول لنا دوما: بفضل شهداءنا نحن هنا الآن, نتغير ونسير بالوطن الى الأفضل ونقض مضاجع الفاسدين, متيقظون فمن يستطيع بعد الآن أن يغافلنا أويضحك علينا أوينتزع شرعيتنا.
لقد اكتشف المجتمع نفسه من جديد, وعاد إلى قاعدته الأصيلة, اكتشف أن له هدف فى الحياة يسعى لتحقيقه, الثورة أحدثت طفرة مجتمعية وجدانية هائلة,
حينما يقول العالم كله أنه سيدرس هذه الثورة ويحلل ظواهرها وإبداعاتها, إذن هى مفخرة للوطن الذى ظل سنوات طويلة يئن من الظلم والفساد, فصار أنينه سيمفونية تعزفها حناجر الشعب التى وصلت فى النهاية الى اسقاط النظام, والبدء على طريق التغيير, أعطت ثورة الشباب منظومة قيم جديدة للمجتمع, يتصدرها روح التسامح التى ظهرت بوضوح بين الناس, والإيجابية فى السلوك, والاحساس العالى بالانتماء, فنزل الشباب والشابات الى الشوارع والأحياء لتنظيفها وتجميلها, شعروا بمعنى المسئولية وطبقوها على أنفسهم "يد بيد نصنع مستقبلنا" "ومعا نسير نحو تحقيق مطالبنا", فالشباب هم أكثر الفئات العمرية نقاء وطهارة, وفى التاريخ دائما تثور هذه الفئة لأهداف عامة , بعيدا عن المصالح الفئوية والخاصة.
من قاد الثورة هم أبناء الطبقة المتوسطة, ومعيار المجتمع يأتى من هذه الطبقة إذا ارتفعت أخلاقها ارتفعت أخلاق المجتمع, وإذا تردت هذه الأخلاق, تردت أخلاق المجتمع ’الثورة تغسل البشر وتطهره وفى مضمونها الحقيقى هى إيثار وتضحية, تجلت فى أروع صورها حينما افتدى الشهداء الوطن بأرواحهم, حتى يبقى شامخا أبيا, فكيف يمكن لنا أن ننساهم بين زحمة الأسماء, أو لا نخلد ذكراهم!!
وكما قال الشاعر محمود درويش ..
خلوه جرحا راعفا.. لا يعرف الضماد
طريقه إليه..
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة