حقا لم أجرؤ إلا مرة واحدة وكتبت فيها عن أساليب بكوات الداخلية، ويومها ذكرت قصة اعتداء أحد البكوات على سائق حتى سال دمه وراح فى غيبوبة من كثرة وشدة الضرب بكل أنواع وفنون القتال، ورأيت فى رمضان الماضى مجموعة من رجال الشرطة يعتدون على شاب لم يرحموا فيه صومه أو الشهر الكريم، وعندما تحدثت معهم نالنى السب والإهانة وكلمة "خليك فى حالك وإلا ...".
حقا كنت أخاف من أولئك الجبابرة الذين لا يرعون فى مؤمن إلا ولا ذمة ولا يملكون من الأدوات إلا لسانا سليطا ويدا لا تخيب طريقها وقدما تسدد رميها بمؤخرة المظلومين أفضل من مدفعجية ريال مدريد وبرشلونة.
واليوم بعدما انكشفت سوءات البكوات، وتركوا مصر أمانة فى يد اللصوص والبلطجية، وانهارت إمبراطورية العادلى الظالمة، ورأيت بأم عينى ما فعلوه بنا وبشباب مصر يوم جمعة الغضب فوق كوبرى قصر النيل "كوبرى العشاق" الذى تحول إلى مقبرة لكل من تسول له نفسه أن يعبر الطريق نحو التحرير، ورأيت جهود مصر كلها، وقد سخرت تحت أمر البكوات، حتى يحاربوا اللصوص لا بل الإرهابيين لا بل أشخاصا هبطوا على الأرض ليسوا بمصريين ولا من شباب هذا البلد- هكذا يعتقدون- وهكذا ملأ الشياطين عقولهم- وهكذا علموهم منذ أول يوم تدريب لهم.
وأثناء الضرب الذى لم أر فى تاريخ حياتى مثله من حيث الكم والكيف حتى نفذت الذخائر، وحملت لهم سيارات الإسعاف المدد حتى عاودوا الضرب من جديد لم يخطر ببالى وأنا بين الموت إلا أن أحافظ على من أمامى من الرجال أو البنات وتذكرت ما فعله عهد عبد الناصر فى مساجين الإخوان وخرج منهم من يكفر الحاكم فقلتها بأعلى صوتى "كفاية كدة يا كفرة " وظللت أكررها مع تواصل الضرب وتدافع الجميع ولم يكن أمامهم إلا أن يلقوا بأنفسهم فى النيل وسقط الجرحى والقتلى وانهار الجميع ليس خوفا من الموت بل إن الجميع كان حريصا عليه تماما كما حرص على أن يقول إنها سلمية سلمية سلمية سلمية حتى مع القنابل المسيلة للدموع وطلقات الخرطوش ورش المياه على المصلين.
وكان مشهدا رائعا من شباب المتظاهرين الذين أقاموا كردونا حول بعص أفراد وضباط الأمن حتى أوصلوهم إلى زملائهم كى يضربونا من جديد ولم يسمحوا لأحد أن يمسهم بسوء، ورأيت الدموع فى عين نقيب قوات خاصة، وتأكدت من أنه مصرى مثلى، ولكن الأمر الميرى دفعه لهذا المكان وتلك المواجهة، ولكنه وزملاءه لم يشعروا لحظة واحدة بأننا مثلهم مصريون.
واليوم، دعك مما حدث، ولكن إن كنتم تريدون عهدا جديدا بينكم وبين الشعب المسكين، إن كنتم تريدون أن ينسى كل مظلوم مظلمته عدنكم، وأن ينسى كل صاحب حق حقه الذى أكلتموه وأن ينسى من بطشت به أيديكم بطشكم له فيجب عليكم الكثير نحونا:
أولا: لا تعاملونا على أننا من دولة أخرى، فهذه بلدنا كما هى بلدكم، ولنا دور بدءًا من جامع القمامة حتى أستاذ الجامعة كما لكم دور.
ثانيا: لا تتعاملوا مع كل الشعب بنفس اللغة ونفس الصيغة فالمسجل خطرا ليس أبدا كالمواطن العادى وصاحب الرأى ليس كتاجر المخدرات.
ثالثا: كفاكم حربا بالشوارع لآكلى العيش من الطبقات الفقيرة ونهبا لقروشهم، وتضييقا عليهم حتى لا يتحولوا إلى لصوص.
رابعا: يجب أن تتخلصوا من ألسنتكم السليطة ولا توزعوا إهاناتكم على الناس بالشارع وغيروا قاموس ألفاظكم فأنتم خدام للشعب تقبضون منه رواتبكم.
خامسا: يجب أن تتعلموا فنونا جديدة فى الدفاع عن النفس تكون لخدمة الشعب لا لإرهابه، وكفاكم كبرا وصلفا وغطرسة وتذكروا أنها وصلت إليكم لأنها لم تدم لغيركم.
سادسا: لابد من وجود الأخصائيين الاجتماعيين بدور الشرطة حتى يدرسوا أحوال المسجلين، وحل مشكلاتهم بصدق وألا يتحولوا إلى مجرد عيون متلصصة على المواطنين.
سابعا: كونوا منا نكن نحن منكم، أعينونا على رد الحقوق واستعادة المنهوب ورفع المظالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة