أكد د.محمد بديع، المرشد العام للإخوان المسلمين، أنه حذر النظامَ السابق بقوله: "الاستبداد والديكتاتورية يفسدان النفوس والضمائر، وهما بداية السقوط والانهيار، مهما طال الزمن، ومهما طالت مدة البقاء فى الحكم لأى نظام كان".
وأوضح المرشد فى رسالته الأسبوعية بعنوان "هذه مصر" أنه حذر من قبل أن استمرار الحالة الخانقة للحريات والانسداد السياسى ستحدث ثورة ليس من صنعهم، مضيفا أن الثورة الشعبية تؤكد للعالم كله حيوية ومكانة وقدر ووعى شعب مصر ضد الظلم والطغيان، والثورة دِفاعًا عن كرامته المستباحة لثلاثين عامًا واستردادًا لحقوقه المسلوبة على يد المنتفعين من أركان النظام السابق.
طالب بديع أن تكون الثورة نقطةَ انطلاقٍ لاستعادة مصر لمكانتها وريادتها فى العالم كله؛ وذلك باستشعار عظم مسئوليتنا تجاه الوطن؛ بالدفاع عنه وبتبنى مطالب شعبه المشروعة، وبالتوحد خلف المطالب المتفق عليها من جميع القوى السياسية والوطنية والحفاظ على مقدرات الوطن وأمنه وأمانه، وحماية الممتلكات العامة والخاصة وإعطاء نموذج حضارى لثورة الشعوب ضد الظلم والطغيان، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على المصالح الشخصية والمنافع الزائلة؛ قائلا: "هذه هى مصر المتحضرة"، مناشدا شرفاء الوطن ومحبيه أن يحرسوا الثورة ومطالبها المشروعة، وألا يتركوا فرصةً لمنتفعٍ أن يلتف عليها وعلى إنجازاتها التى بدأت تؤتى أكلها بإذن الله، فهذه هى مصر التى لا تُخدع.
وشدد بديع فى رسالته على أنهم خدام للأمة وجزء من نسيج الأمة لا يمكن فصله وهم مكون رئيسى من مكوناتها، ويبذلون جل جهدهم ليكونوا نافعين لأوطانهم، نافياً أن يكون لهم طمع فى الرئاسة ولا أغلبية ولا مناصب زائلة، معتبرا أن هذا ليس وليد اليوم أو وليد الموقف ولكنه موقف ثابت للإخوان وضعه حسن البنا.
وذكر المرشد أن المرحلة القادمة هى مرحلة البناء وإثبات الذات، وتحتاج لتضافر الجهود وتوحد الصفوف والقوى وتغليب المصالح العامة على الخاصة، مطالبا بإتمام الطريق لرفع راية مصر للبناء والإتقان، واستدعى بديع فى رسالته عددا من الجمل والفقرات لرسائل سابقة قال إنها كانت توقعات أو استشرافا لما سيحدث، مشيرا إلى أن جرائم النظام السابق طغت وكثرت واستعصت على الحل، وكان لا بدَّ من أن تقول الجماهير كلمتها بعد أن عانت من ويلات النظام من: إهدارٍ للحريات العامة والخاصة، واحتكار الحزب الفاسد للحياة السياسية والنيابية، وقمع الشعب وإهدار كرامته بل وحياته، وتزويرٍ سافرٍ للانتخابات، وإقصاء النواب المعارضين والمستقلين فى مهزلة ما سُمِّى بالانتخابات.
وأضاف بديع أن النظام السابق استمر فى اعتقال للمعارضين ومحاكمتهم أمام المحاكم الاستثنائية، وإدارة البلاد بعقلية القرون الوسطى ومحاولة التعتيم الإعلامى، ووصل الأمر إلى إقصاء برامج ومقدمى برامج، وإهدارٍ بيِّن لأحكام القضاء واستهانةٍ بها، وكان آخرها ما يتعلق بتصدير الغاز وإلغاء الحرس الجامعى، وبطلان إجراءات انتخابات مجلس الشعب الأخيرة فى معظم الدوائر، بجانب غياب العدالة الاجتماعية وإهدار كرامة الإنسان وتغييب الإصلاح السياسى، كما واصل جهاز الشرطة انتهاكاته وجرائمه فى حق الوطن والمواطنين حتى وصل الأمر إلى إهدار كرامتهم وآدميتهم، بل وقتلهم داخل أقسام الشرطة.
وأشار إلى أن النظام السابق تعمد اختلاق ورعاية صراع الطبقات فى المجتمع؛ صراع طائفى بين أبناء مصر، وصراع الأجيال بإيجاد فجوة مصطنعة بين الشباب والشيوخ، وصراع نوعى بين الرجال والنساء والتمييز والتفريق بينهم، إلا أن بوتقة الثورة فى ميدان التحرير دحضت كل هذه الأعمال الشيطانية وانصهرت فيها كل عناصر الأمة، مسلمين ومسيحيين، شباباً وشيوخاً، رجالاً ونساءً وذكتها الدماء الذكية للشهداء والمصابين، وفساد وإفساد أعضاء الحزب وتفننهم فى إفقار الشعب وتجويعه وإمراضه وسرطنته، والتربح الحرام لأركانه، وانتشار الغلاء والبطالة والرشوة والفساد، وانهيار التعليم والصحة والإسكان وكافة الخدمات.
وأوضح أن هؤلاء ظنوا أنهم بذلك سيطروا على الشعب ودجنوه، ولكن هيهات هيهات لهم أن يحققوا مبتغاهم، وخاب ظنهم وقال الشعب كلمته، قائلا: "عندما يقول الشعب فعلى الحكام السماع والانصياع لرغباته وإرادته الحرة".
ووجه التحية لشباب الثورة الذى رسم أبرع الصور الصادقة للوحدة الوطنية، بمشاركة شباب الإخوان وغيرهم من كل التيارات والاتجاهات المثل لشباب مصر الحقيقى، خاصة فى تكافلهم الاجتماعى وتنظيمهم للمرور وإدارة الشئون الخدمية لأحيائهم بل وإظهارهم لمكونات الشعب من فطرة إيمانية نقية وحب كبير للوطن و ترابط عميق بين الأجيال،داعيا لشهداء الثورة، وتحيةً للمصابين والجرحى.
