لا أدرى كيف تذكرت ابتسامة الفنان الراحل نجيب الريحانى الرائعة، وهو يعدل من طربوشه بعدما تبدل حاله القاتم إلى حال أزهى لوناً وأطيب رائحة، واكتشف أنه فاز بما يريد بشكل لم يتوقعه، وذلك فى أحد أفلامه المتميزة، تذكرت ابتسامته المعبرة، وها نحن كأنا نقلده، فنتذكر ما كان يجرى منذ قرابة أقل من شهر من الآن، ومعاناتنا وغضبنا وسخطنا، والآن ونحن فى فورة فرحنا أدامها الله، وفى سخرية نردد أين العفاريت: تفجير الكنائس؟؟ الإرهاب، القاعدة، الإخوان؟ إنهم كانوا المظاليم فلا الثورة نجحت بالتفجير، ولا الثورة نجحت بالإرهاب، ولا نجحت بالإخوان ولا بالقاعدة.
لقد ذابت ألواننا وغدى البحر هائجا بطبيعته، ولم نعرف مصطفى ولم نعرف وائل، فاختلطت الألوان وذاب ملح البشر فى ماء واحد، وأثبت النظام فشله فى التخويف من هذا وذاك، وبرع الكاذبون فى اختلاق المخاوف من ذاك وهذا، ولم يتوقعوا أن يؤتوا من حيث لا يشعرون، وقد كانوا فى غيهم يمرحون.
الجميع يحمل الآن بين جنباته شعورا غير شعور، وعزيمة غير عزيمة، وإرادة غير الإرادة وكلام غير الكلام، إنها سنة الله تعالى الرائعة البينة، فلقد توقف اللسان وحدقت العيون وبهرت، فالمعنى تم استيعابه، والفهم حضر بقوة، ولم يتوجه أحد بالأسئلة حتى الآن؟
تداعت الإجابات وتوحدت: نعم سننهض ببلادنا من يتولى ذلك؟
بقول واحد: كلنا.
وصوت من خلف المسرح: أوعوا العفاريت العفاريت.
والحاضرون على خشبة المسرح: معذرة للعفاريت نحن وهم سننهض ببلادنا ونقاوم العفريت.
الصوت الغائب: اعترفتم إذن بالعفاريت.
الحاضرون: بل أنت الشيطان العفريت نسمع وسوستك ربما لا نراك بيننا.
أحد الحضور: لا يهمنا أن نراه طالما سمعنا صوته الكئيب كأنما رأيناه.
الحاضرون: نعم لا نحب أن نراه لكننا فهمنا اللغــز.
الصوت الغائب: أى لغز يا صغارى؟ ألم تخافوا بعد على كنائسكم وطوائفكم.
الحاضرون: اغرب عنا، هيا فلم يعد لك مكان بيننا، سئمنا صوتك سئمنا صوتك،
سننطلق، سننطلق، سننطلق، مصر تنادينا.
صوت صرخات غير معلومة المصدر، وسماع صيحات هتاف بالانتصار، بينما الشمس مشرقة تصاحبها رياح رائعة الدفء، أجل سوف تصير بذلك صورتنا، وتعلو مصر، وتعلو مصر.
