شددت لجنة الحريات باتحاد الأدباء والكتاب العرب، على رفضها الدائم لأى شكل من أشكال مراقبة الفكر وحصاره، وطالبت بإلغاء القوانين – التى وصفتها – بـ"عفا عليها الزمن" وتضع قيودًا على حرية التفكير والتعبير والنشر والإعلام، وتجرم التظاهر السلمى وتحول المدنيين إلى محاكم عسكرى، ودعت السلطات فى العالم العربى إلى إصدار قوانين ديمقراطية تقدمية معاصرة، وتفكيك الأحادية وسياسة الإقصاء والإفراج فوراً عن جميع معتقلى الرأى، والتوجه نحو التعددية الفكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، والتركيز على الحوار واحترم الرأى الآخر، مؤكدًا على أنه بغير ذلك يستحيل أن ترسى دعائم المجتمع المدنى ويتعمّق مفهوم المواطنة ويشيع مناخ الديمقراطية.
وأعلنت الدكتورة سعيدة بنت خاطر، ممثلة وفد اتحاد كتاب سلطنة عمان، ضمن الجلسة الختامية لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، بالعاصمة الجزائرية، مساء أمس، الاثنين، عن انحياز المكتب الدائم إلى حق الجماهير فى مواصلة التظاهر والاحتجاج السلمى، والتعبير الحر عن إرادتها وتقرير مصيرها وصياغة مستقبلها وفق ما ترتئيه لنفسها، وبما يلبى تطلعاتها، مشيرة إلى أنه يواصل حثّه للاتحادات والروابط والجمعيات والأسر الأعضاء لتزويده بكل ما يتعلق بأحوال الحريات فى بلدانها، لتبويب جميع ما يرد إليه من معلومات وبيانات ذات صلة، تكشف عن الممارسات السلبية والانتهاكات التى تطال حقوق الإنسان عمومًا، وحق التعبير على وجه خاص، والتى تتكرر فى أقطار عربية مختلفة، على يد السلطات الحاكمة وأذرعها الأمنية، سواء كانت هذه السلطات عسكرية أو مدنية.
وناشد المكتب الدائم وسائل الإعلام العربية إلى تحرى الموضوعية والنزاهة وعدم تزييف الوعى ومصادرة حق المواطن العربى فى معرفة الحقائق، مؤكدًا أن الانتهاكات التى يبثها تكشف أن السلطات وأنظمة الحكم وأذرعها الأمنية فى المنطقة العربية لا تكترث لحقوق الفرد وحريته فى التعبير، وغير جادة فى الاستجابة للمطالب المستمرة بتطوير أدواتها وتهذيب تعاطيها مع مطالبه المشروعة، وهو ما لا يتسق مع ما تتطلبه الظروف الراهنة التى أعلنت فيها الشعوب انتفاضتها ضد القيود كاسرةً حواجز الخوف والتردد، ولا يبدو أن ثمة احتمالاً للرجوع عما انخرطت فيه هذه الشعوب من نضالات مهما بلغت التضحيات.
ومن أبرز الانتهاكات السلبية والممارسات السافرة التى تمكّن المكتب الدائم من رصدها: الاعتداء المباشر على مثقفين وأدباء وكتاب بسبب مشاركتهم فى التظاهرات السلمية ضد السلطات، واعتقال مدونين وناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، وتقديمهم لمحاكمات عسكرية، وإصدار أحكام بحقهم تفتقر إلى العدالة، ومن دون وجه حق، وبما يتعارض مع المواثيق الدولية التى تقضى بمثول المدنيين أمام القضاء المدني، والتدخل لتوجيه برامج حوارية تلفزيونية لمنع المشاركين فيها من مذيعين وضيوف من تقديم وجهات نظرهم حيال ممارسات السلطات، وتوجيه تهم باطلة لناشطين مناوئين للسلطات، وإدانتهم بجرائم بسبب إبدائهم النقد إزاء سياسات السلطات وقراراتها، اللجوء إلى تفعيل قوانين "الطوارئ" الباطلة، والتهديد بفرض تشريعات استثنائية بحق المتظاهرين السلميين والناشطين سياسيًّا، والاعتداء على الحرية الفردية للمرأة فى الشارع وفى مواقع العمل، واستغلال المنابر من طرف أشخاص محسوبين على حركات دينية، بما يؤجج مشاعر البغضاء ويذكى الفتنة ويحرض على الاعتداء على كل من يحمل فكرًا مختلفًا.
كما رصد تعنيف قوات الأمن لإعلاميين كلفتهم وسائل الإعلام التى يعملون فيها بتغطية مسيرات أو حركات احتجاجية، والحول دون تمكينهم من القيام بمهمتهم والوصول إلى المعلومة ونشر الحقيقة، والتعرض بالأذى لرؤساء وأعضاء اتحادات أعضاء فى الاتحاد العام وتهديدهم، والاعتداء على مقرات اتحادات أعضاء فى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وأحيانًا تحت أنظار قوات الأمن، ومنع توزيع كتب فى عدد من الدول بما يهدد حرية التعبير والنشر، وانتهاج أشكال مختلفة من الرقابة القَبلية والبَعدية على المطبوعات من كتب وصحف ومجلات، ومنع كتاب ومثقفين من ممارسة حقهم فى التنقل والسفر، لأسباب تتعلق بآرائهم وتوجهاتهم الفكرية، وتعرض قوى الأمن لناشطين عزّل فى مسيرات سلمية تدعو إلى الإصلاح، ومواجهتهم بالأسلحة، وبشكل عشوائى، وتهديد كتّاب وصحفيين معنويًّا وماديًّا، لمنعهم من قول ما يؤمنون به.
إضافة إلى تهديد كتّاب على خلفية ما كتبوه سابقاً، أو صدر عنهم من آراء فى زمن مضى، ومحاولات اختراق مواقع إلكترونية لحذف أخبار أو تعليقات منشورة فيها ضمن ما تتيحه حرية الرأى، ونشر أخبار وتعليقات على هذه المواقع من دون موافقة ناشريها أو القائمين عليها.