أصدر الكاتب الفلسطينى علاء حليحل بياناً عبر موقعه "قديتا" الفلسطينى للثقافة والسياسة، يعتذر فيه للمصريين لمنع سلطة رام الله، وسلطة غزة المظاهرات المؤيدة لنجاح الثورة المصرية، وقال حليحل فى بيانه، إن هاتين السلطتين كانتا أقلية قليلة من بين أبناء الشعب الفلسطينى.
وتابع نص البيان: إلى شباب مصر والشعب المصرى، إلى جميع من ضحّوا بحياتهم وأرواحهم وأجسادهم ليخلقوا حيوات وأرواحًا وأجسادًا وكيانًا مُستعادًا للملايين من الشعب المصرى والأمة العربية وشعوب العالم المقهورة كلها إلى البطلات والأبطال فى زمن اغتيلت فيه البطولة، تحيةً وقبلاتٍ وعناقًا.
نحبكم ونحبكنّ، كما لم نحبّ من دهور. نبعث إليكم وإليكنّ ما توفر لنا طيلة ثورتكم: كلماتنا وقلوبنا وحرصنا وهواجسنا وقلقنا وغضبنا وفرحنا وضحكاتنا ودموعنا. نكتب بفرح، بعاطفية، باندفاع، بصدق، ونتخلى الآن عن الشكّ وعن السّخرية وعن النقدية وعن السّجالات. نكتب لكم أضعف إيماننا، كلماتنا، ولكننا نكتب من أقوى إيماناتنا فى هذه اللحظة التاريخية: أنتم، أنتنّ.
فى فلسطين التاريخية ميادين للتحرير، لقد فتحتم فى كل قرية ومدينة وسهل وجبل ميدانًا للتحرير. صارت الإسكندرية والمنصورة والسويس وبور سعيد جزءًا أساسيًا من جغرافيا المكان الفلسطينى. فى صباحنا نتمتم "تحيا مصر"، فى أمسياتنا مقابل "الجزيرة" نردّد "تحيا مصر". صرنا نعيش مصر والميدان والقاهرة فى تفاصيلنا اليومية: فى العمل، فى المقاهى، فى المدارس، فى الورشات، فى الحقول، فى الجامعات والكليات، فى الميادين، فى التظاهرات، فى طعامنا، فى شرابنا، فى تضرّعنا اليومى كلٌ إلى ربِّه: يا ربّ!
كنا نكره مبارك قبل هذه الثورة، لكنّ وجهه الموميائى صار كابوسًا لا يُطاق. صار جثة نفسه قبل أن يُسلم روحه كى تطلقوا سراح روح مصر، وروحنا جميعًا. صرنا كالتائهين ننتظر كلّ معلومة من السفينة الأم. أنت سفينتنا الأم يا مصر، وشبابك قباطنتها ومعهم نسير.
هامتكم عالية نتسلق عليها كى نُطلّ على زمن المعجزات والبطولة. أعطونا هاماتكم قليلاً كى نهيم بها فى حيفا وعكا والناصرة ويافا ونابلس وجنين ورام الله وغزة ورفح، أعيرونا البوسترات المرحة ونكاتكم وشعاراتكم ودموعكم وفرحكم وعنادكم وطيبتكم وتضامنكم معًا، كى نلفّ فلسطين شبرًا فشبرًا، ونُرى كلّ طفل وطفلة ونقول بفخر: شايفين؟ هذه هى الثورة.. هكذا تبدو: هكذا لونها (قمحى مصرى)، هكذا رائحتها (رائحة النيل المصرى)، هكذا صوتها (صوت الملايين تهتف بغنائيّة واثقة غاضبة جميلة: ارحل!).
مصر عائدة، شاع الخبر فى ثوانٍ: مصر عائدة، مصر منصورة، مصر تخلصت من فرعونها وستصرخ ثانية من أجلنا جميعًا: "أنا رجعت"! ونحن نهتف لها، مؤجلين التفاصيل والسيناريوهات والتكهنات: "ونحن انتظرناك طويلاً- تفضلى، لكِ صدر البيت".