يتباكى البعض هذه الأيام وخلال أيام الثورة على الرئيس حسنى مبارك ويصفونه بالأب وكبير العائلة، وفى هذا تجنى كبير على حقوق الشعب المصرى، فمع الاعتراف بما قدم شخص الرئيس فى مقتبل حياته المهنية والرئاسية من جهد، إلا أن هذا لا ينفى أنه حاد فيما بعد عن الهدف من اعتلائه كرسى قيادة دولة تتمتع بصفات غير متوافرة بكثير من الأمم.
يُذكر له أنه قام بتحديث جوانب كثيرة بالبنية الأساسية، إلا أنها لم تخدم بشكل مباشر القطاع العريض من أفراد الشعب ولكنها ساهمت فى خدمة البطانة وجماعة المنتفعين التى وجدت التربة خصبة ليترعرع فسادهم وينمو، فلم تنشأ مدن جديدة كالعاشر من رمضان أو 15 مايو أو السادس من أكتوبر التى تم إقامتها، بالرغم من خروج مصر من سلسلة حروب طاحنة هزت اقتصادها كثير، بل الأدهى والأمر قام النظام وبشكل محموم ببيع شركات ومصانع مصر والتى هى ملك للشعب الذى لم يُؤخذ رأيه بعد أن تم ترويض البرلمان والدستور لخدمة أهداف محاور الفساد التى انتشرت كالسوس بأركان الدولة تنخر فى أعمدتها- بما لا يتعدى 1% من قيمتها كما أفاد الخبراء - حتى عمت البطالة وارتفاع متتالى بالأسعار، ولم تجد الدولة من موارد إلا بفرض المزيد من الضرائب التى تفنن القائمون عليها فى كيفية تسلل أيديهم إلى جيوب الشعب لسلب ما أمكن.
لقد تحالف محور الفساد الرئاسى على توصيل نجل الرئيس لسدة الحكم واتخذ فى هذا كل الأساليب الممكنة التى تنوعت أشكالها من سلب لإرادة المواطن وإهدار كرامته حتى يصبح رد فعله سلبياً ولا مباليا كما يقول علم النفس، وسار مع هذا الاتجاه بالتوازى العبث المتوالى بمواد الدستور لتضييق مساحة الاختيار لمن سيلى حكم مصر حتى جاء التلاعب بالانتخابات البرلمانية الأخيرة لينحسر الاختيار فى شخص وحيد هو من تنطبق عليه شروط الترشح وما عداه لا يملكون أرضية صلبة تمكنهم من الصمود! ولم يتأخر الإعلام الرسمى - وله وقفة تحليلية أيضاً - بكل صورة عن تمجيد ما يتم انتهاجه غير عابئ بما يتم انتهاكه من حقوق الوطن والمواطنين فرواتب بعض الإعلاميين تعدت المليون شهرياً.
لقد نجح مبارك خارجيا بمقاييس الغرب ومصالحه ولكنه انهار داخلياً وأهمل أبناء شعبه الذى كان يستحق أفضل مما وصلت إليه كثير من الشعوب بدأت نهضتها متأخرة عن مصر ككوريا وماليزيا وإندونيسيا وسواهم، وكانت الشماعة هى الزيادة السكانية رغم إن أغلب هذه الدول يفوق تعداد سكانها مصر.
دعونا ننظر إلى المستقبل نظرة كلها أمل فى حياة أفضل كلها نقاء وشفافية ونشكر الرئيس مبارك على ما قدم لوطنه متمنين له موفور الصحة والعافية.
لقد خطب الصديق أبو بكر بعد توليه الخلافة: أيها الناس، لقد وليت عليكم ولست بخيركم.. فإن رأيتمونى اعوججت فقومونى ولو بالسيف.
فلا تتباكوا أبناء أمتى على من ضيّع الأمانة، فما الرئيس أو الوزير وضابط الشرطة وسواهم إلا موظفين بالدولة - إخوة لنا وأبناء- يتقاضون رواتبهم ليؤدى كل منهم مهام وظيفته كما يؤدى المُعلم بالمدرسة والعامل بالمصنع لوظيفته، والعاقل من يتق الله فى عمله ليفوز بالرضا.
