يحرص الكثير من الكتاب والمعلقين على وصف ما جرى فى مصر منذ 25 يناير وحتى 11 فبراير بأنه ثورة فيس بوك، أو ثورة شباب، على اعتبار أن الدعوة للتظاهر والاحتجاج خرجت من مجموعات شبابية على صفحات فيس بوك، لكننى أعتقد أن هذا الوصف ليس صحيحا على إطلاقه.
وعلى من يتصدون لإعادة كتابة ما حدث فى مصر مراجعة الأحداث بدقة ولحظة بلحظة، حتى تبدو الصورة مكتملة، ولعله من المهم التأكيد على أن أحزاب مثل الوفد والكرامة والجبهة والغد والتنمية والإصلاح وحركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير أعلنت المشاركة فى مظاهرات 25، وتبعهم الإخوان، ورغم تحفظ التجمع فقد ترك الحرية لأعضائه للمشاركة، ولم يغب الناصريون، والتحق الإخوان بالمظاهرات قبلها بيوم واحد.
صحيح أن هذه الأحزاب جميعها لم تثبت قدرة من قبل على تحريك الشارع، لكنها كانت موجودة وحاضرة، وظهر حمدين صباحى وأيمن نور فى ميدان التحرير، وخرجت مسيرة من حزب الوفد فى الدقى يقودها محمد شردى ورامى لكح، ووصل نواب الإخوان ومعهم مجموعة إلى شارع قصر العينى وصلوا العصر أمام مجلس الشورى.. فى ذات الوقت الذى خرجت فيه مظاهرات من نقابتى الصحفيين والمحاميين وسارت فى شارع رمسيس وصولا إلى التحرير، ولم يكونوا جميعهم من الشباب.
ومن الصحيح أيضا أن الجانب الأكبر من مظاهرات الثلاثاء 25 كانوا من الشباب، وخاصة المنتمين إلى الطبقة الوسطى، لكن الملاحظة المهمة التى يجب التوقف عندها أن مظاهرات الجمعة التى كانت فى كل شارع فى مصر، وتحولت إلى ما يشبه الحرب الأهلية بين المواطنين والشرطة وقعت فى كل شارع وشارك فيها مصريون من مختلف الأعمار والطبقات والانتماءات.
وبينما كان الثلاثاء 25 يناير مقتصرا على الشباب والأحزاب والحركات السياسية المعارضة، تحول الجمعة إلى يوم للشعب كله، وخرج الناس من المساجد بعد صلاة الجمعة للاحتجاج على الظلم وغياب العدالة، وتعددت المطالب لدرجة أن الهتافات كانت تختلف من شارع إلى آخر، ومن مجموعة إلى أخرى، حتى أنه لا يمكن تصنيف المشاركين فى بعض المظاهرات، سياسيا أو اجتماعيا أو فئويا.
أعرف أن كل من يكتبون أو يتحدثون يصفونها بثورة الشباب أو ثورة الفيس بوك، لكن الصحيح أن الدعوة خرجت من الفيس بوك، وبروح شبابية، وكانت مجرد دعوة للتظاهر فى يوم واحد، لكن من غذى هذه الثورة وأشعلها اعتبارا من الجمعة 28 أبريل ليس جمهور الفيس بوك أو الشباب فقط، وإنما الشعب المصرى كله، الذى تابع الدعوة للتظاهر عبر الصحف والفضائيات، فخرج من المساجد ليقولون لا، ويحولون مظاهرة الثلاثاء الحزبية و"الفيس بوكية" إلى ثورة شعب غاضب من الظلم والتمييز والفساد، لهذا استمرت الثورة ونجحت.. لأنها ثورة شعب.. بروح شبابية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة