تحية إلى هؤلاء الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم ليعيش بقية الشعب حراً، تحية إجلال وتعظيم إلى من سالت دماؤهم فى أرض التحرير، فلا معنى للحرية ولا طعم لها دون هؤلاء، لذا أناشد القوات المسلحة بأن يعامل هؤلاء الشهداء كأبطال حرب، لأنهم استطاعوا أن يحولوا مسار تاريخ البلد للأمام.
نعم.. استطاع شباب الثورة أن يسقطوا النظام، استطاعوا أن يسقطوا أكبر عميل فى منطقة الشرق الأوسط، لكن إذا كان سهلاً إسقاط نظام بأكمله اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً لتعيش الشعوب فى حالة من الحرية لم نعهدها من قبل، فإنه من الصعب أن تغير ثقافة شعب ظلت حوالى 30 سنة أصبح فيها الفاسد صالحا وأصبح الصالح أصبح غريباً، والدنيا كانت "ماشية بضهرها".
عزيزى القارئ أدرك أنك الآن ترمينى بالعمالة وأننى من بقايا النظام السابق ويجب أن أمحى من على وجه خريطة مصر، وتطالب أن أحاكم عسكرياً وتجمد أرصدتى .....إلخ، لكن صديقى أنا مع الثورة تماما وكنت واحدا من المشاركين فيها.. لكن من السهل أن تهدم مصنعا لكن من الصعب أن تبنيه.
صدقنى أن النظام السابق خلف وراءه ثقافة متخلفة بناها على مدار ثلاثين عاما كرس لها كافة الوسائل الإعلام والاقتصاد والثقافة... فهل تستطيع أن تزيل هذه الثقافة مابين ليلة وضحاها. أعتقد أننا نحتاج إلى سنين كثيرة لكى نبيد هذه الثقافة المتخلفة التى فاح عفنها.
هل تصدق أننا نستطيع بين طرفة عين وانتباهتا أن يصحو الضمير الذى أهملناه وجنبناه فى حياتنا ووضعناه حبيس الأدراج ولا نتذكره وكأن شيئاً لم يكن، وأصبحنا نسير أمورنا بـ"الفهلوة" و"مشى حالك"، هل تظن أن يستيقظ ضمير موظف الحكومة ذى 300 جنيه ولا يأخذ الرشوة فجأة، وإذا لم يأخذها هل سيقبل العيش بالـ 300 جنيه.. هنا نحن فى دائرة مغلق؟.
هل تصدق مع تدنى التعليم فى مصر أن نزيل "ثقافة الصراع" التى لا يتحمل مواطن أخاه فى مناقشة يومية عادية وتستمع "حوار الطرشان"، هل توجد ثقافة الاختلاف وتقبل الرأى الآخر ومعرفة آداب الخلاف؟.. بالطبع لا.
هل تصدق أننا فى غمضة نستطيع ألا نرى الناس يقفزون فوق ماكينة تذاكر المترو، أو يدخلون من باب الخروج، أو هل تصدق أنه لن يوجد من يقطع بسيارته عليك أثناء قيادتك، أو حتى يقطع إشارة، هل تصدق أننا سنترك بسهولة ثقافة الشائعات التى أصبحنا تربة خصبة لأى شائعة وهى سمة نتسم بها بين مجتمعات العالم؟! وهل تصدق أنه بسقوط النظام قد أسقط المواطن أو البائع "ثقافة الفصال" عند شراء البضائع؟! بالطبع الأمر يحتاج لسنوات.
هل تصدق أننا سنطبق فجأة ثقافة النظام وتصبح السمة العامة لمجتمعنا.. أذكر أن أستاذى فى الجامعة قال لنا ذات مرة إنه عندما ذهب إلى ألمانيا أراد أن يركب المترو، وعندما جاء رمى حقيبته داخل عربة القطار أولا ثم ركب، لأنه تصرف وفقا لما كان معمولا به فى مترو القاهرة، فنظر الألمان له باستغراب، ووقف مطأطئ الرأس خجلا لما فعله، لأنه أدرك بعدها أنه توجد إشارة يرفعها عامل المترو ليعلم السائق أن الركاب جميعا ركبوا، ليبدأ فى غلق الأبواب وينصرف.. هل تصدق أن هذا سيحدث هنا فجأة؟
أعتقد أن الآن فقط بدأنا الثورة الحقيقة يوم الحادى عشر من فبراير، فمخطئ أنه بسقوط النظام تمت إعادة بناء الدولة وأصبحنا من الدول المتقدمة ومن الدول النووية، أعود فأكرر أننى مع الثورة ولست متشائماً، ولكن كل ما نريد أن نبدأ به فى الفترة القادمة هو التعليم الذى سيكون بمثابة التغيير الحقيقى الذى سيأخذنا للتغيير الحقيقى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة