محمود الحضرى

ثورة 25 يناير وعودة مصر العربية

الثلاثاء، 15 فبراير 2011 06:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لاشك أن ترتيب البيت من الداخل سيكون الأولوية فى المرحلة المقبلة للنظام السياسى الجديد فى البلاد بعد النجاح غير المحدود لثورة 25 يناير، والتى قادها جيل جديد يحمل أفكاراً سبقت الجميع، وحقق ما فشلت فيه كل الأجيال السابقة وما لم تفعله الأحزاب والقوى السياسية.

ولكن ليس لدى أدنى شك أن من أهم نتائج الثورة إعادة مصر إلى محيطها العربى، لتعلب دورها الريادى فى مجمل القضايا الإقليمية والعالمية، ولتعود لقيادة المنطقة، ولتعيد للأمة مكانتها، وهذا الأمر هو سر التأييد الواسع من كل أبناء الأمة العربية لثورة شباب التحرير، وتحقيقها ما يحلم به كل عربى فى بلاده ولمصر أيضا.

وفى جدل استمر على مدى أيام ثورة 25 يناير لم أشك يوما فى نجاح الثورة، وكنت على يقين أن النظام سقط من يوم الغضب الأول، بالرغم من محاولاته لالتقاط الأنفاس على مدى أيام الثورة الثمانية عشر، ودائما كنت أقول لصديقى وزميلى فى العمل المتشائم أن مصر بدأت تسير بقوة نحو التغيير و"العجلة دارت" ولن تعود الى الوراء مرة أخرى، والعودة لمحيطها العربى قادم.

وفى اليوم الخامس من الثورة كتبت فى هذا المكان أن النظام سقط وانتهى وأصبح ماضيا، وأحمد الله على أن هذا تحقق فى حياتنا، بالرغم من أن البعد الجغرافى عن قلب الحدث سيظل يؤلم النفس طويلا، وتوصلت مع صديقى المتشائم إلى نقطة توافق أن يترك تشاؤمه وينظر للمستقبل قليلا، وأخيرا دمعت عيناه وهو يستمع إلى بيان التنحى.

وما حدث فى مصر مرحلة جديدة فى التاريخ، ولن تقف تأثيراته على الأبعاد الداخلية فى مصر، سواء سياسياً واقتصادياً، واجتماعيا، بل تأثير الثورة سيعيد مصر إلى موقعها كبوصلة لرسم السياسات العربية والإقليمية، والعودة إلى دورها المحورى فى معادلة السياسات العالمية تجاه قضايا الشرق الأوسط، وفى القلب القضية الفلسطينية.

وستعيد الثورة لمصر هيبتها تجاه العمل العربى المشترك، والذى كادت أن تزاح منه، إن لم يكن قد أزيحت فى بعض جوانبه، بفعل سياسات النظام السابق، وأعتقد أن هذا جزء رئيسى من أهم مكاسب ونتائج ثورة 25 يناير، التى فرضت أهدافها ومطالبها ورؤاها على تصريحات العديد من السياسيين والمحللين العرب والأجانب، بل سعى الكثير من الأنظمة العربية إلى استباق الأحداث بإجراء العديد من التعديلات فى بلدانها، إلا أن عودة الحديث عن دور مصر الذى أضاعه نظام مبارك كان الشاغل للبعض أيضا.

لا أريد استباق الأحداث، وإن كان الشأن المحلى والقضايا اليومية للشعب المصرى، ومساعى تعويض الخسائر التى منى بها الاقتصاد المصرى، ستكون لها الأولوية، ويجب أن تكون لها الأولوية، فى ظل التقديرات لخسائر الاقتصاد الوطنى بحوالى 30 مليار دولار كخسائر مباشرة وغير مباشرة، بخلاف فقدان سوق المال ثلث قيمته، وإن كنت أؤكد أن للحرية ثمنا وللثورات تكاليف.

أتمنى أن تكون الخطوات فى الانتقال إلى السلطة المدنية سريعة، مع الإسراع بإصدار الدستور الجديد، ليصبح الضمانة الحقيقية لمكتسبات الثورة، حتى نقطع الطريق أمام كافة المزايدات التى أخشى أن تظهر فى الأيام المقبلة.

وأتصور أن انخراط شباب الثورة فى الحياة المدنية والسياسية فى مصر أمر حتمى، لاستكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادى والسياسى والاجتماعى، فحتما أن من فجروا هذه الثورة، لديهم من الأفكار التى ستسهم فى إعادة بناء المجتمع المصرى محليا وخارجيا، وفق أفكار ورؤى أكثر إشراقا، وبما تواكب طموحات جيل جديد، قد لا نعرف الكثير عما يفكرون فيه.

والقول بانسحاب الشباب أو انسحاب بعضهم، من الحياة السياسية، أمر مرفوض، لأن ذلك يعنى تصفية مقصودة لوقود الثورة وصناع الأحداث والتغييرات التى شهدتها مصر، وتلك التى لا نتوقع أن تشهدها مصر مرة أخرى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة