تأتى أهمية الانتخابات من كونها أولى انتخابات بعد إزاحة مبارك عن الحكم، بالإضافة لأن الهيئة التأسيسية للدستور سيكون جزءا من أفرادها منتخبين فى هذا المجلس. لى بعض المداخلات التى أود طرحها على هامش تلك الانتخابات
أولا: أظهر الشعب المصرى شغفه الشديد وشوقه لممارسة الديمقراطية. ولا أدل على ذلك من الإقبال الشديد من جانب الناخبين على لجان التصويت. وذلك لأن الناخب شعر بأهمية صوته ومدى تأثيره فى العملية الانتخابية ووثوقه التام بأن صوته سيذهب للفرد أو القائمة التى سيعلم عليها.
ثانيا: الملاحظ أنه لم تحدث أى أعمال بلطجة قوية إلا مجرد مناوشات بسيطة جدا مقارنة بما كان يحدث أيام النظام السابق والتى كان يستخدمها النظام من أجل إرهاب الناخبين من الذهاب إلى لجان التصويت حتى ينفرد هو وبلطجيته بتسويد البطاقات لصالحه.
ثالثا: لا ينكر أحد أن من بيدهم الأمر يحاولون الآن إعادة ثقة الشعب إليهم وذلك عن طريق نزاهة الانتخابات والمحافظة على سلميتها وتقديم كل ما فى شأنه إتاحة الفرصة للتصويت وتوفير الأمن للقضاة. إلا أن هناك بعض الشوائب والأخطاء الواردة مثل بعض الأخطاء فى أسماء ورموز بعض المرشحين مما يهدد ببطلان تلك الانتخابات فى الدوائر التى حدث فيها تلك الأخطاء.
رابعا : ما زلنا فى بداية الطريق نحو الديمقراطية ومازالت قيم الديمقراطية لم تتجذر بعد فى التربة المصرية نتيجة عهود الاستبداد الماضية.
خامسا : تم استخدام الشعارات الدينية فى تلك الانتخابات بطريقة لافتة للنظر وأصبح التصويت للتيارات الدينية هو تقرب إلى الله وأن من ينتخب غير تلك الأحزاب حسابه على الله. كما أن التصويت لصالح الكثير من الإسلاميين كان نتيجة كره الشعب لأعضاء الوطنى والحب فى الخلاص منهم بشتى الصور. والشوق إلى التغيير.
سادسا: النتائج الأولية لهذه الانتخابات أظهرت تراجع الأحزاب القديمة التى كان يحرك العديد من قادتها الأجهزة الأمنية فى النظام السابق. مما معه ينبغى العمل على إعادة هيكلتها من جديد وإظهار قيادات أخرى جديدة. كما ظهرت فى هذه الانتخابات أحزاب جديدة تحاول اقتناص بعض المقاعد.
سابعا: ظهور قوة سياسية جديدة على المشهد السياسى المصرى وهى القوى الإسلامية السلفية، حيث كانت فى الماضى ضد العمل السياسى ولكن بعد نجاح الثورة غيرت من بعض آرائها ودخلت بقوة كبيرة نتيجة كثرة مريديها بين الشباب فى الشارع المصرى بل ونافست حزب الحرية والعدالة وباقى التيارات ذات المرجعية الإسلامية وبددت حلم حزب الحرية والعدالة فى هيمنته المطلقة على البرلمان القادم. بالإضافة لبعض الاحتكاكات الظاهرة بين تلك الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية!!
ثامنا : يلاحظ أن الدوائر التى بها نسبة عالية من الأقباط هى الدوائر التى حصد فيها حزب النور السلفى أعلى الأصوات وهذا يدل على طائفية التصويت. كما يلاحظ أيضا أن المرشحين الليبراليين والإسلاميين المعتدلين كان تقدمهم فى الانتخابات فى المناطق الراقية والعواصم، وذلك لثقافة الناخبين هناك أما المناطق العشوائية التى بها نسبة الفقر والجهل مرتفعة فكانت الأصوات تذهب لحزب النور السلفى، حيث الدعاية باسم الدين وتطبيق الشريعة.. الخ من شعارات دغدغت مشاعر البسطاء.
تاسعا : لا تزال الكنيسة المصرية – كمؤسسة رسمية - تصر على لعب دور الوصاية على المسيحيين. كما لو كانت غير مصدقة بأن النظام السابق قد انهار وتلاشى وأن فى مصر ثورة قام بها الجميع وذلك لتدخلها فى العمل السياسى من خلال القوائم الانتخابية التى وجهت فيها الكنيسة المسيحيين للتصويت عليها خاصة قائمة الكتلة المصرية. مما هيأ الجو لشيوع الطائفية أثناء التصويت مما جعل جزءا لا يستهان به من المسلمين يصوتون للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية. مما أهدر أصواتا كثيرة كانت من الممكن أن تذهب للأحزاب الليبرالية الأخرى والتى تضم العيد من الشخصيات الوطنية المسيحية.
عاشرا : أخشى من جراء ما تقوم به الكنيسة من توجيه لأبنائها. أن توجه الكنيسة المسيحيين فى انتخابات الرئاسة القادمة لمرشح بعينه ويكون نتيجة ذلك أن يقوم الكثير من عامة المسلمين التوجه نحو مرشح آخر فتميل كفته. وربما كان فى الظروف العادية لن يأخذ إلا نسبة بسيطة من الأصوات.. لذلك أدعو الكنيسة بالكف عن تلك الممارسات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع بل تساعد على ازدياد حدة الانقسام والاحتقان الطائفى من حيث لا تدرى. وترك المسيحيين يعطون أصواتهم لأى حزب أو مستقل حسبه فقط الكفاءة والسمعة الطيبة والأخلاق الحميدة.
الحادى عشر : أدعو الجميع إلى تقبل النتيجة أيا كانت واحترام رغبة ورأى الناخب المصرى. كما أدعو المرشحين الذين حالفهم وسيحالفهم الحظ إلى وضع المصالح العليا للوطن نصب أعينهم وتقديم مصلحة الوطن الكبرى على مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة. والله من وراء القصد.
عثمان محمود مكاوى يكتب: ملاحظات على هامش انتخابات 2011
الأحد، 04 ديسمبر 2011 11:55 ص