عندما رأيت الجموع الكبيرة تتوافد على لجان انتخابات المرحلة الأولى، ورأيت التنوع الغريب من شباب وكبار رجال ونساء، شعرت بسعادة غامرة.. منظر لم تألفه عيوننا منذ جئنا إلى الدنيا، رغم إننى تجاوز عمرى نصف قرن من الزمان، وأحسست بالألم من الاتهامات الظالمة لنا باللامبالاة والأناملية (أنا مالى)، التى كانت تقال، وكان الشعب وقتها أشبه بمن فقد وعيه، حتى لو كان الشعب كان يبدو أنه متوافق مع نفسه، فالشعب الذى زورت إرادته، وتم تهميشه وتجريفه اقتنع وقتها أنه لا فائدة من الذهاب والوقوف أمام لجان الانتخابات طالما أن الآخرين سيقومون له بهذه المهمة!!
لكن عندما تأكد أن صوته له قيمة ليس هو فقط، بل المرشح نفسه حينما تأكد أن نجاحه لن يأتى إلا بإرادة الناخبين تغيرت نبرته وتغير خطابه كنا نسمع مرشحى الحزب الفاسد حينما يخطبون فى الناخبين أنهم ناجحين ناجحين بس دا مجرد تمثيلية لزوم الديكور، لكن اليوم لن ينجح أحد إلا بأصوات الناخبين، وهو يعلم جيداً أن من وقفوا بالساعات أمام اللجان دون رشوة أو وعود انتخابية كاذبة سوف يحاسبوه على ما سيقدمه، وأن الأحزاب الكرتونية التى مارست الخداع للشعب سنوات طويلة فى سيناريو متفق عليه مع الحزب الفاسد بقناعة ليس فى الإمكان أفضل مما كان لن تستطيع الضحك على الناس مرة الأخرى.
إن هذا الإقبال الهائل على التصويت رغم الظروف الصعبة، ولن أقول التردى الأمنى، فهو وحده كافٍ لأن يلزم كل منا بيته ولا يخرج إلا للضرورة القصوى، لكن ما يشهده الشارع من عشوائية وتعطيل لكل المرافق كافٍ لأن يفكر الكثير فى عدم الذهاب، لكن الواقع أثبت أنه برغم كل الظروف، فإن الجميع كان حريصاً على إنجاح التجربة حينما اقتنع أنه صوته يملكه ولن ينتزعه أحد منه رغماً عنه، إننى مقتنع أن كل من ذهب وأدلى بصوته إنما ذهب لاستعادة حقه المسلوب، ذهب لاستعادة ملكية وطن سرق منه عنوة بالتزوير والتدليس، وجاءت الفرصة ولن يتركها وترى العزيمة فى عيون الناس تقول لك "أيوا هيا دى بلدنا زى زمان ما كنا بنسمعها كتير (يا عمى هى دى بلدنا!!)، أعتقد أن أعظم ما يمكن أن نستشعره ونقرأُه فى هذه الانتخابات، هى حالة الاستنفار لدى كل طوائف الشعب والتى خافت كل التوقعات.
بقى أن تكتمل الصورة الجميلة عندما تنتهى الانتخابات ونتقبل جميعاً النتيجة فليفز من يفز فكلنا مصريون، والحقيقة المؤكدة أنه أياً كان الفائز فى هذه الانتخابات فرداً كان أم حزباً، فهو مطالب أمام الجميع أن يثبت أنه مصرى، وأنه جاء ليخدم مصر والمصريين دون تمييز أو تحيز وليعرف أن من عرف طريق الانتخابات الحرة وذاق طعم الحرية لن يستسلم مرة أخرى لمن يسرق حقه، وانه أصبح قادراً على أن يسحب هذه الثقة التى قد يكون أعطاها لمن لا يستحقها.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نبوي لطفي طرابية
المملكة العربية السعودية مدينة الخرج