إن المتتبع لردود أفعال البعض ممن يدعى حب مصر يكاد يجزم أنهم يعترضون على كل شىء، بداية من تعيين رئيس الوزراء الجديد، ومحاولة فرض أسماء بعينها، وانتهاء باعتراضهم على استمرار المجلس العسكرى فى إدارة شئون البلاد، وكأنهم أصبحوا أوصياء على الشعب المصرى، فى صورة تعكس أنها معارضة للمعارضة ليس أكثر. لا شك أن هناك مآخذ على اختيار الدكتور كمال الجنزورى، ولكن ها قد وقع الاختيار عليه بما يلزمنا-إذا كنا حريصين على بلدنا- أن نكون معه قلبا وقالبا، عسى الله أن يوفقه فى مهمته الصعبة...فلا يستطيع أى منا أن يستقرأ المستقبل، ويجزم بأن هذا الرجل سيحقق لنا ما نصبو إليه أو العكس.. فلقد سبق هذا الاختيار إجماع على الدكتور عصام شرف، ولكنه لم ينجح فى تحقيق ما نريد ... فلن تجمع كل التيارات على رجل بعينه، بل سيطوله النقد والاعتراض، حتى لو كان يحمل صفات الأنبياء، فإذا كان هؤلاء يؤيدون أحد بعينه، فلابد أن يعوا أن اختياراتهم ربما لا تكون محل اتفاق التيارات الأخرى، ولابد لهم أن يحترموا الرأى الآخر.
إن الاعتراض الدائم لا يبنى وإنما يهدم ... ومرحلة الاتفاق أو الاعتراض هى مرحلة ما قبل الاختيار...أمَا وقد وقع الاختيار، فيجب على الجميع أن يحترم صانع القرار، ويعطى الفرصة للرجل كى يعمل ويجتهد، ونترك وطننا ينعم بالاستقرار والأمن، وإلا فسنظل ندور فى حلقة مفرغة، سنمنى فيها جميعا بالخزى والهزيمة، وستكون مصر هى الضحية ....
أما مسألة بقاء المجلس العسكرى من عدمه، فمن يضمن لنا الأمور، بعدما يترك العسكرى الحكم، خاصة أن الشرطة الآن تحتاج إلى حمايتنا أكثر من حاجتنا لحمايتها.....قد أعترض على وجود المجلس العسكرى، ولكن الضرورة تفرض وجوده الآن ... هذا رأيى الذى بطبيعة الحال لن يكون ملزما للآخرين، ولن يكون مرضيا للجميع، وسأقبل بالرأى الآخر، إذا أراد الله أن يكون حرصا على الوطن وخوفا عليه...
من وجهة نظرى المحدودة، إن المسألة عند هؤلاء أصبحت محاولة فرض الرأى، وعدم احترام الرأى الآخر، بما يعكس ديكتاتورية الرأى.. فليست الديمقراطية التى أريدها أن ينفذ رأيى وإلا فلا.... أنا هنا لا أصادر رأيا، ولكن يجب أن نلتزم بلغة الحوار، لا أن نستأثر بالرأى وحدنا دون الآخرين، مما يترتب عليه استفزاز للمشاعر، يجعل البعض يكيل الاتهامات التى نرفضها، طالما أنها لا تحمل دليل إدانة، ولكن فى المقابل، لابد أن نثبت بأفعالنا قبل أقوالنا أننا حريصون على هذا الوطن حتى لو تطلب الأمر تقديم بعض التنازلات، التى تقطع الطريق على المزايدين، وتنفى الاتهامات التى يكيلونها، كما تضمن صالح هذا الوطن، الذى لن يرحمنا التاريخ إذا كنا سببا فى اهتزاز دعائمه، وستُكتب أسماؤنا بحروف من ذهب، إذا ساندنا وطننا ورفعنا من شأنه بعيدا عن الأمجاد الشخصية والرايات العنترية... هذا رأيى الذى سأقبل بكل احترام الاعتراض عليه، بلغة تعكس رقى صاحبها ... ولله الأمر من قبل ومن بعد.
