معصوم مرزوق

عملية صنع القرار السياسى

السبت، 31 ديسمبر 2011 04:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
القرار السياسى فى أبسط صورة لتعريفه هو محصلة التفاعل ما بين عاملين على الأقل فى عقل صانع هذا القرار، العامل الأول: هو القناعات الشخصية لصانع القرار، أى رؤيته الذاتية للواقع ومقدار فهمه للمعطيات المتوفرة، أما العامل الثانى: فهو المعلومات التى يحصل عليها صانع القرار سواء من مصادر علنية أو سرية.
يلعب عامل القناعة الشخصية دورًا كبيرًا فى عملية صنع القرار خاصة فى تلك الأنظمة السياسية التى يتلاشى فيها دور مؤسسات الدولة وتقتصر فيها هذه العملية على فرد أو مجموعة محدودة من الأفراد، ويظهر ذلك أيضًا فى أوقات الحروب والظروف العصيبة التى تمر بها البلاد حين تتجمع كل خيوط صنع القرار فى يد فرد واحد، حيث تقتضى سرعة مواجهة هذه الظروف التى تتميز بالتغير السريع، أن يتم اتخاذ القرار الحاسم فى أقصر وقت ممكن، ولو أدى ذلك إلى التضحية ببعض العناصر التى يتطلبها القرار الدقيق.
وقديمًا كانت الحكمة العسكرية تتطلب من القائد فى المعركة سرعة اتخاذ القرار على أساس أن القرار السليم الذى يصل إليه القائد بعد فوات أوان تنفيذه هو قرار فاشل، أما إذا اتخذ قرارًا خاطئًا ولكن بسرعة وتم تنفيذه بقوة وحسم فإن احتمال نجاحه أكبر من الأول.
والفارق بين القائد العسكرى والقائد السياسى فيما يتعلق بصنع القرار يتلخص فى أن الأول يتخذ قراره تحت ضغط عصبى ونفسى يؤثر بلا شك على وضوح رؤيته للميدان وللتغيرات الطارئة، أما الثانى فمن المفترض أنه يتخذ قراراته فى ظروف أكثر هدوءًا وإن كان فى ميدان أكثر عمقًا واتساعًا.
وصانع القرار - أيّا كان - هو إنسان، والإنسان بطبعه يميل إلى التوازن «الإنسان الطبيعى بالطبع!»، وهذا التوجه يخدم الإنسانية بوجه عام، إلا أنه من ناحية أخرى يؤدى إلى تضليل صانع القرار عندما لا تتمشى حالة بعينها مع التوازن العقلى.
ومع ذلك سيدفع التوازن العقلى صانع القرار دائمًا إلى الركون لمثل هذه المسلمات، بما قد يترتب عليه تضليله وتعميته، فربما لا تكون له علاقات طيبة مع دولة ما، إلا أن هجوم دولة ثالثة على هذه الدولة لا يعنى دائمًا أن مصالحه تتحقق بتحالفه مع هذه الدولة الأخيرة، وغنى عن الذكر مدى تأثر عامل الاقتناع الشخصى بالحالة النفسية لصانع القرار، فلا شك فى تأثير عقدة الشعور بالنقص أو عقدة الشعور بالعظمة أو بالاضطهاد إلى كوارث فى اتخاذ القرار، وتلك الحالات النفسية تمتلئ بها صفحات تاريخ الدول والعلاقات الدولية، ومن أخطر الأمراض النفسية تأثيرًا على صانع القرار هو اقتناعه الذاتى بأن الثبات وعدم التغيير هو أساس الاستقرار السياسى، فى حين أن الاستقرار السياسى إنما يعنى مقدرة النظام السياسى على استيعاب التغير بدون عنف كذلك ينعكس عدم الثقة بالنفس فى عدم ثقة صانع القرار بالمحيطين به، فلا يلقى بالاً لآرائهم ونصائحهم، بل وربما يعمد إلى اتخاذ القرار المضاد لهذه الآراء والنصائح بشكل آلى وبالتلازم العقلى بين عدم ثقة فى مستشاريه وعدم صحة نصائحهم.
ويدخل فى ذلك أيضًا تأثير السلطة على الأشخاص، فلا شك فى صحة المقولة التى تقول: «إن السلطة مفسدة، وإن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة»، وتأثير ذلك على صنع القرار تأثير واضح وسلبى، فمن ناحية يؤدى بصانع القرار إلى الاعتداد باقتناعه الشخصى على حساب آراء أخرى قد تكون سليمة وصحيحة، وبمقدار ازدياد سلطة صانع القرار يزداد اعتداده باقتناعه الشخصى بشكل طردى حتى إذا ما وصل الأمر إلى السلطة المطلقة أصبح اعتداده أيضًا مطلقًا، وبهذه الطريقة تدرج هتلر حتى وصل ببلاده إلى الجحيم، وتدرج آخرون حتى صاروا لا يتحاورون إلا مع المرايا المكبرة، أى التى يرون فيها ذواتهم متضخمة ولا يرون معها أى شىء آخر.
ولهذا الحديث بقية..








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

وصمة عار

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد الشيخ

بين صناعة القرارات وصناعة السيارات

عدد الردود 0

بواسطة:

ياسر

يا مسهرني الليل

عدد الردود 0

بواسطة:

علاء

نظريات نظريات ومجرد كلام ، أين التطبيق

عدد الردود 0

بواسطة:

تامر

يا سخرية القدر فعلاً

عدد الردود 0

بواسطة:

مجدي

أن سمعت عن الحفلة فقلت أجي أمسي

عدد الردود 0

بواسطة:

ياسر

دا انتا حبايبك طلعوا كتير فعلاً

عدد الردود 0

بواسطة:

يا ســـــر

دا انتا حبايبك طلعوا كتير فعلاً

عدد الردود 0

بواسطة:

الملا

ملوش لازمة الكلام ده خلاص طلع معاش

عدد الردود 0

بواسطة:

ياسر

أخيراً خلته يبطل يكتب

وانتهت الحياة الآدبية من فاسد أخر

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة