مهما اختلفت المسميات فالحقيقة الواضحة أن حزب الحرية والعدالة جزء لا يتجزأ من جماعة الإخوان المسلمين، وهو الجناح السياسى للجماعة، كما يحلو تسميته.
والنتيجة التى آلت إليها المرحلة الأولى من الانتخابات المصرية لم تكن مفاجئة، فحصول الإخوان المسلمين على نسبة 40% من الأصوات، قابلة للزيادة فى المرحلتين التاليتين – كما يرى المراقبون - يؤكد أنهم أكثر التيارات تنظيما وتماسكا، بالإضافة إلى أنهم يجيدون توزيع الأدوار والأحاديث بشكل مغر جدا، وسط مجتمع بكر سياسيا، عاطفى اجتماعيا.
ومن الإنصاف القول بأن تأثيرهم على الشارع المصرى فى السابق كان واضحا وجليا من خلال دورهم المجتمعى الذى مارسوه بأسلوب القوى الناعمة الممنهج والهادئ فى الوقت نفسه، رغم حظر نشاطهم كجماعة من قبل النظام البائد الذى اضطهدهم وسجنهم وسحلهم وشتت شملهم، وأجبرهم أحيانا على العيش فى المنفى، بعد أن سد فى وجوههم سبل العيش.
ويبدو أن ما تعرض له الإخوان المسلمون – دون التيارات الأخرى – أصقل تجربتهم وشد أزرهم، وكان حافزا لترتيب أوراقهم والتفافهم حول بعضهم، فشكلوا فيما بينهم أنموذجا لجماعة أو - لنقل تجاوزا - دولة مصغرة قامت على التكاتف والتكافل الاجتماعى، ويبدو أن تلك التجربة أصبحت هاجسا لديهم فى بناء دولة جديدة تقوم على المنهج نفسه.
ورغم أن تصدّر الإخوان المسلمين للمشهد السياسى لم يرعب المصريين كما كان يروج زبانية العهد السابق، إلا أن تخوفا يلوح فى الأفق من إحكام قبضتهم على الحكم فى مصر.
والمطلع على برنامج حزب الحرية والعدالة سيجد فى ثناياه خطة دقيقة ومحكمة ترسى قواعد الديمقراطية وتؤسس لبناء دولة جديدة بشكل واضح ومدروس.
ولكن.. من أين يأتى هذا التخوف إذن؟
لدى الكثيرين قناعة بأن الإخوان أصحاب فكر شططى أكثر مما هم أصحاب عقيدة سمحة، فخوضهم فى الشأن السياسى فى الفترة الأخيرة غلب على دورهم المجتمعى الذى كان سائدا طوال العقود الماضية، والمسلمون المعتدلون يختلفون معهم كفكر لا كمذهب أو عقيدة.
والمأمول فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ مصر، أن يتحمل الإخوان المسلمون مسئوليتهم، لتخطى هذا الاختبار الصعب بالعمل بكل جدية لتنفيذ ما طرحوه فى برنامجهم الانتخابى، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لإثبات جدارتهم، فالتجربة ستكون برهانا للمصريين، فإما أن تتجدد الثقة فيهم لفترة أخرى، أو تحجب لعدم جدواهم.
المطلوب أن يكون للإخوان المسلمين حضور اجتماعى فاعل بشكل أكبر، فبقدر احتياج مصر إلى إصلاح سياسى، هى أيضا بحاجة ماسة إلى إصلاح مجتمعى، يبدأ من أخلاقيات الشارع، ولا ينتهى بالعدالة الاجتماعية التى هى عنوان الجناح السياسى المنبثق عن الجماعة، فالأوضاع الاجتماعية فى مصر بلا استثناء تحتاج إلى ترتيب، وهذا هو التحدى الحقيقى للجماعة والحزب والحكومة القادمة، لدعم الاستقرار والأمن فى الشارع المصرى.
حسام الشيخ يكتب: "الإخوان".. والاختبار الصعب!
الأربعاء، 07 ديسمبر 2011 02:39 م
محمد بديع
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
م. حبيب الاسلام
يا سادة / الاخوان المسلمون / هم الاقدر الان على تحمل مسئولية مصر / نرجوا الدعا لنا
عدد الردود 0
بواسطة:
عمار الجيزى
والمطلع على برنامج حزب الحرية والعدالة سيجد فى ثناياه خطة دقيقة ومحكمة ترسى قواعد الديمقرا
اذا دعوهم ولنرى
عدد الردود 0
بواسطة:
صادق
لاتقلق
عدد الردود 0
بواسطة:
ali
تناقضات
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالمحسن سيدمنصور
كلنا فى المركب
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد منتصر
منصف .. ولا تناقض
عدد الردود 0
بواسطة:
دكتور صيدلى
لا تستغرب تفكيرى فهى وجهة نظر وليست فتنه
عدد الردود 0
بواسطة:
123
123