بعد ثلاثة عقود غابت عنا مصر التى نعرفها، الحضن الدافئ والدرع الحامى لكل عربى ومسلم، العقل المفكر للدول العربية أجمع ومصدر قوتهم، ضاعت مصر بأيدى العابثين، وعادت إلينا بأيدى الثائرين .
عادت مصر بعد أن كانت متقوقعة على نفسها طوال السنوات الماضية تشجب وتدين فقط ولا تفعل شيئاً سوى ذلك، كانت سياستها طوال هذه السنوات تابعة للغرب، وكانت رؤوسنا جميعاً كمصريين منحنية إلى الأسفل بسبب هذه السياسات التابعة.
فاليوم فقط نستطيع أن نرفع رؤوسنا إلى الأعلى ، اليوم فقط من حق كل مصرى أن يتفاخر بمصريته، اليوم فقط كل الشعوب العربية باستطاعتها أن تشعر بوجود مصر وبثقل دورها مصر التى أهانها الجميع ، ووصفوها بالخائنة ، والتابعة ، والمتآمرة ، ووصفنا الكثير بما ليس فينا.
كنا مكروهين ومهانين فى كل الأقطار العربية ، كان المصرى أرخص من تراب هذه البلاد ، اليوم عادت مصر لنا وبنا ، عادت مصر أولاً لأهلها ، ثم عادت لعروبتها وقوميتها ومكانتها ، وتخلصت من الفاسدين الذين تسببوا فى هوانها طوال سنوات وسنوات ، وانتفض عنها غبار الفساد وتحررت من قيوده ، وظهر من الذى يحبها من أبنائها ، ومن منهم يسعى لمصلحته الشخصية على حساب هذا الوطن العظيم أيها الشهداء العظام ، كم كانت دماؤكم الذكية تروى بذور الحرية والكرامة والعدالة التى تم وضعها فى أرض مصر فى 25 يناير 2011، وها هى الآن تنبت زرع أخضر سوف يشتد عوده مع الأيام ، سوف نقطف ثماره لاحقاً ، فاتنى قطاركم وأصابتنى نتائج تضحياتكم ، أشعر بالضآلة أمام مافعلتموه ، وأنا وغيرى نحصد المكاسب دون أن نفعل شيئا سوى الهتاف فى المظاهرات أوالكتابة على المواقع والمدونات ، أنتم الأبطال الحقيقيون لهذه الثورة ، أنتم شرارتها التى ألهبت الحماس بداخلنا ، وأزاحت الخوف عنا ، أنتم الآن من تستحقون اعتلاء منصات التكريم لا غيركم.
طال انتظارنا لهذه اللحظة التى يحترمنا فيها العالم أجمع ، وينحنون أمام ثورتنا التى كانت بأيدينا وليست من الخارج ، رفضنا كل التدخلات الأجنبية ، وفضّلنا أن تكون ثورة الشعب للشعب وتحية معطرة لرجال القوات المسلحة، الدرع الحامى لنا داخلياً وخارجياً ، تحية لها بعد أن أثبتت أنها من الشعب وللشعب ، ولا تميل نحو سلطان الحاكم ، أو لأهواء رجال السلطة تحية لشباب التحرير الذى صمد أمام كل التحديات من العابثين من رجال الشرطة والفاسدين من رجال الأعمال وبلطجية الحزب الوطنى ، تحية لشباب الإسكندرية الذى كان يتجمع كل يوم حول مسجد القائد إبراهيم بالآلاف المؤلفة ، ويتجول فى الشوارع رافعاً الأعلام والشعارات والمطالب المشروعة ، وكان سنداً لإخوانهم فى التحرير تحية لرجال وشباب السويس الذين قدموا أول شهيد فى المظاهرات ، هذه المدينة الباسلة التى كانت وستظل رمزاً للنضال ، تحية للشرفاء من رجال الشرطة ممن كشفوا عورات الداخلية وحبيب العادلى وتحرروا من فساد منظومته الأمنية ، تحية لكل مناضل بالأفعال والأقوال والكلمات ممن حارب الفساد والمفسدين فى عز قوتهم وجبروتهم ولم يخشوا شيئاً مصر عادت إلينا من سفرٍ طويل ، وبإذن الله تعالى لن تغيب ثانيةً ، سنذكر مهما طالت بنا الأعمار ماشاهدناه فى تلك الأيام ، لأولادنا ، وأحفادنا ، هذه الملحمة الوطنية الأعظم فى تاريخ الأمة ، ليعلم الجميع أن مصر ولاّدة ، ورحمها لم ينضب من إنجاب الرجال ممن يحملون راية الوطن إلى الأمام ، ويرفعون رأسها عالية فى السماء ، هذه هى مصر وهؤلاء أبناءها { حمدلله ع السلامة يامصر } .
علم مصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة