بمجرد أن ترددت الأنباء عن رحيل الصحفى أسامة هيكل من منصب وزير الإعلام وخروجه من التشكيل الوزارى الجديد حدثت فرحة عارمة داخل أروقة ماسبيرو، وأعرب العاملون عن سعادتهم واستعدادهم لكسر الكثير من «القلل» وراءه، بعدما كانت هناك شبه ثورة بسبب ما تردد عن استمرار هيكل فى منصبه على خلفية المشاحانات الأخيرة التى وقعت بينه وبين العاملين بالمبنى والتى كانت آخر مشاهدها محاولة الاعتداء عليه بالقرب من مكتبه الذى خرج منه مهرولا تحت حماية الشرطة العسكرية.
خرج هيكل من الوزارة بعد حملة توقيعات أعدها العاملون بماسبيرو فى بيان احتجاجى قرروا إرساله إلى الدكتور كمال الجنزورى رئيس مجلس الوزراء لرفض تجديد الثقة فى هيكل، وبعد أن انتشرت دعوات بين الحركات الثورية فى ماسبيرو لعمل وقفة احتجاجية إذا ما أعلن غدا الأربعاء عن استمرار أسامة هيكل ضمن التشكيل الوزارى الجديد.
واجتمعت عوامل عدة نتج عنها هذا الرفض لأسامة هيكل داخل مبنى ماسبيرو تتلخص فى أنه سار على نفس خطوات أنس الفقى وزير الإعلام السابق فما فعله هيكل فى 4 أشهر منذ أن تولى المسؤولية يساوى ما فعله الفقى فى 7 سنوات، بداية من سياساته الإعلامية فى إدارة الأزمات، والإخفاق الشديد فى إدارة الأزمة فى أحداث ماسبيرو، وأحداث التحرير الأخيرة، حتى تقرير لجنة تقييم الأداء الاعلامى لأحداث ماسبيرو لم يلتفت هيكل إليها، مرورا بحركات التغيير والتى لم تلق أى نوع من الرضا لدى العاملين، خصوصا تعيين صلاح الدين مصطفى فى رئاسة التليفزيون والذى تساءل العاملون عن الأسباب الحقيقية لتعيينه وقد ترتب على اختياره نشوب العديد من الخلافات بينه وبين العاملين بقطاع التليفزيون بسبب قيامه بخصم 33% من مستحقاتهم المادية، وحسب أحد العاملين أنهم عندموا ذهبوا إليه للاعتراض على ذلك طردهم من مكتبه.
اعتراض العاملين على أسامة هيكل يعود أيضا إلى اعتماده فى معظم التغييرات الأخيرة على شخصيات غير محبوبة، ومعروف عنها قربها من النظام السابق وأنس الفقى وزير الإعلام الأسبق ابتداء من طاقم ديوان الوزارة وهم أنفسهم أعوان أنس الفقى، وهم: فتحى راشد مدير مكتب هيكل وكان أحد الأعوان المقربين للفقى، وعمرو كمال مساعد أنس الفقى، واللواء سامى السعيد وكيل الوزارة والمسؤول عن لجنة اختيار القيادات، وهذه من الأسماء الضالعة فى كارثة إهدار 350 مليون يورو منحة الاتحاد الأوروبى والمعروفة إعلاميا بكارثة التطوير، واختيار إبراهيم الصياد لرئاسة قطاع الأخبار والذى كان أحد أعوان عبداللطيف المناوى فى تغطية ماسبيرو لأحداث الثورة.
وصولا إلى ثروت مكى رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون وهو أحد أبرز أذرع النظام السابق فى ماسبيرو، وكان المسؤول بشكل مباشر عن جميع المناسبات والاحتفالات الخاصة بالرئيس المخلوع وأسرته، وربط البعض ذلك بتصعيده من رئيس القناة الثالثة إلى منصب أمين اتحاد الإذاعة والتليفزيون، مرورا برئاسة قطاع الأخبار.
أما تعيين القيادات فلم يكن مختلفا فى المنطق عما سبق فقد اعتمد هيكل فى تعيين قيادات ماسبيرو على درجة القرب منه مثل اختيار الدكتورة درية شرف الدين لعضوية مجلس الأمناء على اعتبار أنها كانت رئيس المركز الإعلامى للأكاديمية البحرية والتى كان يرأسها عصام شرف رئيس الوزراء السابق، ورئيس تحرير مجلة الأكاديمية، التى كان يكتب فيها أسامة هيكل.
كما كانت سياسات أسامة هيكل فى التغطيات الإعلامية لما يحدث بالشارع المصرى سببا آخرا فى حشد رفض واسع من العاملين خصوصا فى طريقة تغطية أحداث التليفزيون لأحداث ماسبيرو وأحداث التحرير الأخيرة، حيث كان التليفزيون يعرض أفلاما كوميدية فى الوقت الذى يقتل فيه المتظاهرون. هذه السياسات جعلت العاملين بالمبنى من الإعلاميين وجميع القطاعات والتخصصات تتنصل من هذه التغطية، واعتبروها وصمة عار على جبين التليفزيون المصرى لا تقل عما حدث فى أحداث يناير، وتقدم اعتذارا بصفة شخصية عن هذا الأداء، حتى إن العاملين بالقناة الفضائية المصرية مارسوا ضغطا على القيادات لكى ينقلوا بثا حيا ومعالجة موضوعية لأحداث التحرير الأخيرة، وقام العاملون بالقناة الفضائية فى برنامج «مباشر من مصر» بفتح الهواء يوميا من الساعة 11 صباحا حتى الساعة 2 ظهرا ومن الساعة 10 مساء حتى الساعة 3 فجرا دون موافقة رئيس التليفزيون الذى جعلهم يبدون كأعداء للوطن.
أما لجنة تقييم الأداء الإعلامى على الانتخابات التى أطلقها هيكل لتقييم أداء التليفزيون والفضائيات فلاقت انتقادا كبيرا حيث تشبه إلى حد كبير لجنة أنس الفقى التى أطلقها أيضا فى انتخابات 2010 واعتبرها البعض بمثابة محاكم تفتيش لقمع الفضائيات، كل هذا بخلاف فشل هيكل فى عمل لائحة أجور عادلة، أو إطلاق برنامج توك شو يعوض غياب برنامج «مصر النهاردة» ويكون علاقة مع المشاهد المصرى، خصوصا أن معظم الإعلاميين رفضوا الانضمام لمشروع البرنامج، بسبب ما وصلت إليه سياسات الإعلام الرسمى.
العاملون فى «ماسبيرو» يودعون هيكل بـ«كسر القلل»
الثلاثاء، 06 ديسمبر 2011 12:05 م