كنا فى الثانوية العامة ندرس فى الفلسفة نظرية التغير والثبات فى هذا الوجود، وانقسم الفلاسفة بين مؤيد ومعارض لفكرة التغيير والثبات، وكان الفيلسوف اليونانى هرقليطس من أنصار نظرية التغير فيقول):كل شىء يسيل ولا شىء يبقى والإنسان لا ينزل النهر مرتين، لأن مياه النهر تتجدد باستمرار) وكنا نحفظ هذه المقولة دون الإيمان بها، ومرت علينا مرور الكرام حتى جاءت غضبة الشباب التى زلزلت العالم، وأقلقت مضاجع الكونجرس الأمريكى وصناع السياسة، وأدخلت الفئران الصهيونية إلى جحورها مذعورة من هذه الغضبة الهادرة التى عجزت شلالات الثبات والجمود أن تخمدها.
الشباب يغضب وينتفض ويثور.....و.....و..... ويفرض آراءه وتهتز الأرض، وأخيرا وجدنا التغيير.
اعتقدنا أنه مستحيل فى مصر أن يحدث، ولم لا.....؟ فأحمد عرابى عندما غضب غضبته وهب لمقاومة الظلم كان شابا، ومصطفى كامل الذى حمل لواء الوطنية كان شابا، وضباط ثورة يوليو كانوا شبابا، وعندما يقوم تغيير فى مصر تتزلزل الأرض فى الشرق الأوسط، وتقوم الثورات وتنقلب حكومات ويهب الأحرار.
انطلق المارد من القمقم ورفض الثبات والجمود الذى كان يصمونه به، وأنه شباب الإنترنت والفيس بوك، فتزلزل كل مكان فى مصر، وتفاجأ الجميع بهذه الانطلاقة التى لم يشعر بها أنصار القديم، واستهانوا بها فى البداية لاعتقادهم أنها زوبعة فى فنجان، وسرعان ما ستزول كغيرها من الزوابع التى اصطنعها غيرهم، وكان مصيرها الفشل ووأدها فى مهدها، فنستسلم ونكف عن المطالبة بالتغيير لسيطرة نظرية الثبات والجمود (واللى نعرفه أحسن من اللى مانعرفوش... واللى موجود أحسن من اللى جى) وغيرها من النظريات التى ترسخت فى العقل الجمعى المصرى.
استمر الزلزال بمعدلات فاقت كل التصورات، وصاحبتها براكين انطلقت فى كل بقاع المحروسة، فطاش لب أنصار القديم، وفقدوا صوابهم واتزانهم بعد أن انفجرت الزوبعة، وتحولت إلى بركان يثور بشدة، وحاول أنصار القديم أن يلملموا شتات أنفسهم وواجهوا هذه الغضبة بآليات داخل مصر وخارجها تعددت وسائلها لتثنى أنصار الجديد ويكفوا عن مطالبتهم، لكن أنصار الجديد يزيدون إصرارا وعنادا، ويتشبثون بمطالبهم، ويصممون على اقتلاع القديم من جذوره بأفكاره البالية التى جثمت على الصدور عقودا كثيرة رسخت مفاهيم السلبية والاتكالية والخوف والانغلاق والاستبداد وغيرها من مفاهيم ظلت مسيطرة علينا، فهب نسيم الغضب واستنشقناه جميعا بعد أن زكمت أنوفنا، واستطاع الجديد أن يفرض رأيه على القديم ويزلزل أركانه.
استطاع الشباب أن يقول ما لم نستطع قوله، وفعل ما لم نستطع فعله، فعبر عن تطلعاتنا وأحلامنا.
فتحية لأبطال مصر وشهدائها الذين سطروا بدمائهم ملحمة تاريخية ضربت للعالم أروع الأمثلة فى الدفاع عن الحريات والمطالبة بالتغيير
فلا خوف بعد ذلك على أمن مصر مستقبلها الذى سيكون مشرقا بفضل هذا الشباب الواعى الذى يحب مصرإن شاء الله.
واعتذارا واجبا لهؤلاء الشباب وشهدائهم الذين لحقت بهم اتهامات الخيانة والعمالة والصهيونية واتهامات أخرى يندى لها الجبين.. فهل تقبلون اعتذارنا..؟
عطا درغام يكتب: أيها الشهداء.. هل تقبلون اعتذارنا؟
الإثنين، 14 فبراير 2011 03:32 م