د.طارق النجومى يكتب: بهية لحظة الانتصار

السبت، 12 فبراير 2011 04:51 م
د.طارق النجومى يكتب: بهية لحظة الانتصار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ألف مبروك لوطننا الحبيب.. ألف مبروك لانتصار إرادة الشعب.. ألف مبروك لأرواح الشهداء المعلومين والمجهولين من كانت أرواحهم ملهمة لثورة إخوانهم من أبناء شعبهم.. ثورة يحق لشعبنا أن يفتخر بها بين الأمم.. ثورة أثبتت أن شعبنا شعب راق وشعب حضارة حقيقية وأن روح وأصالة الشعوب تظهر عند الامتحان.

ثورة راوغ كثيرون فى إعطائها حقها.. فمن سماها هوجة.. ومن سماها انتفاضة ومن سفه منها ووصفها بأنها لمة شباب..؟؟ ودع الشباب يعبر عن نفسه ويقول رأيه.

تجاهل البعض تسمية الحدث وقاوموا الاعتراف بأن ما يحدث هو ثورة حقيقية.. بدأت بدعوة الشباب للخروج حتى وصلت لتكون ثورة شعبية يشارك فيها كل أطياف الشعب.. ثورة دفعت ضريبة الاعتراف بها دماء المئات من الشهداء والآلاف من الجرحى.

شارك الجميع فيها حتى ليكاد يشارك فيها الأجنة فى بطون أمهاتهن.. تيارات من أقصى اليمين لليسار للوسط.. ماذا كان يتبقى ليعترف بها البعض كثورة شعبية.. ولكنه كان الكبر والمكابرة والصلف والمعاندة لرؤيتها كما يراها الملايين من البشر التى لم تجتمع لهم كلمة يوما كما اجتمعت هذه الأيام.

لم يكن مطلب ثورة الشعب رحيل فرد بل رحيل نظام كامل أثبت فشله فى قيادة البلاد وتسير أمور العباد بما يرضى الله.. حاولوا الإلتفاف وسوقوا الحجة تلو الأخرى لتغيير الأقنعة وكسب الوقت لتحويل الأصول إلى أموال.

أول الحجج كانت انقسام الشعب مابين مؤيد ومعارض..!! لم يريدوا أن يروا إجماع الأمة.. مفكريها ومثقفيها وفلاحيها وعمالها ونقاباتها.. لم يروا أن المعارضين هم القلة من كتيبة الإفساد الذين يعضون بنواجزهم على الغنيمة وأذنابهم من مدمنى فتات الموائد وآكلة الجيف من النسور والضباع والجرذان والهجامة.

حجتهم الثانية كانت الفراغ السياسى وانهيار الدولة.. وهى حجة غريبة.. فإذا كانت الدولة لم تنهار عندما وجد 90 مليونا من البشر أنفسهم بلا حماية ولا قانون فى طرفة عين وأطلق عليهم السجناء والخارجين عن القانون والبلطجية واللصوص.. فضربوا أعظم الأمثلة فى الحفاظ على النفوس والأموال من لجان شعبية فهل هذا شعب كان لينهار.

مصرنا الحبيبة بها آلاف الشرفاء وآلاف الكوادر الواعية شعب صاحب حضارة تمتد لعشرات الآلاف من السنين نهضته الحديثة بدأت فى القرن الثامن ولكنهم أرادوا أن يوهموا شعبهم بأن من يحفظ لهم أمنهم السياسى والاجتماعى واحد أو اثنين أو عشرة أو عشرون..!!؟ ولكن التاريخ يعيد نفسه فنتذكر من قال أنا ربكم الأعلى وعندما أخذه الطوفان هو وجنوده لم تنهار الأمة وباقية حتى الآن.

حجة ثالثة ساقوها.. دول كبرى ستنقض..؟؟ ولا نعلم من هى تلك الدول الكبرى هل هى أمريكا التى تجاهد جهاد الجبناء للخروج من مستنقع العراق وأفغانستان.. هل ستجىء لهاوية التسعين مليونا ..؟؟ هل هى إسرائيل النمر الورقى الذى لم يصمد فى حرب مع حزب مقاتليه بضع آلاف من البشر..؟؟ الحقيقة أن الانقضاض سيزول بزوال التبعية لنصبح دولة لها إرادة ترى مصلحتها فقط ومصلحة شعبها.

جلا جلا.. أخرجوا حجة رابعة.. الفراغ الدستورى..!! منذ متى كانوا يحترمون الدستور..؟؟ الدستور يحترم كرامة وإرادة الشعب..؟؟ الدستور يحافظ على أموال الشعب.. هل حافظتم عليهما..؟؟ الدستور يحترم الأحكام القضائية.. ألا تتذكروا من قال منكم قبل بداية ثورة الشعب بأيام قليلة.. من يريد معرفة مصير الأحكام القضائية "يشرب جردل كركديه".

الدستور الحالى انتهكت به الحقوق والكرامة وسلبت به الأموال.. وضع لنكون به أحرارا فداسوا به على الرقاب.. فلنضع الدستور الحقيقى من شرفاء الأمة ليكون الملاذ.. للقوى والضعيف.. للغنى والفقير.. دستور يجد فيه الناس أمالهم وتطلعهم للعبور للمستقبل.

حجتهم الأخيرة كانت الوفاء والتقدير لأبطال حرب أكتوبر.. وهم يعلمون كم الإجلال والتقدير فى قلوب ووجدان هذا الشعب لكل من ضحى من أجل تراب هذا الوطن.. ولكنهم لم يتذكروا بأنهم هم الذين لم يحفظوا وفاء لأبطال أكتوبر كالبطل سعد الدين الشاذلى الذى اغتيل حيا والبطل إبراهيم الرفاعى الذى اغتيل شهيدا بجعل اسمه وذكراه فى ذاكرة التجهيل والنسيان.

وعندما لم يجدوا تأثيرا للحجة تلو الحجة خرجوا علينا بدموع التماسيح وخوفهم من الانقضاض على إنجاز الشباب ويا شباب هيضحكوا عليكم..!! عجب العجاب..!! لم نر من قبل تلك المشاعر المرهفة والقلوب الواجلة على مصلحة الشباب.

لم يدركوا أننا فطمنا وغسلنا أيدينا ممن كانوا يريدون لهذا الشعب أن يظل فى مرحلة الرضاع إلى الأبد.. لقد بلغ الشعب سن الرشد ويستطيع أن يسير أموره ويعرف الغث من السمين.. الشعب كله شارك من أباء وأشقاء وجدود.. أنها ثورة الشعب بأكمله.

فى لحظات الانتصار لابد أن نتذكر من ضحوا بأرواحهم وأموالهم وأنفسهم واستقرار عائلاتهم.. من قال كلمة الحق فى لحظات كان الجميع فيه صامت..؟؟ من وقفوا فرادى وفى جماعات صغيرة فى وجه الفساد لسنوات طويلة تحملوا فيه ما تحملوا.. والثورة جاءت استكمالا وإلهاما من السابق والذى ليس له ماض ليس له حاضر و لا مستقبل.

كما أن هناك من يريد أن يركب أمواج النصر.. هناك أيضا الآلاف من الشرفاء الذين ضحوا ويملكون الخبرة للقفز بالدولة لعهد القانون والتطور.. لدولة الحق والعدل وكرامة الإنسان وفى نفس الوقت العيش فى سلام وأمان.. يوم النصر ليس يوم الأجندات وسرقة الأضواء.. ليس يوم توزيع الغنائم .؟؟ ولكنه يوم لابد أن ننتبه فيه لأنفسنا من الثعالب فى ثياب الواعظين.. ننتبه فيها لجرذان السفينة الغارقة والثعابين التى ستبدأ فى استبدال جلودها.. واقتبس تلك الأبيات.

برز الثعلب يوما فى ثياب الواعظين فقام يعدو ويسب الماكرين
ينادى ملأ فيه متشدقا ألا يا عباد الله آن للقلوب القاسية أن تلين
فضلا اطلبوا ديك الفجر يؤذن فإنه صاحب عهد وصوت رزين
وبلغوا الديك عنى أننى لست صاحب غدر ولا خارجا عن الدين
جاءوا الديك يستبشرون خيرا فرد فورا لا لصاحب الغدر اللعين
بلغوا الماكر عنى خبرا أننى أنبئت عن أجدادى ليس للثعلب دين
اليوم نعيش لحظة الحقيقة.. لحظة هدم المغارة.. لحظة يرفع فيه كل مواطن حر من أحرار هذا الوطن لبنة من أنقاض المغارة لنبنى بها دولة الحق والعدل والقانون.. جاء يوم الشعب ولن نعود أبدا إلى الوراء.. أخذنا حريتنا.. أطلقنا أيادينا.. أعطينا لم نستبق شيئا.. لم نبقيهم وما أبقوا علينا.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة