عندما اغتيل السادات فى 6اكتوبر 1981جاءنا بالصدفة – بعد عملية ترشيح واستفتاء صورية قادها الحزب الحاكم الذى أسسه السادات بعد زيارته للعدو الصهيونى – حسنى مبارك رئيسا ليظل كاتما على أنفاس الشعب المصرى حتى الآن – 30 عاما – قام فيها بمصادرة الحريات، وتزوير الانتخابات وقهر الشعب المصرى ، وفتح الباب على مصراعيه للعدو الصهيونى لينفذ إلى كل المجالات ( سياسية واقتصادية – وغيرها ) .
كما قام بتلبية كل طلبات الولايات المتحدة الأمريكية وأقام دولة بوليسية تضخمت فيها قوة الشرطة التى فاقت تجاوزاتها كل الحدود . فأهدرت كرامة المواطن فى الداخل وهانت فى الخارج .وفرض النظام ( التهاوى ) قانون الطوارئ طيلة ثلاثين عاما، وغصت المعتقلات بالمعارضين لحكمه، كما لفق زبانيته التهم للبسطاء والشرفاء وزجوا بهم فى السجون ظلما وقهرا .
وفتح النظام الباب على مصراعيه للصوص الأموال المؤيدين له فصار النهب المنظم للثروة منهجا، وإهدار المال العام والثراء غير المشروع وإهدار المال العام والفساد نموذجا ، وتم التزاوج بين المال والسلطة . وليس أدل على ذلك سوى ما تكشفت عنه فضائح النظام وأركانه من استخدام السلطة من أجل الثراء والنهب وانتشار الرشوة فى أعلى قمم السلطة عند بدء التحقيقات الجارية الآن بمعرفة النائب العام بناء على البلاغات المقدمة من أفراد وجمعيات وجهات رقابية.
وفى ظل هذا النظام سادت المحسوبية والوساطة . وعم الفساد كل شىء . كما عمل على نشر البلطجة ، وتحالف الأمن مع الخارجين على القانون واللصوص واستخدمهم جميعا لترهيب الشعب، وتزوير الانتخابات ،وتهديد الشرفاء والاعتداء عليهم . باختصار صار الشعب محكوما بعصابة تملك كل أدوات الإرهاب والقمع والسلطة والمال .
ولكى يستتب الأمر لهذا النظام الذى ينتمى منهجيا إلى العصور الوسطى قام – بالإضافة الى إرهاب الشعب – بنشر البطالة وبيع المصانع والشركات وتسريح العاملين بها ووقف تعيين الخريجين.
ورغم ارتفاع الأسعار إلا أن المرتبات زهيدة مما يضطر المواطن – فى اغلب الاحيان – إلى القيام بأكثر من عمل حتى يستطيع الحصول على جزء من حاجياته الضرورية ليعود الى بيته مرهقا لينام – فقد كان إرهاق المواطن وجعله يكد طوال اليوم منهجا للنظام لتغييب الوعى وعدم إتاحة الفرصة له للاحتجاج أو حتى مجرد التفكير فيه خاصة مع تشر واستعمال كل وسائل الترهيب والقهر – هذا فى الوقت الذى قام فيه برشوة المساندين للنظام وربط مصيرهم به وجعلهم نموذجا يحتذى .وكان ذلك فى جميع المجالات . فقد كون عملاء له فى الصحافة والثقافة والامن والشكات والمصانع والجامعات والتعليم والصحة والنقابات وغيها فكانت تقدم لهم المرتبا المجزية والبدلات وتناط بهم المهمات وغيرها مماينجم عنها ارقاما فلكية وصلت فى بعض الحالات الى الملايين.
وقد كشفت البلاغات المقدمة للنائب العام ما كان يتستر عليهم النظام ، وان كانت الأيام القادمة سوف تكشف الكثير.
ولما كان الحال كذلك ، فقد سادت فى السنوات السابقة حالات الغضب والسخط على النظام من كل فئات الشعب فى صورة وقفات احتجاجية ومظاهرات شارك فيها الاطباء وأساتذة الجامعة والمهندسون والعمال والموظفون والمدرسون والصيادلة وغيرهم.
ولكن هذا النظام الأصم لم يفهم ، ولم يستطع أن يرى ما يعتمل به الواقع ، وعاش فى عجرفته وغيبوبته غير عابئ بكوارثه الفادحة مما أعماه عن تقدير ما سوف يؤدى اليه غضب شعب ضاقت به السيل وفاض به الكيل . ورفض ان يقدم اى استجابة حقيقية لاى من طلبات المواطنين ؛ سواء كانت مطالب اقتصادية او اجتماعية فئوية , او تتعلق بالديمقراطية وحية التعبير وكرامة المواطن .
كان هذا حتى جاء الخامس والعشرين من يناير وانطلقت الثورة الشعبية العارمة مطالبة بتسقاط النظام برمته، وتحقيق العدالة الاجتماعية ،واستعادة كرامة المواطن المصرى وحريته ،والقضاء على الفساد . ولكن النظام الاصم وفاقد الحس وعلى رأسه ( مبارك ) ظل يتعنت ضد الثورة والثوار وأطلق أبواقه ضدهم من الاعلاميين المرتزقة والصحافة الحكومية برؤساء تحريرها متبلدى الحس والتليفزيون والاذاعة ليتم فاصل من التضليل والكذب من جوقة عبدة اصنام النظام الحاكم . وكان التشويه المتعمد واختلاق ادعاءات ساذجة وكوميدية تؤكد ان هذا النظام فقد عقله بل فاقد الاهلية ولايعى مايدور حوله .
كما أطلق هذا النظام المسعور اجهزة القمع والبلطجية والخارجين على القانون ضد المتظاهرين فى محافظات مصر ليسقط الشهداء والجرحى من شعب يقوم بظاهرات سلمية لايحمل اسلحة وكل مايقوم به هو هتافه ضد الظلم والقهر . قام بذلك رغم افتضاح امره وادعاءاته وادانته من كل الشرفاء فى الداخل والخارج .
واستمر النظام بقمعه للمتظاهرين وباعلامه المضلل ضد الثورة الى ان صار سقوطه وشيكا ، فبدأ رأس النظام الملتصق بكرسيه فى تقديم بعض ماكان يطلبه الثوار محولا الالتفاف على مطالب الشعب الجذرية . ولكنه كنظام فاقد للادراك كان يأتى متأخرا فالشعب لايريد من النظام بعض الفتات بل يريد اسقاط النظام والتخلص منه ومن كل مايتصل بحقبته البغيضة وعلى رأسها مبارك واعوانه .
ما يريده الشعب هو اسقاط النظام ومحاكمة مبارك واسرته وجميع الوزراء السابقين وقيادات الحزب الوطنى وحل الحزب وحظره ومصادرة امواله ومقراته . ومحاكمة مزورى الانتخابات ورئيس مجلس الشعب والنواب الذين وصلوا للمجلس بالرشوة واستخدام التزوير والبطجية ومحاكمة قيادات الشرطة وضباط التعذيب والترويع ، ومساءلة المحافظين ومحاكمة من استغل سلطاته للتربح او قهر المواطنين ومساعدة النظام الحاكم المترنح ورموزه بأى شكل وبأى صورة .
اقامة حكومة مؤقتة (حكومة تصريف اعمال ) تشرف على تسيير الامور فى الفترة الحاالية . والغاء الدستور وتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد لدولة مدنية علمانية وجمهورية برلمانية يكون المسئول فيها امامالشعب ومجلس الشعب هم الوزراء ورئيس الوزراء أما رئيس الجمهورية فيكون دوره شرفيا ومحدود الاختصاصات وبذلك تنتهى حقبة الظام الرئاسى الدكتاتورية وحل مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية، وإقامة انتخابات نزيهة باشراف قضائى وفق القائمة النسبية.
وهكذا يعود الحق للشعب ويتم تداول السلطة ويصير العمل العام خدمة وليس أداة للقهر والسلب والنهب .
تحية للشعب المصرى العظيم وللشهداء الذين دفعوا من دمائهم ثمن الحرية وللثوار الصامدين . وعاش كفاح الشعب المصرى.
د. رمضان الصباغ يكتب: نهاية الدكتاتور مبارك ونظامه
الأحد، 13 فبراير 2011 11:11 م