جيهان فوزى

فلنعش التجربة ونرى!

الخميس، 08 ديسمبر 2011 10:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثرت الفتاوى وازدادت إرهاصاتها على عقول الناس من مختلف تيارات الإسلام السياسى، التى ما فتأت أن تتبارى فى بث أيديولوجياتها عبر وسائل الإعلام والفضائيات بمجرد ضمانها اكتساح الانتخابات البرلمانية، وتصاعدت لغة الاستعلاء فى خطابهم السياسى وكأنهم جاءوا لينقذوا البشرية من فساد وفجور كان يرتع فيه المجتمع بعيدا عن الشريعة الإسلامية واتباع مبادئ العقاب والثواب، كما نص عليه شرع الله وسنة رسوله، وتغافلت هذه التيارات أننا مجتمع متدين بالفطرة، لا يخرج عن حدود الله ولا تعاليمه الواضحة والصريحة، وأن وصم المجتمع بالفسق والفجور من كبائر الأمور التى حرم الله الحكم فيها دون بينة أو دليل واضح.

يطل علينا يوميا من هؤلاء من يذكرنا بما هو راسخ فى قلوبنا قبل عقولنا، بالترهيب والترغيب، وبمنطق العصا والجزرة، وكأننا جبلنا على الكفر وهم وحدهم من يؤمنون بتطبيق شريعة الله، وباقى المجتمع يرتع فى ضلاله وكفره، وآن الأوان لتصحيح المسار وتهذيب النفس من غيها وضلالها الذى تعايشت معه سنوات العهد البائد ولم تتطهر بعد من عوراته.

الشغل الشاغل الآن كيفية تنظيم العلاقة فى المجتمع بين حدود المرأة وواجباتها ومتطلباتها وما يسمح به وما لا يجوز الاقتراب منه لتنظيم سلوك المجتمع وإعادة تأهيله ليعود إلى مساره القويم، ولا أستطيع منع نفسى من الدهشة والتهكم على تلك الفتاوى التى أخذت حيزا كبيرا من تفكير العامة، فكيف يطل علينا شيخ قويم ليطلق فتواه النارية، معتبرا أن نوم المرأة بجانب الحائط حرام شرعا، وأن جلوسها على الكرسى أيضا محرم، فما هى الأسانيد التى استدل بها على تلك الفتاوى؟! وما هى أبعاد تحريمها؟!

ثم يأتى طبيب إخوانى مفترض تسلحه بالعلم والمعرفة التى أمرنا بها الله عز وجل، ليحرم أيضا عملية نقل الأعضاء البشرية للمرضى، ويغالط فى تعريف الموت ما بين الفقهى والعلمى، وفى جلسة تجلى وشطط يحكم على الآلاف ممن هم فى انتظار إنقاذ حياتهم.. "بالموت"، لمجرد تمسكه بتعريف فقهى قديم لا يستوى مع التقدم العلمى والتكنولوجى الهائل الذى تسير على دربه الدول المتقدمة لإنقاذ البشرية من هلاك الأمراض الفتاكة التى يسابق بها العلم الزمن حتى يرسى قواعدها وينقذ البشرية من براثنها اللعينة، فمن قال إن العلم يتعارض مع الشريعة؟! أو أنها تقف حائلا أمام العلم وتقدمه!!

ويشغلهم أكثر وضع المرأة فى الحياة العامة ومشاركتها فى العمل العام، وكيف يمكن منع الخلوة بينها وبين الرجل؟ وكيف يجلس رجل ورع تقى أمام مذيعة سافرة لا تحترم قواعد الشرع ولا تلق له بالا؟!

عجبا لهذه الفتاوى التى بدأت تأخذ طريقا كالنار فى الهشيم عبر النقاشات التى تملأ الدنيا بصخب مستفز فى القنوات الفضائية المتخمة بضيوف لا يشغلهم سوى هذه الأمور الضيقة، وتناسوا ما هو أهم وأجدى بالتفكير والنقاش وتسليط الأضواء عليه، مثل اقتصاد وصل حافة الانهيار، وبطالة نهشت عصب المجتمع، وثورة جياع فى طريقها للانفجار، وأمراض مستعصية تعصف بالمناخ الصحى والبيئى والتعليمى والمجتمعى، وقطاع السياحة الذى يعتمد عليه الدخل القومى بشكل أساسى فى طريقه إلى زوال، تلك مشاكل جديرة بالتوقف والبحث عن حلول بشأنها والانشغال بها فى المرحلة المقبلة، وليس قضايا المرأة المقصية والتى هى من وجهة نظرهم كيان ناقص لابد من إعادة تنظيمه وتهذيبه بما يتناسب مع طبيعة المرحلة الجديدة التى تعيشها البلاد.

من وجهة نظر هؤلاء نحن مارقين لا نريد تطبيق حدود الله وما أمرنا به، وتغافلوا حقيقة أن الإسلام هو دين الدنيا والآخرة على حد سواء، يقف على مسافة واحدة من كل الأطياف المجتمعية.. "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا".

وفى نهاية الأمر، فإن الدين لله والوطن للجميع، وما يدور بين الخالق وعباده هى علاقة خاصة بين العبد وربه لا سلطان لأحد عليها.

لن يقتصر الأمر فى المستقبل إذا تمكن الإسلام السياسى من إحكام قبضته على هذه الأمور فحسب، بل ستطال يده كل شىء تخضع لقاموس محرماته، فى الأدب والفنون والإبداع والعلاقات المجتمعية وتطبيق حد الحرابة والحسبة.. الخ من الأمور التى لم تكن باستطاعة هذا التيار السيطرة عليها والتمكن من تطبيقها، مهما حاولوا طمأنة المجتمع، ومهما عبروا بآراء منمقة لا ترقى إلى مستوى الفعل، الذى سرعان ما سينكشف عنه الستار، وتظهر الحقيقة الغائبة أو بالأحرى المغيبة تحت مسمى "فلنعش التجربة ونرى!!".





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

نورا

مصرية

مقال رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

hazem

اننا مجتمع متدين بالفطرة، لا يخرج عن حدود الله ولا تعاليمه الواضحة والصريحة

هو ماحدش قال لحضرتك ان الحجاب فريضه؟

عدد الردود 0

بواسطة:

يوسف

التجريب فى 85 مليون انسان حرام شرعا.

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو مريم

ربنا كبير

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

الله جل جلاله يحاسبنى فى الاخره فكيف اسمح لعبد الله ان يحاسبنى فى الدنيا

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

مهما تحلف على الرغيف - الازهر عندى هوه الشريف

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

الازهر الشريف هو المرجعيه الدينيه الوحيد لجميع مسلمى مصر

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

مصر مدنيه بازهرها الشريف ووحدتها الوطنيه وسواعد ابناءها الاوفياء

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

اساس البرلمان العمل بالدستور وليس صياغته

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

اقترح لجنة الدستور ( 25% اسلامى + 25% ليبرالى + 25% علمانى + 25% تيارات اخرى )

هذا اقرب توزيع يحقق العدل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة