فى وسط الجموع فى ميدان التحرير لمحته بجلبابه البدوى البسيط، يهتف بعفوية وعنفوان "يسقط النظام"، فاقتربت منه بحذر وسألته من أى البلاد أنت؟ فقال لى أنا عمدة بمدينة الحمام بغرب الإسكندرية، فقلت له، ما الذى أتى بك هنا؟ فأنتم أهل البادية، وخاصة فى الغرب أو ما يطلق عليهم "أولاد على"، ليس لكم علاقة بالنظام، ولكنه قال لى إن له مظلمة عند "سيادة الرئيس"، وإليكم الحكاية الغريبة.
قال العمدة سلومة المالكى، إن الزعيم كان فى جولة على مناطق الحدود عقب محاولة اغتياله الفاشلة فى أديس أبابا العام 1993م، ثم جاء أزلام النظام فأوقفونا فى طابور للسلام عليه والترحيب به، ولما جاء دورى، أدخلت يدى فى "سيالة جلبابى" وأخرجت خنجرا أثريا من العصر الرومانى وسط مفاجأة الجميع، وتوتر أعصاب الحرس الجمهورى، ثم قلت له: "يا ريس هذا هدية لك منى"، فتقبلها الأخير بقبول حسن وقد أعجبته الحركة.
ويستطرد العمدة سلومة أنه طلب من الرئيس هاتفا للاتصال به فى حال الاحتياج، وحصل على ما أراد.
يقول سلومه: "الأزمة بدأت عندما اتصلت صباح اليوم التالى بالقصر الجمهورى للاطمئنان على الزعيم، ثم كررت الاتصال فى صباح اليوم التالى، وفى صباح اليوم الثالث جاءت سرية عسكرية للقبض عليه، ووضعتنى فى مكان ناء 15 يوما، من أجل استعادة "كارت الهواتف"، وما صاحب ذلك من إهانة وتعذيب".
يقول الحاج سلومة، انتظرت الفرصة كل هذه الأيام والسنوات، حتى تحدث هذه الثورة، لآتى وأطالب بحقى، متسائلا: "هل يمكن أن أتعرض للتعذيب والخطف 15 يوما لأننى تجرأت وطلبت الزعيم هاتفيا للاطمئنان عليه".
وختم الحاج سلومة، إنه يتمنى الحياة ساعة واحدة فقط بعد سقوط النظام، ولذلك سينتظر وينتظر ولن يغادر ميدان التحرير إلا للقبر، أو لقصر العروبة.
