عز وجمال خططا عشر سنوات وأطاحت ثورة يناير بأحلامهما فى ساعات

الخميس، 10 فبراير 2011 09:34 م
عز وجمال خططا عشر سنوات وأطاحت ثورة يناير بأحلامهما فى ساعات عز وجمال
أكرم القصاص - تصوير : ياسر عبدالله

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ ساهم كثير من المنظرين والسياسيين فى تجهيز الأرض للوريث الذى تحول لبلدوزر يكنس أمامه كل شىء
لم يكن جمال مبارك وأحمد عز وقيادات الحزب الوطنى وطاقم التوريث يعلمون أن خططهم طوال عشر سنوات سوف تسقط فى ساعات. ولم يتصوروا أنهم وهم على بعد خطوات من الانقضاض على السلطة وما تبقى من الثروة فى مصر، سوف يخسرون كل هذا فى لحظات. وأن ثورة الشباب يمكن أن تطيح بهم، واكتفوا طوال عشر سنوات بوضع خطة تطيح بالشعب لصالح عدد محدود من القيادات الذين كان أغلبهم يفتقدون أى قدرات سياسية أو إمكانات تكتيكية، وظل الحزب الوطنى تجمعا لأصحاب المصالح ممن يصرون على احتكار السياسة، ثم أضيف إليها احتكار الاقتصاد.

لقد سقط الحزب الوطنى فوق رؤوسهم بعد أقل من شهر على خطاباتهم وتحليلاتهم التى أعلنوا فيها أنهم فازوا فى الانتخابات، مع أنهم سرقوا الأصوات، بعد عدوان واضح على القضاة عام 2006، والإطاحة بالإشراف القضائى تماما، ودون أن يقدموا مبررا للإلغاء. وفى شهورهم الأخيرة لم يهتم جمال مبارك وأحمد عز بإخراج مسرحى وسياسى مثل الذى تم خلال 30 عاما. لقد واصل الحزب الوطنى تزوير الانتخابات طوال وجوده فى السلطة، ولم يسمح بأى ثقب يمكن لأى منافس سياسى أن ينفذ منه، وسدوا المنافذ وسيطروا على الإعلام ليبقى لهم حق السيطرة الكاملة، ولم يهتموا ببناء قوى سياسية، ولو على سبيل الأداء المسرحى.
لقد كان تحالف جمال مبارك وأحمد عز وتابعيهم من قيادات الحزب الوطنى طوال عشر سنوات، يخططون ويفرضون سيطرتهم، دون أن يتصوروا أن يوما سيأتى وهم خارج السلطة والهيلمان الذى عاشوه سنوات. صحيح أن باقى الحلف لايزال خارج المحاسبة، لكن سقوط عز يبقى نهاية لحلف لجنة السياسات التى خربت مصر، دمروا فيه حاضر البلاد، وكادوا يدمرون مستقبلها لولا ثورة يناير المجيدة. وربما تأتى الأيام القادمة، ليقف هؤلاء أمام المحاكم متهمين بإفساد الحياة السياسية واحتكار الثروة والسلطة واستغلال النفوذ وتزوير الانتخابات البرلمانية.

فى التاريخ تجارب كثيرة لأنظمة أسقطتها الثورات بدت تلك الثورات بعيدة عن مصر. دون أن ينتبهوا إلى أن العالم يتغير والشعوب تتغير وتتحرك، لكن قيادات الحزب الوطنى المتخشبة تصورت أنها تفهم الشعب أكثر مما يفهم نفسه، حتى فوجئوا بالثورة التى أطاحت بكل خططهم.
كان جمال مبارك أمين لجنة السياسات يتحرك كثيرا ويتحدث عن الالتحام والاقتحام وتعدد الرؤى، إلا أن الخطاب الذى يطرحه يعبر عن وجهة نظر ضيقة وغير متجانسة من الأفكار الشائعة النظرية التى صاغها فى الغالب عدد ممن لم يمارسوا العمل العام، ظلوا حتى الساعات الأخيرة من عمر النظام يقدمون نظريات سياسية، بينما يدوسون على رقاب البلد بلا أى رحمة من أجل أن يفرضوا سيطرتهم.. ويتعاملوا مع حركات المعارضة باستهانة وتقليل من شأنها. قامت حركات كفاية وغيرها وبدأت المظاهرات تخرج منذ 2004، لكن تعاملوا معها على أنها مجرد حركات فى الفراغ. استهانوا بغضب الموظفين وانتحار المواطنين وأحزمة الفقر التى تحزم المدن مثل حزام ناسف.

لقد كان هناك فريق رأى أن رفع جمال مبارك إلى كرسى الرئاسة يضمن لهم الصعود إلى الثروة والسلطة بسهولة، ولهذا ساهم عدد من كبار المنظرين فى تكوينه وإقناعه بأنه الرجل المناسب والأفضل من 80 مليون مصرى ليحكمهم، ساهمت شخصيات مثل الدكتور على الدين هلال فى تكوين جمال السياسى، ودفعه، وانضم لهؤلاء منظرون مثل الدكتور عبدالمنعم سعيد، والدكتور أسامة الغزالى حرب قبل سنوات من مغادرة الحزب الوطنى لصفوف المعارضة، والدكتور حسام بدراوى الأمين العام الحالى، وعدد كبير تم تعيينهم فى لجنة السياسات. جمال اختار الفريق الذى يتحدث باسمه ويعبر عن مصالحه، والفريق أيضا اختاره. ومنذ عام 2000 بدأت خططهم للزحف وابتلاع السياسة والمال. وبعد عامين، كانت سحب التوريث قد ارتفعت، لكن مع نفى متكرر من الرئيس وزوجته وابنه، لكن طريقة التعامل مع جمال كانت هى نفس طريقة التعامل مع مسؤول أكبر من رئيس وزراء.

فى نوفمبر 2003 ذهب جمال مبارك ليتحدث أمام طلبة الجامعة الأمريكية فى وجود الدكتور أسامة الغزالى، والدكتور عبدالمنعم سعيد، والدكتور مصطفى الفقى، وأحمد عز، وحسام بدراوى من أعضاء لجنة السياسات، وقتها كانت عملية التلميع فى أقصى مراحلها، وكان هؤلاء من المعينين فى مجلسى الشعب والشورى يشكلون مقدمة جيش سوف يتغير للزحف.
عمل أغلب هؤلاء شراحا ومروجين لطبعة جديدة للحزب القديم. مرة بدعوى الفكر الجديد، وأخرى بشعار نحو المستقبل أو من أجل المستقبل بينما كان المستقبل يبتعد لصالح الماضى، نخبة جمال مبارك كانت دائما تفتقر إلى التماسك، وتبدو أقرب إلى قص ولصق.

جمال مبارك أمام الجامعة الأمريكية اعترف بأن الحزب الوطنى لم يشهد تغييرا أو تحديثا منذ عام 1979. كان يعترف بأن الحزب يفوز بالأغلبية المزورة، وأنه كان بلا رؤية أو برنامج أو أهداف 22 عاما، وتجاهل أنه الحزب الذى يرأسه والده، وليس شخص آخر. وقال إنه قرر هو ومجموعة الشباب المرافقون له تطوير الحزب. وقال أيضا إن انتخابات مجلسى الشعب والشورى تروح وتجىء، حتى انتخابات 2000، حصل المرشحون فى الوطنى على 40 فى المائة بالإشراف القضائى، لكن الحزب طمع فى الباقى، وأضاف المستقلين على مبادئ الحزب الوطنى.

جمال مبارك تحدث عن العمل العام والتحاور مع الشباب والالتحام بالناس، بينما كان يتحرك وسط دائرة من المنتفعين وحراسة مشددة، كانت تفوق حراسات رؤساء الوزراء ومجلس الشعب، وتقارب حراسة الرئيس الأب. كان يتحرك فى مواكب ضخمة تسبقه بشمرجة الشرطة والأمن العام لإخلاء الطرق ومحطات المترو. يشيعون الرعب فى أوساط المارة. وواصل جمال تبرير استمرار قانون الطوارئ، وتحدث عن السياسات البراجماتية التى كانت تعنى مصالح أعضاء الحزب. وانتهت سياسات جمال باحتكار وتوريث لكل المواقع الحزبية والحكومية، وتكون تحالفه مع أحمد عز، ونما شيئا فشيئا حتى تمت الإطاحة بالكثيرين، حتى جاءت آخر انتخابات ليطرد الشعب المصرى من المعادلة بطريقة تشير للاستهانة، والتجاهل، بعدما تصوروا أنه انتصار لتحالف احتكار المناصب والمؤسسات وتوارثها بين الوزراء وكبار مسؤولى الحزب وأبنائهم. ووصل لأن يتولى موقع الأمين العام المساعد للحزب الوطنى وأمين السياسات. بينما حليفه عز يتولى أمانة التنظيم ورئاسة لجنة الخطة والموازنة فى برلمانين. استعدادا للقفزة الأخيرة التى جاءت بعد أن أطاحت الثورة بالكرسى. ليسقط تحالف الثروة والسلطة على الفراغ. انتظارا للحساب.

لقد وصف الإعلامى حمدى قنديل الطموح السياسى لجمال مبارك بأنه لا حد له، وشبهه بـ«البلدوزر السياسى الذى يحاول اقتحام الحياة السياسية المصرية، ودهس كل من حوله. ووجدنا أحمد عز يصل إلى موقع أمين تنظيم الحزب الحاكم ليس بالسياسة، ولكن بالحشد والمال والميليشيات التى أدارت الانتخابات الأخيرة بالبلطجة والتقفيل.
وكانت آخر حكومة تم تشكيلها تضم طاقما من الوزراء أبناء الخالة والأصهار والأنساب، وبدت وزارة عائلية يحكمها رجال أعمال واصلت شركاتهم الاستيلاء على الأراضى والمشروعات والاستثمارات، بينما واصل أحمد عز احتكار الحديد والقوانين والتشريعات. وفى مقابل التهام الثروة والسلطة تضاعفت أعداد الفقراء والبؤساء وأطفال الشوارع وعشوائيات تمتد على مدى البصر.
لكن أحمد عز وجمال مبارك لم يتخيلا فى ظل حالة الغرور أن هناك شعبا أو أحدا يمكن أن يحاسبهم على جرائمهم، ونشر عز مقالات تؤكد فوز الحزب الحاكم بالأغلبية وبجهد وتخطيط، متجاهلا أنه تمت الإطاحة بمئات المرشحين من المستقلين والمعارضين والإخوان.
لقد بلغت حالة الصلف والغرور بأحمد عز وقيادات الحزب الوطنى وجمال مبارك أن يقفوا ليعلنوا أنهم فازوا بمجهودهم، وأن الذين خسروا، خسروا لأنهم فاشلون وعاجزون مع أن المواطنين كانوا شهودا على عمليات التقفيل والتلاعب والبلطجة.

لم تتوقف عملية الاحتكار على تقفيل وتزوير الانتخابات، لكن الفساد السياسى امتد إلى اقتسام ثروات البلد فيما بين عصابة السياسات فى الحزب، وباقى قيادات الحزب. الفكر الجديد الذى ظلت المعارضة المصرية تحذر منه طوال عشر سنوات، بينما يتم التلاعب بالدستور والقوانين لصالح جمال مبارك، وأحمد عز، ولجنة السياسات، والحزب الوطنى الذى بدأ يتجول فى البلاد بلا أى شعبية أو معرفة.

لقد كانت البرلمانات السابقة كلها باطلة وغير شرعية، وكان استمرارها عدوانا على الدستور الذى يزعمون الآن حمايته، وتوالت أحكام محكمة النقض ببطلان انتخابات 2000 و2005، وقبلها انتخابات 1995 فى العديد من الدوائر الانتخابية فى القاهرة والمحافظات، وأكدت قيام الحزب الوطنى بتزوير الانتخابات فى التصويت والإجراءات والحساب لكن الفكر الجديد لحزب جمال وعز بقيادة الدكتور سرور، أصروا على تطبيق نظرية أن المجلس سيد قراره سواء فى وجود الإشراف القضائى أو غيابه، فقد نجح نواب الحزب الوطنى بالتزوير المؤكد.

وكما كان الوطنى هو صاحب السبق والريادة، فى تزييف الانتخابات طوال ربع قرن، نجح فى ابتكار أحدث طرق التزوير والتزييف، ولم يكتف بشراء الأصوات واتباع نظام البطاقة الدوارة. بل وانتهك الحزب الوطنى كرامة الناخبين بإجبار الناخبين الفقراء والذين أفقرهم الحزب وقياداته على بيع أصواتهم بجنيهات ليقدموا أكبر نموذج على التزييف.

الذى كان يتماشى مع خططهم لابتلاع المجلس التشريعى، ومجلس الشورى، والمجالس المحلية، وتضاعفت مجهودات الإطاحة والتزوير فى الانتخابات الأخيرة التى كان فيها أحمد عز يستعد للقفز على السلطة ومعه جمال مبارك، ليتم توريث الحكم لجمال، وتوريث الثروة لعز، وباقى طاقم المنتفعين والمحتكرين، وكل هذا تم بمعرفة الحكومة العائلية، ومعرفة البرلمان نفسه، وقد أصر الرئيس مبارك ومعه فتحى سرور على أن الانتخابات نزيهة حتى ما قبل ثورة 25 يناير، وحتى بعدها. حيث سقطت كل الحصون فى الثورة، وانكشف الحلف، وسقطت الخطط التى ظلوا ينسجونها بليل، ويفرغون لها الشارع والبرلمان. دون أن يدركوا أن الغضب يكبر ويتضخم ليتحول إلى ثورة تعد هى الأكبر والأقوى فى تاريخ مصر الحديث. كانوا يخططون ويمكرون دون أن ينتبهوا إلى أن هناك ما هو أكبر منهم والذى اسمه الشعب. لقد أطاحوا بأنفسهم وساعدوا على نسف النظام، الذى ينتظر النهاية. وفوجئ كل الذين اتهموا الشعب المصرى بالخنوع والخضوع، وكان السؤال الدائم لماذا لا يثور المصريون حتى ثاروا، بدأت ثورتهم بمظاهرات صغيرة تراكمت حتى أنجبت ثورة شباب 25 يناير.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة