ميرفت فوزى تكتب: الدور.. الدور.. يللى عليك الدور

الجمعة، 11 فبراير 2011 12:05 ص
ميرفت فوزى تكتب: الدور.. الدور.. يللى عليك الدور مظاهرات التحرير

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت قد تناولت فى مقال سابق لى بعنوان الدور.. الدور... يالى عليك الدور أحداث ثورة الياسمين التونسية وما قام به شباب قرطاج الأبطال والذى أصبح مثالا ونموذجا يحتذى به وتستلهمه الشعوب العربية وغيرها من الشعوب الرازحة تحت نير الحكم الديكتاتورى فى أرجاء المعمورة الواسعة التى أصبحت الآن قرية كونية صغيرة لتلاشى الحدود والمسافات نتيجة لما أحدثته الثورة المعلوماتية الجبارة وعالم الإنترنت من تواصل سهل وسلس، وكأننا جميعا نعيش فى بناية واحدة بنفس الشارع.

وللأمانة فلم أكن أتصور بأن الدور سيصل إلى نظام بلدى الغالية مصر الحبيبة بهذه السرعة، وسيتجاوز كثيرا ممن كنت أعتقد أنهم يتصدرون (وما زالوا) الطابور الطويل الواقف أمام بوابة التغيير.

ورغم اهتراء وشيخوخة النظام المصرى وتفشى الفساد بجميع مفاصلة إلا أنه كان يمثل حالة أفضل من كثير من الأنظمة الشقيقة له، وكما يتشابه الأشقاء فى الملامح فإن هذه الأنظمة الشقيقة تتشابه أيضا فى كثير من الصفات لعل أبرزها تجاهلها للشباب الذى قيض الله لها أن تكون نهايتها على يديه.

وها أنا مجددا أعود للكتابة تحت نفس العنوان إيمانا منى بأن عجلة التغيير قد دارت ولا يمكن إيقافها وأن الدور سيصل لصاحب نصيبه لا محالة، لقد اعتبرت الأنظمة العربية جيل الشباب جيل عديم المسئولية وغير جدير بتحملها، لذلك فقد أخرجته من جميع حساباتها، بل إن كثيراً من رموز هذه الأنظمة كان يعير الشباب ويصفهم بجيل الإنترنت والمحمول وقد استعملت هذه الجملة كنوع من السخرية والاستهزاء.

لقد اعتمدت هذه الأنظمة على سياسة الهاء الشباب، واعتقدت أن توجهه للإنترنت الذى شجعته عليه بشدة سيجعله يسبح ويحلق فى عالم الخيال والأحلام وينسيه واقعه، وبالتالى ينسلخ عن قضايا ومشاكل مجتمعه فتأمن شره وقد ركنت لهذه الفكرة وصدقتها.

لذلك فحين انطلقت نداءات الشباب لبعضهم عبر الفيس بوك وتويتر وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعى وحددت تجمع شعبى لها بميدان التحرير يوم 25 يناير، استلهاما منها للنموذج التونسى خرج علينا كثير من دهاقنة النظام بالتصريحات الساخرة من هؤلاء الشباب ومن دعواتهم واعتبروها "لعب عيال"، و"كلام فارغ"، ومما يدعوا للعجب تبنى المعارضة التقليدية المدجنة لطرح دهاقنة النظام، حيث صرح كثير من أقطاب المعارضة عبر كثير من القنوات والوسائل الإعلامية بأنهم لن يشاركوا فى هذه التجمعات التى يدعوا لها "ولآد الإنترنت" حد وصفهم وخرج علينا بعض المنظرين العواجيز بأوصاف عفا عليها الزمن كوصف المراهقة السياسية الطائشة الذى استعمله بعض المفوهين من خطبائهم.

لقد أثبتت المعارضة التقليدية بمواقفها المسبقة من ثورة الشباب أنها تمثل الوجه الآخر للعملة التى يحتل النظام واجهتها الأولى، لذلك فقد كانت مفاجآتهم عظيمة وصلت لمستوى الصدمة بما أحدثه الشباب من حراك فى المجتمع المصرى لم يستطيعوا الإتيان بجزء منه طوال تاريخهم النضالى (المجيد).

إن التفاف الجماهير الغفيرة حول الشباب وتبنيها ودعمها ومساندتها لمطالبهم حفز المعارضة التقليدية للالتحاق بركب هذه الثورة الشبابية ومحاولة امتطائها.

لقد حصر الساسة التقليديون أنفسهم فى بروجهم العاجية وانحصر نشاطهم على المناسبات بالندوات واللقاءات الإعلامية المبهرجة أمام عدسات الفضائيات المختلفة، وابتعدوا عن حركة الشباب وهمومه مثلهم مثل النظام الذى ينتقدون تصرفاته، ولكنهم يقلدونها إن أى تحرك جرىء وغير تقليدى يقع خارج تصورهم وفهمهم الذى بالغ من قوة وقدرات النظام واستهان بقدرات أى معارضة له، وبالتالى فقدوا إيمانهم بتحرك الشعب الذى عدوه غير مؤهل للقيام بأى تغيير.

لقد حازت ثورة شباب مصر اهتمام شعوب العالم قاطبة وجميع وسائله الإعلامية، حيث ألهبت ثورة الياسمين التونسية والهبة الشعبية المصرية آمال وطموحات الشعوب العربية وشبابها وجعلتهم يحلمون بالتغيير والغد الأفضل الآتى لا ريب فيه بعد أن يأستهم المعارضة وكتابها ومفكروها الذين يجتمعون الليالى الطويلة فى الغرف والقاعات الفخيمة لتدارس وتنميق المصطلحات والكلمات والأحرف وعلامات الترقيم المناسبة التى يجب أن يحتويها بيانهم السياسى حول قضية ما حتى لا يسىء فهمه من قبل النظام.

لقد انسابت مياه غزيرة أسفل القنطرة بعد 25 يناير وأصبح علامة فارقة، وحاولت كثيراً من أنظمة المنطقة استرضاء شعوبها والشباب منهم خاصة من خلال الوعود والإصلاحات المختلفة ولكن بعضهم لم يعى ذلك، وما زال يراوح فى مكانه فقد كانت صدمتى كبيرة، حين اطلعت على كتابات كثيرة لمثقفين من عديد من دول العرب حيث وجدت المقالات النارية التى تطالب برحيل النظام وبعضها يرفض مجرد الرحيل ويطالب بالمحاكمة، وعندما اطلعت على تفاصيل هذه الكتابات وجدتها تهاجم وبضراوة النظام التونسى ثم انتقلت بأشد من ذلك لتهاجم النظام المصرى ولم أجدها تتطرق إلى انتقاد أنظمة بلدانها، إلا فيما ندر وعلى استحياء فما زال الكثير من الكتاب، رغم روعة ما يكتبون عن التغيير والثورة خارج حدودهم الإقليمية لكنهم عندما يكتبون عن أوضاعهم الداخلية يضعون نصب أعينهم المصير الذى آل إليه حسن ذلك الإنسان البسيط الذى جسد حكايته ببراعة الشاعر العراقى الكبير احمد مطر حين صدق حسن كلام الرئيس المؤتمن ومن يومها اختفى حسن وما زال صديقه يسال أين صاحبى حسن.

لقد تغير الواقع من حولنا ومضى ذلك الزمن فيجب أن نغير أنفسنا من الداخل، ونتغلب على عقد الخوف الكامنة فى دواخل وعينا الباطن التى بذلت أنظمتنا العتيقة كل جهدها لتغرزها فينا عدى ذلك فلن يجدينا أى تغيير.

انطلقت التظاهرات المصرية تعم الشوارع والميادين بعد أن يأس الشباب من رؤية أى بارقة آمل تلوح فى الأفق وعوضا عن ذلك انتشر الفساد المالى والمحسوبيات والرشاوى واستفحل تزوير إرادة الشعب من خلال فساد وتزوير الانتخابات، كما عم الفقر والبطالة فئات واسعة من الشباب مما أفقدهم الآمل فى الغد وأصابهم بالإحباط فلا أحد يستطيع أن يدفع الناس للخروج والتظاهر ضد السلطة رغم معرفتهم المسبقة، بما سيواجهونه من قمع وتنكيل قوات الأمن التى لم يعهدوا لها تعامل غيره ما لم يكن قد طفح الكيل بهم فلا توجد قوة تستطيع أن تواجه الشعب إذا غضب.

وقديما قيل: عجبا لمن لم يجد قوت يومه لا يخرج شاهرا على الناس سيفه، لكننا الآن نقول: عجبا لمن لم يجد قوت يومه لا يخرج إلى ميدان التحرير رافعاً صوته برحيل ومحاسبة من ضيع حقوقه.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة