هبه طاهر تكتب: الذهب ثروة ومستقبل شعب مصر

من أين يأتى الذهب؟ .. طبعا سيرد علىّ أحدهم ويقول: من مناجم الذهب. أنا لا أقصد ذلك، وإنما أقصد ما مصدر الذهب، الذى يأتى من هذه المناجم؟

إنه نتاج موت نجم فى الفضاء الفسيح، ليس فقط الذهب، بل كل العناصر الموجودة على أرضنا، مصدرها نجم قد مات، مات لنحيا نحن، ولكن لتصنيع عنصر ثقيل مثل الذهب، يتطلب نوعا معينا من النجوم، يجب أن يكون حجمه عشرات أضعاف حجم الشمس، وأن يكون قد بلغ من العمر الكونى أرذله، ويطلق عليه سوبر نوڤا، حيث يبدأ يشيخ، ويستنفذ عنصر الهيدروجين الذى يستخدمه لتوليد الطاقة عن طريق الانصهار النووى، ويتضخم حجمه عشرات الأضعاف، وتزداد درجة حرارته مئات الأضعاف تصل إلى١٠٠مليون درجة مئوية، كافية لتصنيع عناصر أخرى على مراحل وطبقات، كل مرحلة تكون أقصر وأشد حرارة من التى قبلها، فيكون ترتيب تكوين العناصر من حيث ثقلها كالآتى: طبقة خارجية هيليوم، ثم كربون وأوكسجين، ثم ماجنيسيوم، نيون، صوديوم، ألومنيوم، ثم سيليكون، وآخر عنصر هو الحديد، وهنا تتوقف عملية الانصهار وينهار النجم، وينفجر انفجار كونى مهول،تتولد عنه درجة حرارة١٠٠بليون درجة مئوية، مدتها لا تزيد على دقيقتان، ولكن كفيلة لصناعة أندر العناصر فى الكون، ومنها الذهب، سبحت ذرات الذهب فى سحابة كونية، وترسبت هذه السحابة فى صخور الأرض من بلايين السنين.

بالرغم من أن الذهب غير مفيد عمليا، مثل النحاس، البلاتينيوم، واليورانيوم، وهى عناصر ثقيلة تتطلب تصنيعها نفس الظروف، لكن قيمته تكمن، فى ندرته الشديدة، فكمية الذهب المستخرج من الأرض على مدار كل الأزمنة، بالكاد تملأ ثلاثة حمامات سباحة أوليمبية؛ لأن شروط تكوينه فى أى مجره، تحوى بلايين النجوم، نادرة الحدوث.

الذهب كما يستخدم فى صناعة الزينة، يستخدم كاحتياطى يحتفظ به البنك المركزى كمستودع للقيمة، وضمان لتخليص الوعود لدفع المودعين وحاملى الأوراق المالية أو أقرانهم التجاريين أو لتأمين العملة، وبقدر هذا الاحتياطى، تطبع النقود، والتضخم يحدث نتيجة طبع نقود أكثر من المتوفر من الاحتياطى. يعنى نستنتج من ذلك أننا إذا ضاعفنا من الاحتياطى، قل التضخم، وتزيد قيمة العملة.

مناجم السكرى للذهب فى مصر هى واحدة من أكبر10مناجم ذهب فى العالم، فيها أكبر احتياطى ذهب فى العالم. يقول مدير الشركة المستخرجة للذهب أن هناك 40 منطقة أخرى فى الصحراء الشرقية فيها ذهب أكثر من هذه المناجم.

هناك عقد مجحف أبرم مع شركة سنتامين الأسترالية المنتجة، حيث تحصل على3% فقط من الإنتاج حتى عام2030 مع أن الشركة ستسترد النصف مليار دولار، التى استثمرتها فى سنة واحدة فقط. لكن يقال إن الحكومة، والله أعلم، سوف تتقاسم عائدات المنجم بدءا من العام المقبل، فارتفاع أسعار الذهب عالميا بمستويات غير مسبوقة، ساهم فى تقليص مدة استرداد الشركة مصروفاتها الاستثمارية المنصوص عليها فى الاتفاقية.

إن سيدنا يوسف،عليه السلام،عندما خاطب ملك مصر قال له:(اجعلنى على خزائن الأرض) يعنى أن خزائن مصر بها من الخيرات والنعم ما يجعلها تكفى بإذن الله لأهل الأرض جميعا إذا وفقنا الله لرجال أمناء، ويتقون الله فى أموال وثروات هذا الشعب العظيم.