محمد حمدى

عفوًا يا شباب الثورة: القراءة أولا

الثلاثاء، 15 فبراير 2011 12:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرأت بتمعن شديد المطالب التى حملها "مجلس قيادة الثورة الشبابية" إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة "الحاكم"، وبها الكثير من الأمور التى لا يختلف عليها أحد، بل تكاد تكون هى مطالب الحركة الوطنية المصرية على امتداد تاريخها الحديث، ولم تخرج كثيرًا عما يكتبه كتاب الرأى فى "اليوم السابع" وغيرها من الصحف المصرية مثل: حرية تكوين الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدنى، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة، وعودة الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات، وحتى حل المجالس المحلية وتعديل قانون المحليات لمنح المجالس المحلية سلطات واسعة تمكنها من رقابة ومساءلة المسئولين المحليين.. إلخ.

لكن ما لا أستصيغه من مطالب الشباب، وهو ما سبق وردده بعض القوى السياسية من الحاجة إلى إلغاء الدستور وكتابة دستور جديد، وقد استمعت لأحد الشباب أمس على قناة الجزيرة وهو يقول لقد قمنا بالثورة وأسقطنا الدستور لذا على المجلس العسكرى إلغاء الدستور وليس تعطيله، والشروع فى كتابة دستور جديد.

وأعود هنا إلى تصريح سابق قاله المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض، وأحد الشخصيات الوطنية المحترمة المشهود لها بالنزاهة، قال فيه إن الدستور المصرى يحتاج إلى تعديل 22 مادة فقط، والبعض رأى أنها قد تزيد أو تقل.

أنا شخصيًا أعتقد أن على من يطلقون على أنفسهم "مجلس قيادة الثورة" قراءة الدستور أولا، ثم الجلوس مع عدد من فقهاء القانون الدستورى ليشرحوا ما فى الدستورى المصرى لهم، رغم أن الدستور، وكل الدساتير فى العالم مكتوبة بلغة بسيطة جدًا يفترض أن يفهمها المواطن العادى.

وأعتقد أنهم لو فعلوا ذلك لعرفوا أن معظم مواد الدستور المصرى عظيمة جدًا وتكاد تضعها فى مصاف أكثر الدساتير تقدمية واحترامًا لحقوق الإنسان، وللتوضيح فقط يتكون الدستور من سبعة أبواب وينقسم إلى 211 مادة، وأنا شخصيًا أعتقد أن الفصول الخمسة الأولى التى تتكون من 72 مادة فى غاية الرقى والتحضر وتمنح المواطنين الحريات العامة الأصيلة كما جاء فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وغيره من المواثيق الدولية.

وإذا أخذنا مثلاً الباب الأول المخصص للدولة الذى يتكون من خمس مواد سنجد: المادة الثالثة تقول: السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين فى الدستور.

وتقول المادة الرابعة: يقوم الاقتصاد فى جمهورية مصر العربية على تنمية النشاط الاقتصادى والعدالة الاجتماعية وكفالة الأشكال المختلفة للملكية، والحفاظ على حقوق العمال.

وتقول المادة الثامنة: تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين.

وتقول المادة (13):العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة، ويكون العاملون الممتازون محل تقدير الدولة والمجتمع.. ولا يجوز فرض أى عمل جبراً على المواطنين إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل عادل.

وتنص المادة (14) على: الوظائف العامة حق للمواطنين، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة حمايتهم وقيامهم بأداء واجباتهم فى رعاية مصالح الشعب، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبى إلا فى الأحوال التى يحددها القانون.

وتقول المادة (17): تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعى والصحى، ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعاً، وذلك وفقًا للقانون.

وتقول: المادة (18) التعليم حق تكفله الدولة، وهو إلزامى فى المرحلة الابتدائية، وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى.. وتشرف على التعليم كله، وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمى، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج.

وتقول: المادة (20) التعليم فى مؤسسات الدولة التعليمية مجانى فى مراحله المختلفة.

وإذا دخلنا إلى باب الحريات والحقوق والواجبات العامة سنجد التالى:

المادة (40) المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.

المادة (41) الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقًا لأحكام القانون. ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطى.

المادة (42) كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأى قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، كما لا يجوز حجزه أو حبسه فى غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون.. وكل قول يثبت أنه صدر من مواطن تحت وطأة شىء مما تقدم أو التهديد بشىء منه يهدر ولا يعول عليه.

المادة (43) لا يجوز إجراء أى تجربة طبية أو علمية على أى إنسان بغير رضائه الحر.

المادة (44) للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقًا لأحكام القانون.

المادة (45) لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون.. وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة ووفقًا لأحكام القانون.

المادة (46) تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية.

المادة (47) حرية الرأى مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون، والنقد الذاتى والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطنى.

المادة (48) حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة، والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإدارى محظور، ويجوز استثناء فى حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة فى الأمور التى تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومى، وذلك كله وفقًا للقانون.

المادة (49) تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمى والإبداع الأدبى والفنى والثقافى، وتوفر وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك.

المادة (50) لا يجوز أن تحظر على أى مواطن الإقامة فى جهة معينة ولا أن يلزم بالإقامة فى مكان معين إلا فى الأحوال المبينة فى القانون.

المادة (51) لا يجوز إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها.

المادة (52) للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج، وينظم القانون هذا الحق وإجراءات وشروط الهجرة ومغادرة البلاد.

المادة (53) تمنح الدولة حق الالتجاء السياسى لكل أجنبى اضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو السلام أو العدالة.. وتسليم اللاجئين السياسيين محظور.

المادة (54) للمواطنين حق الاجتماع الخاص فى هدوء غير حاملين سلاحاً ودون حاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة، والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة فى حدود القانون.

المادة (55) للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين فى القانون، ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معادياً لنظام المجتمع أو سرياً أو ذا طابع عسكرى.

المادة (56) إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية.. وينظم القانون مساهمة النقابات والاتحادات فـى تنفـيذ الخطط والبرامج الاجتماعية، وفى رفع مستوى الكفاية بين أعضائها وحماية أموالها.. وهى ملزمة بمساءلة أعضائها عن سلوكهم فـى ممارسة نشاطهم وفق مواثيق شرف أخلاقية، وبالدفاع عن الحقوق والحريات المقررة قانوناً لأعضائها.

المادة (57) كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء.

المادة (58) الدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس، والتجنيد إجبارى وفقا للقانون.

المادة (59) حماية البيئة واجب وطنى، وينظم القانون التدابير اللازمة للحفاظ على البيئة الصالحة.

المادة (60) الحفاظ على الوحدة الوطنية وصيانة أسرار الدولة واجب على كل مواطن.

المادة (61) أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقًا للقانون.

المادة (62) للمواطن حق الانتخاب وإبداء الرأى فـى الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون، ومساهمته فـى الحياة العامة واجب وطنى، وينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى، وفقًا لأى نظام انتخابى يحدده.. ويجوز أن يأخذ القانون بنظام يجمع بين النظام الفردى ونظام القوائم الحزبية بأية نسبة بينهما يحددها، كما يجوز أن يتضمن حدًا أدنى لمشاركة المرأة فـى المجلسين.

المادة (63) لكل فرد حق مخاطبة السلطات العامة كتابة وبتوقيعه، ولا تكون مخاطبة السلطات العامة باسم الجماعات إلا للهيئات النظامية والأشخاص الاعتبارية.

وفى الباب الرابع الخاص بسيادة القانون نجد التالى:

المادة (64) سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة.

المادة (65) تخضع الدولة للقانون، واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات.

المادة (66) العقوبة شخصية.. ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون.

المادة (67) المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه.. وكل متهم فى جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه.

المادة (68) التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا.. ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء.

المادة (69) حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول، ويكفل القانون لغير القادرين مالياً وسائل الالتجاء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم.

المادة (70) لا تقام الدعوى الجنائية إلا بأمر من جهة قضائية، فيما عدا الأحوال التى يحددها القانون.

المادة (71) يبلغ كل من يقبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض عليه أو اعتقاله فوراً، ويكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع أو الاستعانة به على الوجه الذى ينظمه القانون، ويجب إعلانه على وجه السرعة بالتهم الموجهة إليه، وله ولغيره التظلم أمام القضاء من الإجراء الذى قيد حريته الشخصية، وينظم القانون حق التظلم بما يكفل الفصل فيه خلال مدة محددة، وإلا وجب الإفراج حتماً.

المادة (72) تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب، ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له فى هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة.

هذه بعض مواد الدستور من الأبواب الخمسة الأولى، والتى تعلى الحقوق والواجبات، بشكل يكاد يتفوق على دساتير عالمية فى أعتى الدول الديمقراطية، صحيح أن لدينا مشاكل فى المواد الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية وصلاحياته، وفى الفصل بين السلطات، وفى الإشراف على الانتخابات العامة، لكن فى النهاية معظم مواد دستور 71 فى غاية الأهمية.. المشكلة أنها لا تحترم ولا تنفذ.

لذلك أدعو شباب الثورة أن يقرأوا أولا قبل أن يصدروا بيانات، وليس مفروضًا حين تندلع ثورة شعبية فى أى مكان أن تتعامل بطريقة انسف حمامك القديم، وإنما تعمل على إصلاح الفاسد، وإعادة بناء ما تهدم، وليس التخلص من كل القائم لأن ذلك سيؤدى إلى المزيد من الفوضى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة