أكد عدد من المؤرخين أن ثورة 25 من يناير كفيلة بإشعال الثورات فى جميع دول المنطقة، وإعادة تشكيل التاريخ، واستعادة مصر لمكانتها، فالثورة الجديدة تستوجب مراجعة كثيرا من مقولات المؤرخين حول المصريين وطبائعهم، إضافة إلى كونها الثورة المصرية الشعبية الأولى فى التاريخ الحديث، وقد سبقتها ثورة مماثلة حدثت فى العصر الفرعونى، وكانت تلك الثورة القديمة أولى الثورات الشعبية فى تاريخ العالم أجمع.
وصف الدكتور عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث، الثورة بالشعبية وقال إنها فريدة فى تاريخ الشعوب، خاصة أنها ثورة بلا قيادة محددة، أو تنظيم سابق أو قواعد، فهى ثورة شارع، ثورة كاملة، وقد شهد التاريخ المصرى ثورات شعبية محدودة الأثر، ففى ثورة القاهرة الأولى ثار تجار القاهرة فقط ضد المحتل الفرنسى، بعد زيادة الضرائب المفروضة عليهم، وفى ثورة القاهرة الثانية ثار حى بولاق فقط على "كليبر" الحاكم العسكرى للحملة الفرنسية، أما ثورة 25 يناير فكانت ثورة كاملة، عمت جميع أرجاء البلاد، بدأها الشباب، وقوتها الطبقة الوسطى، والمطالب الفئوية.
وأشار دكتور عاصم إلى أن الطريقة الثورية التى هب بها الشعب المصرى للمطالبة بحقوقه المشروعة تتطلب مراجعة لأحكام العديد من المؤرخين، الذين وصفوا الشعب المصرى بكونه خانعا وذليلا، يخضع للسلطة، ولا يثور بسهولة، فوصف إسماعيل مرصفى باشا مظاهرات العمال التى اندلعت عام 1946 بالشغب، وقال إن الشعب المصرى شعب يجمعه صفارة ويفرقه عصا، ووصف المقريزى المصريين بأنهم يرقصون للقرد فى دولته، كما أكد جمال حمدان فى كتابه شخصية مصر أن المصرى يخضع للملك كأنه آلة، وأن ذلك يرجع إلى التأثير الجغرافى على الشخصية المصرية، ونهر النيل الذى أدى إلى وجود سلطة مركزية على مر العصور.
ووصف د عبد الوهاب بكر أستاذ التاريخ بجامعة الزقازيق الثورة بأنها الثورة المصرية الكاملة الأولى فى التاريخ المصرى، فثورتا 1919 و 1981 لم تكتملا، وفقا للمعاير التاريخية، فى حين تحققت الأهداف كاملة لثورة 25 يناير، تلك التى ثار من أجلها الشعب فى الأساس، وكانت الثورة بيضاء لا عنف فيها من قبل الثوار، وذلك لأن الشباب الذين قاموا بالثورة كانوا ينظرون إليها بصفتها ثورة نبيلة، وكان اندلاع الثورة فى مصر أمر متوقع، وسيتبع الثورة المصرية ثورات أخرى فى باقى الوطن العربى، فأى دولة عربية تخضع لحكم شمولى ستثور.
وأضاف بكر: "أنا أكيد مما أقول، فلو كنت قد سبق أن نظرت فى الشك إلى إمكانية تكرار الثورة التونسية، فليس هناك مجال للشك الآن"، مشيرا إلى نظرية الديمنو التى تؤكد إمكانية انتقال الثورات التى تقع فى بلد ما إلى البلاد المحيط.
من جانبه أكد دكتور لؤى محمود أستاذ التاريخ الفرعونى أنه إذا كانت ثورة الـ25 من يناير أول ثورة فى التاريخ المصرى الحديث، إلا أن العصر الفرعونى كان قد شهد ثورة شعبية مماثلة لثورة الـ25، تعد الثورة الشعبية الأولى فى التاريخ العالمى، وقد اندلعت تلك الثورة فى عصر الاضمحلال، حين ثار المصريون ضد الملك الفرعونى "بيبى الثانى"، والذى حكم مصر ما يقرب من الـ95 عاماً، وقتها أصيبت الحياة السياسية والاجتماعية فى مصر بحالة من الركود والجمود، وفسد حكام الأقاليم، وسيطروا على الحكم، وكانوا يجمعون الضرائب من المصريين دون أن يردوها إلى خزانة الدولة، وكان نفوذ حكام الأقاليم وقتها فى قوة نفوذ رجال الأعمال فى عهد الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، فانتشر الفساد والفقر وسخط المصريون، وثاروا، وقد عرف العالم تلك الثورة من بردية "ايبوور" المحفوظة بإحدى متاحف هولندا، و"ايبوور" هذا كان أحد كبار الموظفين فى عهد الملك "بيبى الثانى"، وفى البردية يذكر ايبوور ما ساد الدولة من فوضى وانتشار اللصوص والقتلة، محملا الملك مسئولية تلك الفوضى.
وقد أعقبت تلك الثورة دخول مصر إلى عصر الدولة الوسطى، حيث تغيرت المفاهيم والقيم الاجتماعية تماما، وأصبحت الأخلاق والقيم والإنتاج الفعلى هى التى تميز بين فرد وآخر، استعادت مصر مكانتها التاريخية، وتحول المجتمع المصرى إلى مجتمع مثالى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة