م.عبد الله الدمياطى يكتب: استقلال الجامعات

الثلاثاء، 06 ديسمبر 2011 04:39 م
م.عبد الله الدمياطى يكتب: استقلال الجامعات جامعة القاهرة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعد الحرية الأكاديمية حجر الزاوية فى نمو فعالية الكليات والجامعات وزيادة كفاءة أدائها، إذ أن استقلالها الإدارى، والمالى، والفكرى يدفعها بقوة إلى التميز، وتحمل مسئولية جودة مخرجاتها أمام مجتمعها. فالجامعات العريقة فى العالم تفاخر باستقلالها، وحرية فكر منسوبيها، وتناضل من أجل حماية مكتسباتها من التدخلات الخارجية بقوة النظام.

إن استقلال الكليات، والجامعات على مستوى العالم يسهم فى دفعها إلى تحديث برامجها، وتجويدها، وتجديد خططها، وتفعيلها بما يلبى حاجات مجتمعها، ويحقق متطلبات التنمية فيها لتكون قادرة على المنافسة العلمية، والفكرية المبدعة فى عالم تحكمه المستجدات العلمية، والتقنية والمعلوماتية، والأفكار المبدعة، واقتصاد المعرفة ليصبح لها سمعتها العلمية فى سوق المعرفة، وبالتالى تستطيع المحافظة على القدرات العلمية المتميزة فيها، واستقطاب المفكرين، والمبدعين من العلماء والباحثين فى مختلف حقول المعرفة، واتخاذ القرارات المناسبة لدعم إبداعاتهم، وأفكارهم، ومبتكراتهم، وتوظيفها لرفع مستوى وعى مجتمعها ورفاهيّته وسعادته .
فنحن جميعا نرى فى بعض الجامعات العربية وجود انتهاك للحرية الأكاديمية دون توافر أنظمة تشريعية تحمى منسوبيها، مما أدى إلى خلق مناخ أكاديمى غير ملائم للنمو المعرفى المبدع، وبناء الثقة فى الذات للأستاذ، والطالب على حد سواء، ونتج عن ذلك عدم الإفصاح عن الحقيقة، وعدم البحث الحر عنها وكشفها، ولعل ذلك يفسر عدم تميز كثير من الجامعات العربية مقارنة بمثيلاتها من جامعات أخرى قد تكون أقل عراقة منها، وربما كان السبب الكامن وراء هجرة عقول عربية مبدعة إلى جامعات أجنبية تحترم العقل، وتقدر العلماء، وتثنى على جهودهم، وتحفز ابتكاراتهم، وتحتفل بإنجازاتهم العلمية، والفكرية.

أما حرية الهيئة التدريسية، فتنطلق من فكرة مؤداها أن الحرية الأكاديمية تعد أساساً صلباً من أسس الإبداع ومستلزماته، وهذا ما دفع الجامعات المرموقة فى العالم إلى توفير مساحة من الحرية الفكرية، والعملية تسندها أنظمة وقوانين تتيح لتلك الفئة الحرية فى التدريس المبدع، وحرية البحث عن الحقيقة، ونشرها فى جو خال من الضغوط الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، وغيرها، كما تتيح لكل فرد حرية التعبير عن آرائه نحو أية مشكلة يراها، أو أية قضية يجدها تحيد فى معالجتها عن الموضوعية، والعدل، والأمانة. فالهيئة التدريسية فى الكليات والجامعات تم إعدادها إعداداً علمياً وتربوياً وفكرياً عالياً، ولديهم من الخبرات، والدراسات ما يمكنهم من التنبؤ بحاجات مجتمعاتهم ومشكلاتها ومتطلباتها، والعمل على اقتراح حلول الملائمة لها، وهذا يستدعى تقديرهم، ومنحهم الثقة، والحرية لإبداء وجهات نظرهم نحو قضايا أمتهم والدفاع عن كرامتها، ووحدتها، وسلامة أمنها دون خوف أو تردد.

تقف كثير من أنظمة دول عربية حجر عثرة فى سبيل تمتع الهيئة التدريسية بالحرية الأكاديمية، وقد لا يوجد فى الأساس أنظمة أو قوانين تؤسس للحرية الأكاديمية فيها، وتعمل على حمايتها فنحن نرى ايضا فى هذا الشأن بعض الانتهاكات فى التدخل فى تعيين أعضاء هيئة تدريس فى مناصب عالية قد لا يكونون الأجدر بشغلها، وربما تعدى الأمر إلى محاسبة أو مساءلة بعضهم على آراء شخصية لا تؤثر على الأمن الوطنى لهذا البلد أو ذاك، فالجميع يعلم بوجود تدخل من الأنظمة فى حرية التدريس والبحث الحر والأنشطة الطلابية وهذا أدى إلى إعاقة الإبداع والابتكار ونزل بمستوى التدريس إلى الحفظ والتلقين.

نحن بحاجة إلى مستقبل أمن تسوده الوحدة والاستقرار وإنجاز ذلك يستدعى إيجاد مناخ فكرى حر يدفع الأستاذ والطالب إلى بذل قصارى جهدهما ووقتهما فى سبيل خدمة الوطن من خلال تحصيل العلم، والمعرفة، واكتساب المهارات السليمة دون خوف أو تردد خوف من زلة لسان، أو من جدران لها أذان، إن الخوف لا يصنع أمة ذات حضارة راقية، ولا يبنى شخصية إنسان قادر على تحمل المسئولة الفكرية، والعلمية، والعملية أمام أسرته، ومجتمعه، وأمته.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة