كريم عبد السلام: أنا شاعر المهمشين والضائعين

الأربعاء، 16 فبراير 2011 01:19 م
كريم عبد السلام: أنا شاعر المهمشين والضائعين الشاعر كريم عبد السلام
ملف وحوار عبد الرحمن مقلد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصدر الشاعر كريم عبدالسلام فى الأيام الأخيرة ديوان "كتاب الخبز"، والذى يعد الديوان الثامن بعد دواوين "استئناس الفراغ"، "بين رجفة وأخرى"، "باتجاه ليلنا الأصلى"، "فتاة وصبى فى المقابر"، "مريم المرحة"، "نائم فى الجوراسيك بارك"، و"قصائد حب الى ذئبة".. يعد كريم أحد أهم شعراء قصيدة النثر المصرية، كما أنها يعد أحد المشاركين فى رصدها، ومتابعتها، فهو صاحب مجلة "شعر" المصرية التى كانت تهتم بالقصيدة النثرية، كما أن له وجهة نظر مهمة فى المشهد الشعرى العربى والمصرى، برواده السابقين وأصحابه الحالين، لذا كان لنا معه هذا الحوار والملف عن تجربته الإبداعية، والذى سبق ونشر فى مجلة "الشعر" المصرية..

ـ نبدأ من تجربة ديوان "كتاب الخبز" الصادر لك حديثا عن دار العين، أنت تسمى رغيف الخبز بـ "القمر الساخن"، ماذا عن كتاب شعرى كامل عن الخبز؟
إجمالا لى علاقة خاصة مع رغيف الخبز، شأنى شأن جميع المصريين، وأظن أننا ننفرد بتلك العلاقة الخاصة بتقديس الخبز ومنحه مساحة كبيرة فى وجداننا وحياتنا، نحن من جعلناه، أى رغيف الخبز، علامة على الحياة، نقول عن العمل "أكل عيش"، ونقول عن العهد "عيش وملح"، وهو دليل الأمان بين المتشاحنين، إذا أكل خبزك فقد أمن على نفسه.

وفق هذه العلاقة المتينة والقديمة مع رغيف الخبز، النعمة ومعادل الحياة، أجدنى من وقت لآخر مأخوذاً بأحد تجلياته، حتى صار الخبز غرضا شعريا بالنسبة لى، كما صار تميمتى السرية للسعى والكدح فى حياة صعبة، وتكوّن لدىّ سياقُ لحالة شعرية رأيتها حتى قبل أن تكتمل بالقصائد التى تكونها، وعندما كتبت القصائد التى كنت أسعى إليها، دفعت الديوان للنشر، كما نشرت مقاطع من الديوان فى الصحف والمجلات.

نلاحظ اهتماماً بالغاً برصد حركة المجتمع فى مجمل أعمالك فى قصيدة "مريم المرحة" مثلا ترصد الفتنة الطائفية.. إلى أى مدى تكون حركة المجتمع محركاً للشاعر؟ ويكون الشعر والفن عموما مُوجهاً لبوصلة المجتمع؟
بالنسبة لى، الشاعر ليس فردا فى فراغ، ولكنه نقطة توتر وسط شبكة من العلاقات بين الماضى والحاضر، نظر ثاقب لجوهر هذه العلاقات وتناميها وتطرفها، وما يطرأ عليها من تغير، فهو يرى ما يحرك الإنسان تجاه مصيره، وهو فى كل الأحيان بالنسبة لى منحاز إلى الإنسان فى طموحه وأحلامه، وفى معاناته وأشواقه ولحظات عجزه أو تحققه أو عثوره على الحب، فى لحظاته القصوى تلك، اللحظات التى يتبدى فيها لدى الفرد حس بامتلاك العالم أو بفقدان العالم، وهى اللحظات التى يكون فيها على استعداد للاستشهاد أو التضحية، للتسامى أو الغضب العارم، غضب الثورات والدفاع عما يملك أو يعتقد.

فى هذا السياق تأتى قصيدة "مريم المرحة" باعتبارها قصة حب مستحيلة، قصة اكتشاف العالم وفقدانه بين مريم وحبيبها، لست معنيا بما يسمى بالفتنة الطائفية، فلم أكتب مقالا، لكنى كنت أتتبع تلك اللحظات التى اكتشف من خلالها مريم وحبيبها ذاتهما وكيف اختارا، وتحملا تبعة اختيارهما وبقى لنا نحن الكورس الواقفين فى منطقة بينية خارج وداخل التجربة، بقى لنا دم مريم ودم الحب المراق ودم التجربة المهرق علامة توضع إلى جوار علامات دامية أخرى على وعينا.

من مثل اللحظات التى صنعت جسرا بين مريم وحبيبها رغم اختلاف العقيدة ورغم تسلط المجتمع وعدم تسامحه، من مثل هذه اللحظات يمكن أن يوجد الشعر وأن يقف الشاعر مشيرا إلى الحلم المستحيل، وإلى التراجيديا المتكررة كل لحظة.

هناك ثمة تفاعل مع حالات متباينة، ففى المقابر تدور قصيدتك "إلى حياة مترامية"، وفى قصيدة "أنا نائم" تطوح فى الأحلام والكوابيس.. ألا تخشى من التباين فى الحالات من فرض عدة أنماط مختلفة لقصيدتك؟
لا أسميه تفاعلا مع الحالات، أسميه الإمساك بالعالم داخل القصيدة، أحاول الرجوع بصيد فى عملية مطاردة الصور والتفاصيل التى تكون العالم الذى أراه، والقصيدتين اللتين أشرت إليهما، هما، كل على حدة، جزء جوهرى من عالم زاخر بالصمت والحركة والتفاصيل والأصوات، كنت وأنا داخله مهووسا بألا يفلت منى شىء منه.

مسألة التباين فى الحالات والأنماط المختلفة للقصيدة، أمور ليست فى أولوياتى، ولا أفكر فيها، لتختلف القصائد والأعمال، ماذا فى ذلك؟ لتختلف أنماط القصيدة، بحسب تعبيرك، ماذا فى ذلك؟
ما أخشاه حقا، أن تكون القصيدة الموجودة فى كلمات ومساحات بيضاء، فى أصوات ولحظات صمت، أن تكون أقل من تلك التى عبرت بى وأعرف أنها موجودة بشكل كامل ونهائى.

كيف تطورت لغتك من بعض الغنائية فى أعمالك الأولى للغة المنزلية فى "قصائد حب إلى ذئبة" كما يسميها حسين بن حمزة إلى السرد الشعرى فى "كتاب الخبز"؟
- اللغة عدة الشاعر الأساسية ووسيلة تفكيره، العالم كله والخيال والصور والصوت والصمت، كلها تشكيلات توجد داخل الوعى اللغوى، وتوجد عبر اللغة، ومن هنا فما تراه من اختلاف أو تطور فى السبك اللغوى بالقصائد، إنما تعنى ما هو موجود بالضرورة من اختلاف الرؤية والتفكير والتصور من ديوان لآخر.

هل الاهتمام بالفئات المهمشة والأناس العاديين محاولة لاكتساب مقروئية للشعر، وخاصة قصيدة النثر فى وقت يعانى الشعر من فقدان الاهتمام به؟
الاهتمام بالفئات المهمشة والناس العاديين، جزء من الاختيار الشعرى، مقصود لذاته وليس لتحقيق هدف خارجه، تحقيق هدف خارج الشعر نوع من الاستخدام السياسى أرفضه بشدة وكتبت ضده فى أكثر من موضع، وهو يختلف عن اعتقاد الشاعر لفكرة أو توجه يملك عليه كيانه ويتقصى تجلياته.

أيضا، عالم المهمشين معروف جيدا بالنسبة لى، وأجده زاخرا باللحظات الإنسانية القصوى التى أعتبرها البدايات الخام للشعر، كما أجد فى هذا العالم التراجيديا التى هى المحرك الأول للشاعر وحجر الأساس للقصيدة كما أعرفها.

من ناحية أخرى، الشعر فى بلادنا أشبه بالنشاط السرى، وليس لى طموح نجوم الكرة ولا الممثلين فى الشهرة، كما أن الشعراء النجوم الذين احتضنتهم الأنظمة السياسية ليكونوا جسرا تعبر عليه إلى الجماهير، لم يعودوا نمطا فاعلا مطلوبا فى لحظتنا المعقدة تلك.

تفرض دائما الحارة أو الحى بنسائه ورجاله وأطفاله وكائناته ملامحها على كتابتك، وتختارها فى الأغلب مكاناً تُدَور فيه آلاتك الشعرية؟
لا أعرف إذا كان ذلك صحيحا، ولكن المهمشين والمعدمين والفقراء والمهاجرين والمقطوعين والمحتاجين والشحاذين والمجروحين والضائعين والصغار عموما فى المجتمع هم من أعرفهم وأسعى للاقتراب منهم، فلديهم بعضى وبعضهم لدىّ، ولا أعرف سواهم، وأنا أعرف أن الشاعر لابد له من جماعة إنسانية تمنحه المعرفة والزاد الروحى والمثير، وهؤلاء ناسى وجيرانى وأبطال التراجيديا التى أحيا بها وأستمد منها أبياتى.

"فى قصائد حب إلى ذئبة" ألا ترجعنا قصائد الديوان لما يعرف فى الأدب العربى بـ "الغزل الحسى" من خلال اهتمامك بجسد المرأة وفكرة المغامرات الجنسية المعروفة فى الأدب العربى عند عمرو بن أبى ربيعة مثلا؟
نعم الغزل الحسى له تراث كبير فى الشعر والنثر العربيين، لكن ديوان "قصائد حب إلى ذئبة" فى ظنى يختلف عن التراث المعهود من الغزل الحسى العربى، وحسب فهمى، هو صيغة معاصرة وحديثة من تقليب النظر فى العلاقة بين الرجل والمرأة، من ناحية أخرى هى تميمة ضد الفقدان، ومحاولة للقبض على لحظة الوصال ومنعها من التسرب من بين أصابعنا، وهى فى ظنى لحظة مغرقة فى مأساويتها، أن تدرك أن الوصال لحظة لا يمكن الاحتفاظ بها عبر الزمن، مثلما الحياة نفسها لحظات لا يمكن الاحتفاظ بها فى مواجهة الموت.

المأساة نفسها تتشابه فى العجز عن منع تسرب الوصال باتجاه الحزن، أو منع تسرب الحياة باتجاه الموت.

سألنى أحدهم سابقا عن منطق ذكورى داخل الديوان يجعل من جسد المرأة موضوعا للقصيدة، وكم دهشت من هذا الافتراض، فالديوان بعيد تماما عن فرح الصياد بطريدته فى الشبكة، ولكنه قريب من اكتشاف الكابتن آهاب لعجزه عن صيد الحوت الأبيض فى رائعة مليفل"موبى ديك"، والحوت الأبيض هنا هو الحب نفسه، هو محاولة تثبيت لحظة الحب لتصبح كل الزمن، اللحظة المقدسة التى يتلوها دائما حزن فقدانها .

الدراما من أهم ملامح شعريتك، هناك ميل شديد للحكى، وتكوين ملامح الحكاية أو (الحدوتة) التى تطرزها بعد ذلك بتصويرك؟
- نعم لديك حق، فأنا مولع بالقصيدة الدرامية، والقصيدة ولدت من رحم الدراما أصلا وستظل وثيقة الصلة بها، وبالنسبة لى فالدراما مرتبطة بالسماح للآخرين بالدخول إلى قصيدتى، وتسجيل لحظاتهم القصوى، لأنى لا أعتقد أن القصيدة هى مجرد صيغة للحديث عن معاناة ذاتية، ولكنها لحظة كشف عبر الكلمات.

فى وجهة نظرك، كيف تحقق القصيدة مقروئيتها من جديد؟
حتى تحقق القصيدة مقروئيتها من جديد، لابد أن نعرف أولا أسباب تراجع مقروئيتها، فى وقت سابق كانت التسلية المتاحة لتلاميذ المرحلة الإعدادية والثانوية هى القراءة وقراءة الشعر على وجه الخصوص، كما كانت وسيلة التميز بين طلاب هذه المراحل العمرية المبكرة هو التميز الثقافى، من خلال التحصيل والكتابة التى كانت تنحصر بين الشعر والقصص، حيث كان الإبداع مرتبطا بالبروز الأول للشخصية.

عملية التكوين الثقافى هذه كانت تتم فى مناخ تعليمى قوى، يستطيع أن يمنح الطالب حتى المرحلة الثانوية زادا ثقافيا وأساسا معرفيا يكفيانه لأن يختار طريقه بقية حياته، الآن اختلفت وسائل التسلية وتشعبت فى طرق كثيرة لكنها كلها بعيدا عن الثقافة الأدبية، كما لم يعد التميز الثقافى هو طريق التميز بين الطلاب فى مطلع الشباب، لدينا الملابس والسيارات والمخدرات والعلاقات الجنسية، كما أصبح الشعر صورة كاريكاتورية لا تجلب إلا سخرية الشباب البليد، الذى حول مطلع قصيدة امرئ القيس إلى مونولوج غنائى مبتذل.

أما عن المناخ التعليمى فحدث ولا حرج، لم يعد قويا ولا ثريا، ولا حتى قادرا على نزع غشاوات الجهل عن عيون التلاميذ، فهناك طلاب ليسوا قليلين فى المرحلة الثانوية، لا يستطيعون أن يكتبوا خمس جمل عربية دون الوقوع فى أخطاء إملائية ونحوية كارثية، الأغلبية الكاسحة من الطلاب جاهلة بالمعنى الحرفى، فكيف تطلب منهم أن يقتربوا من الثقافة أو أن يكونوا من جمهور الشعر؟
إذن، لا يمكن أن تحقق القصيدة مقروئيتها دون أن تزول الأعراض المرضية التى تحول بين التعليم والثقافة وبين ثلاثة أجيال على الأقل.

كيف تقرأ المشهد الشعرى العربى والمصرى الآنى؟
المشهد الشعرى زاخر بالعديد من التجارب، والتى يعوقها عدم التواصل بين الشعراء والقيود المفروضة على حركة الكتاب العربى، فى كل معرض عربى هناك قائمة بالكتب الممنوعة.. والشعر عادة له نصيب كبير من هذا المنع.. ما عوض هذا النقص فى التواصل نسبيا الفضاء الإلكترونى الذى سمح لكثير من الأصوات الشعرية العربية من أجيال مختلفة بأن تتعرف على بعضها البعض على البعد دون حتى إمكانية اللقاء المباشر، وفى هذا كثير من العزاء بأن القصيدة التى يمكن نشرها بشكل من الأشكال على هذا الموقع أو ذاك تنال حظها من القراءة والتفاعل.

أما ن المشهد الشعرى المصرى فيشهد حركة عارمة فى العقدين الماضيين، وبرزت أسماء قدمت تجارب منفردة جديدة فى القصيدة العربية، ولكن مع تراجع الوسائط التى حملت هذه الحركة مثل مجلات "الكتابة الأخرى" و"الجراد" و"شعر" وهذا أدى على ما يشبه قطع التواصل بين جيل ثورة قصيدة النثر المصرية وما تلاه من الشعراء الطالعين.. وهو أمر يكمن التغلب عليه فى نظرى بإيجاد منابر للنشر الورقى والإلكترونى تؤكد على التواصل بين الأصوات الجديدة فى الشعر المصرى.

أنت متابع ومشارك مهم لحركة قصيدة النثر المصرية.. ماذا عن البداية والتطور والانفجار؟
لدى وجهة نظر فى مسار هذه الحركة يختلف تماما على ما يروج له النقاد المدرسيون من أن قصيدة النثر ولدت من رحم معارضة القصيدة الموزونة العامودية أو التفعلية على يدى حسين عفيف وأربابه من الشعراء.. ما كتبه حسين عفيف لا يعدو أن يكون قصائد رومانسية عامودية وإن كانت تتخفف من العروض الخليلى.. ولم تضف شيئا إلى المفاهيم الجمالية للقصيدة عكس ما فعله بدر الديب أو لويس عوض فى تجاربه القليلة المنشورة فى ديوانه "بلوتلاند وقصائد أخرى" وبشر فارس فى مشاهده المسرحية المكثفة وإبراهيم شكر الله فى عمله الشعرى.. هؤلاء فى نظرى هم مؤسسو الوعى الجمالى لقصيدة النثر المصرية لكنهم لم يكتب لهم التأثير بفعل الاستخدام السياسى للقصيدة الذى تم على نطاق واسع بعد ثورة يوليو، الأمر الذى أحدث ما يشبه القطيعة بإمكانية تطور هذه النماذج، ودفع بالشعر المصرى كله إلى نفق الديماجوجية السياسية والتغنى بأهداف القومية العربية، ولم ينجُ من هذا الاختطاف سوى عدد قليل من الشعراء الذين استطاعت موهبتهم الكبيرة أن تحمل المحتوى السياسى إلى ذروة جمالية باقية.

فى السبعينات كنا على موعد مع تجربة جديدة أخرى لم تكتمل بدأها عزت عامر فى ديوانه "مدخل إلى الحدائق الطاغورية" وديوان حلمى سالم "دهاليزى والصيف ذو الوطء" لخلخلة البناء اللغوى العربى الصياغة ومحاولات محمد عيد إبراهيم.. هذه الموجة بدورها تراجعت فلم يستكمل عزت عامر تجربته بالتطوير، ولم يمض حلمى فى اتجاه ديوانه "دهاليزى" وإن قدم لنا تجارب متنوعة قادرة على إدهاشنا، كما ظل محمد عيد إبراهيم مراوحا بين أفكاره العنيفة لتفجير العبارة العربية وبين إيجاد قناة للتواصل.

بعد سنوات قليلة من السبعينيات تخلص أحمد طه من ارتباكاته الصوفية، وبدأ فى إنتاج قصيدة نثر رائقة مهدت بدورها لانفجار موجة قصيدة النثر المصرية المتأخر التى بدأت مع أواخر عقد الثمانينيات وما زالت تعد بالكثير لكنه مقل وغير مهتم بتأكيد تجربته، وفى الوقت نفسه رحل محمد صالح عن تجربة مرهفة فى نصفها الثانى لم يمهله العمر لتعميقها .

من الذين يمكن أن نطلق عليهم أشقاؤك فى التجربة الشعرية؟
هناك تجارب أتتبعها وأتتبع أصحابها منهم عباس بيضون وأمجد ناصر ويوسف بزى وأتوقف طويلا عند الراحل بسام حجار، وفى سوريا أقدر الراحل رياض الصالح الحسين وأتتبع بندر عبد الحميد ومنذر مصرى ولقمان ديركى ونزيه أبو عفش.. وفى التجارب المصرية هناك الكثير من الأسماء التى قدمت أعمالا لافتة، لكنى أتوقف إجمالاً أمام كل قصيدة جديدة وجيدة تفتح أفقا أو تشير إلى خبرة، لقد أصبحنا فى أمس الحاجة إلى جملة شعرية تبقى فى أذهاننا بعدما ننتهى من قراءة ما ينشر حولنا من شعر وهو كثير.

وماذا عن تجربة "شعر" ولماذا لم تكتمل؟
تجربة مجلة شعر حلم مازال مفتوحا، فالأعداد التى صدرت منها تسعى للبحث عن آفاق قصيدة النثر من خلال الينابيع التى تمد القصيدة بنسغها الحى، كما تنفتح على التجارب العربية الجديدة، خصوصا فى الأطراف، وهو مشروع مازال قائما رغم توقفه مرحليا.

قلت سابقا أنت تعتمد تجربة "شعر" البيروتية مرجعا لك عند إصدارك "شعر" القاهرية؟
أذكر أننى كتبت فى افتتاحية العدد الأول من مجلة شعر القاهرية، أننا نعتمد "شعر 1957" مرجعية وسلفا قريبا صالحا للحوار، وأراها بالتأكيد تجربة مفصلية فى تطور الشعر العربى، من خلال النموذج الذى كانت تعتمده، إعلاء التجريب وتجاور النصوص والانفتاح على التجارب الشعرية العالمية الحديثة، وفتح الباب أمام كتاب شباب ليعبروا بالنصوص والكتابات النقدية عن روح جديدة لعصر جديد، باختصار " شعر 1957" كانت مشروعا لنهضة ثقافية وإبداعية، وهذه ميزتها الأولى، وأرى أننا الآن فى أمس الحاجة لروح هذه النهضة.

يبدو أن لك غراما خاصا ببيروت حيث أصدرت 3دواوين هناك؟
أصدرت فى بيروت 3 كتب نعم فى بيروت من خلال دار الجديد فقط، لأنى تعرفت على ناشرة فريدة هى رشا الأمير، فلم أنشر كتبا فى بيروت سوى فى هذه الدار التى تشكل فى نظرى حالة استثنائية فى احتضان الشعر خاصة والإبداع عامة

ولأنها دار الجديد، ولأن الروائية رشا الأمير تقوم بها، يصبح النشر تحت اسمها تجربة فريدة من المناقشات والنظر فى النص والمشاركة فى التفاصيل، بحيث يصبح للناشر دوره كشريك فى تجربة إبداعية تخرج للقارئ بأبهى حلة ممكنة .

من هنا أعتبر أن نشر كتاب ببيروت يعنى أن أنشره فى دار الجديد، وبعناية ونظر رشا الأمير.

وتجربة عملك فى "سطور" و"القاهرة" واليوم السابع كيف ترى الصحافة الأدبية؟
تجربة عملى فى الصحافة الأدبية هى من جانب عمل محض، ومن جانب آخر ساعدت على بلورة الكثير من الأسئلة حول قضايا ثقافية وإبداعية وفكرية كانت عالقة طويلا، من خلال طرح الأسئلة بشأنها ومحاولة اقتراح الإجابات فى ملفات وندوات وموائد مستديرة، العمل فى الصحافة الأدبية يمكن أن يكون وسيلة للمتابعة، واختبار مقولاتك بشكل دائم.


موضوعات متعلقة..

"كتاب الخبز" ديوان جديد لكريم عبدالسلام
كريم عبد السلام يكتب قصيدة جديدة: 25 يناير
" باتجاه ليلنا الأصلى" .. حركة شاعر في صندوق الدنيا
أسامة عرابى يكتب: قصائد حب إلى ذئبة.. الجسد إيقاع للحياة.. وفضاء حر للحب
الشاعر حلمى سالم يكتب: "فتاة وصبى فى المقابر" .. المستقبل على هيئة شاحنة
د. اعتدال عثمان تكتب: "بين رجفة وأخرى".. ومضة فى ظلام غير دامس
كريم عبد السلام: خيط ٌرفيعٌ من العذاب .."مختارات"





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة