استغلت البنوك التجارية العاملة بالسوق المصرى الأوضاع الحالية المتراجعة للاقتصاد، بمحاولة تعويض خسائرها من خلال رفع أسعار الفائدة على الاقتراض الحكومة من أذون وسندات الخزانة، وهو ما ينذر بتفاقم أزمة السيولة لدى الحكومة، خاصة مع تزايد الإنفاق بشكل كبير دون قدرة الحكومة الانتقالية على ترشيده أو إيجاد مصادر بديلة للتمويل.
وأكدت مصادر بوزارة المالية، أن رفع الفائدة على أذون وسندات الخزانة لتكسر حاجز الـ15%، ينذر بكارثة مالية فى حالة استمرار هذا الوضع، وهو ما أدى لإلغاء بيع أذون خزانة بقيمة 5.5 مليار جنيه الأسبوع الماضى لارتفاع أسعار الفائدة، فى الوقت الذى لم تبدأ فيه مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولى لاقتراض 3.2 مليار دولار، بسبب التغيير الحكومى.
وأشار المصدر إلى أن تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر مرة أخرى الأسبوع الماضى بسبب أحداث التحرير، بالإضافة إلى التصريحات التى أطلقها رئيس الوزراء الجديد الدكتور كمال الجنزورى حول عدم تفضيله للاقتراض من الصندوق، يهدد قدرة مصر على إجراء مفاوضات جادة للحصول على القرض بنفس البنود الميسرة التى سبق وأن تم الاتفاق عليها ودون شروط، وقت تولى الوزير السابق الدكتور سمير رضوان.
من ناحية أخرى أوضحت الدكتورة ماجدة قنديل المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، أن الضغوط المتزايدة التى تمارسها البنوك برفع سعر الفائدة على الاقتراض الحكومى، تهدد الاستدامة المالية للاقتصاد المصرى، فى ظل تزايد الإنفاق وارتفاع تكلفة الاقتراض الداخلى.
وأضافت قنديل، أنه لابد من إيجاد مصادر تمويل بديلة بشكل عاجل للخروج من هذا المأزق، خاصة أن القطاع الخاص تأثر بشدة من تفضيل البنوك للإقراض الحكومى دون منح الائتمان الكافى للقطاع الخاص.
وأشارت قنديل إلى أن البديل الحالى المتمثل فى الاقتراض من صندوق النقد الدولى بسعر فائدة ميسر 1.5%، هو الأفضل والأقل ضغطا على المالية العامة، مؤكدة أن التغيير الوزارى يجب ألا يمثل عائقا فى اختلاف الرؤى، بما يؤثر فى رؤية العالم الخارجى للتعامل مع الحكومة المصرية.
وشددت قنديل على ضرورة اهتمام الحكومة الجديدة بعمل إصلاح شامل للمالية العامة وترشيد الإنفاق الحكومى، لافتة إلى أن الخطأ الأكبر الذى ارتكبته الحكومة الانتقالية هو رفع سقف الإنفاق دون وجود موارد مالية، وهو ما يتطلب معه تفعيل النشاط الاقتصادى وإدارة عجلة الإنتاج.
وأعربت قنديل أن يسهم نجاح العملية الانتخابية فى تحقيق الاستقرار المنشود وحداث التآلف السياسى، الذى يحقق بدوره تفعيل النشاط الاقتصادى.
من ناحية أخرى أكد حمدى هيبة الخبير الضريبى، أن سبب الارتفاع المستمر لسعر الفائدة على أذون الخزانة، هو فرض ضرائب بقيمة 20% على الأوراق المالية الحكومية عام 2008، وهو ضمن حزمة الإجراءات التى اتخذتها الحكومة لتوفير موارد مالية لعلاوة الـ 30%.
وأشار هيبة إلى أن سعر الفائدة قبل فرض الضريبة لآخر إصدار من أذون الخزانة كان 7.4%، ثم قفز إلى 9.2% بعد إخضاع أول إصدار للضريبة، موضحاً أن فارق النسبة يمثل قيمة الضريبة التى تحملها القطاع المصرفى.
وأكد هيبة أن الدولة غير مستفيدة من هذه الضريبة، لأنها تتحملها فى صورة زيادة مستمرة بسعر الفائدة على الإقراض الحكومى، مطالبا بإلغاء هذا الضريبة للحد من الارتفاع المستمر بسعر الفائدة.
البنوك تستغل الأزمة السياسية وترفع سعر الفائدة على الاقتراض الحكومى لـ15%.. قنديل: الحكومة الانتقالية أخطأت برفع سقف الإنفاق.. والوضع الحالى يهدد الاستدامة المالية
الأربعاء، 07 ديسمبر 2011 12:18 ص