د. خميس الهلباوى

وماذا بعد سنوات الذل؟

الثلاثاء، 15 فبراير 2011 06:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إنه حلم جميل حتى الآن.. بدأ الكابوس يتحول إلى حلم تقريبا يوم 13 يناير سنة 2011، وأصبح حقيقة جميلة فى 11 فبراير سنة 2011 وكان قبل ذلك كابوسا ثقيلاً، عانيت منه أنا شخصيا مع أسرتى، قبل وبعد عهد مبارك، كما عانى منه الكثير ممن يبحثون عن الشفافية فى أعمالهم، وفى سلوكهم اليومى.

ولا عجب فقد كان النظام "السابق"، يرفض شرفاء مصر ويستعين بالمشبوهين ممن يخرقون القوانين، ويبحثون عن المال الحرام، ويلوث الشرفاء من أبناء هذا الوطن، لقد كنت شخصيا أحد رجال الصناعة الشرفاء فى مدينة العاشر من رمضان منذ سنة 1982حيث كانت أحلامنا جميعا تنحصر فى إنشاء صناعات جديدة بتكنولوجيا تواكب تكنولوجيا العصر، واستعنت بشركة عالمية لنقل أحدث طرق الإنتاج والماكينات، مع تدريب العمالة الجديدة فكان أول مصنع ينتج من الجينز إنتاجاً عالميا بشهادة المستندات الخاصة بالتصدير إلى ألمانيا الغربية وهى السوق المتميزة التى لا تقبل غير أجود منتجات العالم.

وفى أول زيارة للرئيس السابق لأحد معارضنا أعجب بإنتاجنا إعجابا شديدا مما دفعنى إلى إهدائه مجموعة من منتجاتنا، وكان يتكرر هذا كل موسم جديد.

كان المناخ العام فى ذلك الوقت وطنيا بدرجة كنا نعتز بها وكان الرئيس السابق مازال نقيا ولم تتلوث آذانه ولا سلوكه بعد، وكنت أحتل مركزا مرموقا فى جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، وكانت تأتى التوجيهات بالاستمرار بعدم السماح للفساد بالتسرب إلى صفوف المستثمرين ورجال أعمال العاشر من رمضان، فماذا حدث؟

بمجىء عام 1995 كان يتجمع حول الرئيس السابق الفاسدين من رجال الأعمال من العاشر ومن 6 أكتوبر الذين غرقت مصانعهم فى ديون البنوك بالرغم من حظر استيراد منتجات بعضهم بغية تحكمه فى الأسعار، وفى السوق المصرى!!..لدرجة أنه كان يأمر بجمعهم وتحذيرهم من الانحراف والفساد، ولدينا من القصص ما يكفى لبرهان ذلك وبدأت حرب خفية لتشويه سمعتى من الفاسدين من رجال الأعمال زملائى فى الجمعية، بغير سبب سوى أننى كنت أمنعهم من التحكم فى الجمعية لإفسادها، وكان الرئيس السابق من الشفافية بحيث كانوا يخشون إيذائى.

بقدوم عام 1975 استطاع رجال السوء من رجال الأعمال بالعاشر وأسماؤهم معروفة للجميع، أن يقتربوا من الرئيس السابق عن طريق نجله جمال مبارك، وحدث التزاوج بينهم ولم ألاحظه مع الأسف معتقدا فى شفافية لم توجد إلا فى مخيلتى لنظام يستخدمنى بحكم موقعى أمين عام جمعية المستثمرين بالعاشر من رمضان فى إحداث الاستقرار والشفافية فى العاشر من رمضان.

وسيطر رجال الأعمال الفاسدين على الرئيس وعلى النظام، وأعتقد أنه كان من أسباب استطاعة رجال الأعمال السيطرة على النظام السياسى الحاكم، هو طمع مبارك فى إشراك جمال مبارك وتوريثه الحكم، عندما أدخله والده فى النظام السياسى بتعيينه رئيسا للجنة السياسات بالحزب المزور، وقد ابتعدت عن السياسة بمجرد علمى بأن السيد جمال مبارك قد شكل ما يسمى "جمعية المستقبل"، وكان من مظاهرة أن نجلى حازم الهلباوى توجه للانضمام لهذا التنظيم طلبوا منه تبرعاً بمليون جنيه مصرى وهو ما جعله يحجم عن الاشتراك فى مثل هذه التنظيمات المشبوهة، حيث ان من مبادئنا أن من يدفع مبالغ كبيرة كهبه أو رشوة "دون مقابل" يجب لابد له أن يكون مستعدا للنصب على البنوك.

وحدث أن كلفنى النظام قبل ذلك بإقامة وإنشاء أمانة للحزب الوطنى فى العاشر من رمضان ووعدنى بأن أكون أمينا لذلك، ولكن بعد أن نجحت فى إنشاء تلك الأمانة بكوادرها بشفافية كاملة، فوجئت بأن طلبوا منى ترك أمانة الحزب بالعاشر للسيد محمد أبو العينين بحجة أنه عضو مجلس الشعب عن دائرة المهندسين بالقاهرة، بعدها شعرت بأن المسألة ليس لها علاقة بالشفافية وخدمة الوطن، لذلك فضلت الابتعاد عن الفساد وعن هذا الحزب وسافرت إلى الولايات المتحدة واستكملت دراساتى الإدارية وحصلت على شهادة الماجستير فى إدارة الأعمال كما حصلت على الدكتوراه الفخرية فى نفس المجال، وعندما عدت إلى مصر فى سنة 2004 ووجدت الحال مقلوبا.

فقد وجدت مبارك مختلفا، مثل الأسد العجوز وبه من الأمراض ما غير صفاته الشخصية تماماً، ووجدت جمال مبارك يتحكم فى كل شىء مع صغر سنه وسقوطه بين ثعالب البيزينس، وتوالت أحداث ضعف مبارك وقوة زوجته وابنه وهو فى السلطة يرهب الشعب بمجرد كونه موجودا ولو بالصورة على رأس سدة الحكم بالرغم من أن من يحكم فعليا كانت فى ذلك الوقت أسرته.

ووجدت الفساد ينخر فى عظام الكيان الحكومى والإدارى وبعض رجال العمال فوجدت رجال العمال يدفعون مائة جنيه قيمة صوت الناخب فى الانتخابات النيابية ومجلس الشورى، وجدت استيلاء رجال الهمال على الأراضى بالحملة فى جنوب السويس وفى الساحل الشمالى وفى مرسى علم، بالرشاوى، واستطاع أحدهم بعد ضبطه أن يلغى الاتهام بادعاء أن مبالغ الرشوة لاتخصه.

ومازال الفساد موجوداً فى وجود رجال الأعمال الذين تزاوجوا مع السلطة، وفى الجمارك وفى الجهات الرقابية التى تتهم الأبرياء وتترك المتهمين الحقيقيين المقربين لأسرة الرئيس، فماذا ستفعل ثورة الشباب فى الجهاز الحكومى والرقابى ورجال العمال الفاسدين، إن أموال البنوك مازالت فى أيديهم وسيفسدون أى نقاء وطهارة وشفافية طالما ظل الفقر يطارد الموظفيين العموميين.

إن الثورة الجديدة تحتاج إلى قرارات ثورية وسريعة لاجتثاث رؤوس الفساد والإفساد من تزاوج السلطة مع رأس المال، ولا يجب أن نقول أننا نجحنا قبل تطهير انفسنا من الفساد الذى يتحكم فى كل شىء.

ونجد الكثير من جهات المجتمع الفنى الفاسدة التى كانت تساهد الفساد تحاول اليوم أن تتصل بالقنوات الفضائية لتتبرأ من النظام السابق، فى محاولة للالتفاف على الثورة فهل ستنجح؟.

عندما قامت ثورة الشباب "شباب مصر البطل" لم أكن أصدق فى نجاحها أمام رئيس سابق عنيد. ولكن عزيمة شباب شعب مصر أدت إلى انضمام جميع فئات وأطياف الشعب المصرى، ثم كان ماحدث حيث نجح تصميم الشباب وانضمام باقى فئات الشعب إليهم فى جميع المحافظات، وكان مفخرة لكل مصري، وتذكرت أيام أن كنت أسافر إلى اوروبا قبل الثورة أو قبل نكسة 1967 وكنت أقابل بترحيب من جميع الشعوب، وتذكرت عندما زرت النمسا سنة 1968 وهاجمنى أحد اليهود فى محطة القطار واتهمنى بأننى مصرى جبان.

ولكننى بعد أن تذكرت هذا ورأيت شباب مصر وأبنائى ينجحون فى ثورتهم، شعرت بروحى تعود إلى جسدى وامتلأت فخرا بشعب مصر وتأكدت أنه كان كابوس منذ يوليو 1952 وحتى 11 فبراير سنة 2011 الذى عبر عن حقيقتى كمواطن من شعب مصر العظيم.

شكرا شباب مصر وهنيئا ياشعب مصر على النصر العظيم
إذا الشعب يوما اراد الحياة..... فلا بد لأن يستجيب القــــدر
ولا بد لليل أن ينجــــلى .... ولا بـــد للقيـــد أن ينكسر.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة