لكل حاكم ظالم جلاّد، وظيفته الأولى البطش والتعذيب وإراقة دماء الأبرياء، يضع له الحاكم فى يديه من الأدوات، ما يمكّنه من القيام بوظيفته بكفاءة، من آلات التعذيب المختلفة، والمعتقلات المجهّزة لاستقبال كل من تسوّل له نفسه تحدى جبروت الحاكم وسلطانه.
ولكن حبيب العادلى، جلاّد الثورة، كانت أدواته مختلفة عن أى جلاّد آخر نعرفه، فكان فى يديه قانون يسمح له بذلك، وهو { قانون الطوارئ}، فكان بواسطة هذا القانون يحبس ويعذّب ويقتل دون أى محاسبة قانونية تدينه، وكان لديهِ ميليشات من البلطجية والمسجلين خطر، يستغلهم فى الانتخابات وعند الحاجة إليهم، وكان بعض رجاله من الضباط الكبار يعيدون بيع المخدرات بعد تحريزها فى القضايا أو مساومة المقبوض عليهم وابتزازهم.
أما العساكر والمخبرون وأمناء الشرطة، فأغلبهم ولا أعممّ، متطفلين على خلق الله، وأنوفهم فى السماء، وأيديهم وأرجلهم تتحدث قبل أن يتحدث لسانهم، وذمتهم أوسع من ميدان التحرير وميادين مصر كلها، كانت منظومة الداخلية فى عهد العادلى أكثر إجراماً وفساداً عن أى منظومة سبقته.
وكان العادلى ورجاله المسمار الأول فى نعش النظام، فقد بدأ التحرك الشعبى بقضية خالد سعيد أحد ضحايا عجول الشرطة الذين رفسّوه، وانتهى النظام عندما أمطر عساكره وضباطه المتظاهرين بالرصاص الحى والمطاطى والقنابل المسيلة للدموع، ليلهب ثورة الشباب بدل من إخمادها.
وما بينهما، كنيسة القديسين، اللغز المحيّر، ولمصلحة من تخطط الداخلية لحادث كهذا، كاد أن يوقع الفرقة والبغضاء والمشاحنة بين المسلمين والمسيحيين فى هذا الوطن.
وأين نصف الوجه المشهور، الذى نشر فى جميع الجرائد ثم لم يتحدث عنه أحد بعد ذلك، لقد ظهر أنه نصف الوجه الآخر لحبيب العادلى ومن ورائه، وظهر أن العادلى أحد ثلاثة أضلاع فى مثلث مشبوه، قاعدته جمال مبارك، وضلعيهِ أحمد عز وحبيب العادلى، { مخطط التوريث الذى فشل بجدارة }.
أصبحت الداخلية فى عهد العادلى حامية لرموز النظام والفساد وكل من ينتمى لهم، ولذلك كثرت جرائم القتل والسرقة والاغتصاب والبلطجة والمخدرات، وأصبحت الداخلية مكروهة من كل طوائف الشعب المصرى، ورائحة الفساد تفوح منها.
ولكن آن الآوان أن نطهّر هذا الجهاز من الفاسدين والمفسدين، وأصحاب الضمائر الخربّة، وأن نولىِ أمره لضباط تحلوا بالشجاعة فى عز الأزمة، وأعلنوا قصص فساد زملائهم وقادتهم فى الداخلية، يجب أن نعيد هيكلة هذا الجهاز بأكمله، بداية من العسكرى الصغير إلى وزير الداخلية نفسه، ويتعانق شعار الشرطة فى خدمة الشعب مع أفعال رجال الشرطة، وأن يتعلموا من أفراد القوات المسلحة كيفية معاملة المواطنين حتى لو مشتبه فيهم، ويحافظوا على الشعرة التى بين مهابتهم عند المواطنين وإرهابهم للمواطنين، وأن يتعففّوا عن مد أيديهم لابتزاز الناس، وعن عف ألسنتهم بالتلفظ بالشتائم للمواطنين.
فمصر اليوم تريد فتح صفحة جديدة مع كل مواطنيها، أول جملة فيها الإخلاص فى العمل والتفانى فى تأدية الواجب، نعلم الآن أنكم فى موقف ضعف ولكن هذه يدنا ممدودة إليكم، فهل ستمدون لنا أيديكم، أم تمدوها علينا كالسابق.
حبيب العادلى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة