كانت مشاركة المصريين فى الخارج فى الانتخابات التى تجرى على الأراضى المصرية حلماً يراود كثيراً من المصريين باعتبار أن مباشرة هذا الحق أحد أهم الحقوق التى كفلها القانون والدستور والمواثيق الدولية، حيث لا فرق بين المصرى المقيم فى الخارج والمصرى الذى يعيش على أرض الوطن فالحقوق والواجبات الوطنية لا تعرف هذه التفرقة.
وبعد أن أصبح هذا الحلم حقيقة وبمجرد فتح باب التسجيل بقاعدة بيانات الناخبين تلاحظ للجميع إقبال الجالية المصرية بالسعودية على ممارسة هذا الحق حيث وصل عدد المسجلين إلى 142671 مصرياً ومصرية بنسبة 40% تقريباً من أعداد المسجلين على مستوى العالم البالغة 355569 عبر الموقع الرسمى للجنة العليا للانتخابات وليس ذلك بمستغرب فالجالية المصرية بالسعودية جالية كبيرة.
ولكن المستغرب هو ما قامت به اللجنة العليا للانتخابات بمصر، حيث أصدرت تعليماتها بأن تكون الانتخابات عن طريق البريد، وأن يتم استقبال الناخبين وأصواتهم فقط فى مقر السفارة المصرية بالرياض، الأمر الذى أصاب العديد من أبناء الجالية بالإحباط حيث كان من الممكن على الأقل إيجاد مقرات أخر ى فى دوائر اختصاص البعثات الدبلوماسية كما ورد بالقانون 130 لسنة 2011 وقرار اللجنة رقم 27 لسنة 2011 أو إيجاد مقر انتخابى على الأقل بالقنصلية المصرية العامة بجدة ليسهل ذلك عملية التصويت على أبناء الجالية المصرية فى المنطقة الغربية.
وقد أدى ذلك أيضاً إلى تصعيب مهمة السفارة المصرية بالرياض، حيث أصبح المطلوب منها أن تستقبل وحدها أصوات الناخبين لتقوم بعد ذلك بدورها بتسجيل وفرز هذه الأصوات وهى مهمة بالغة الصعوبة مقارنةً بعدد العاملين بالسلك الدبلوماسى فى هذه السفارة.
ومن حسن الحظ أن شرفتنى القنصلية العامة بجدة باختيارى وآخرين ممثلين عن أبناء الجالية المصرية بالمنطقة الغربية لمتابعة عملية الفرز بالسفارة المصرية بالرياض وهناك تعرفت على السفير محمود عوف سفير جمهورية مصر العربية بالمملكة العربية السعودية الشقيقة ووجدته رجلاً مجتهداً متواضعا تابع بنفسه كل تفاصيل العملية الانتخابية وكان حريصاً على خروج العملية الانتخابية بصورة مشرفه وحضارية، وذلك بالإضافة إلى ما قدمته السلطات السعودية من تسهيلات كبيرة لتسهيل وتنظيم مرور واستقبال أعداد المصريين الكبيرة لعدة أيام من أجل تسليم أصواتهم للسفارة بالرياض.
ويبقى الآن وهو الأهم دور اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات فى تسهيل عملية التصويت على المصريين فى المملكة فإصرار اللجنة على أن تكون السفارة بالرياض وحدها من يقوم بهذا العبء وإرهاق أبناء الجالية لتوصيل أصواتهم إلى هناك بأنفسهم أو عبر البريد أمر لا مبرر له ويتنافى مع ما ورد بالمرسوم بالقانون رقم 130 لسنة 2011 وقرار اللجنة رقم 27لسنة 2011 والذى ورد فيهما أن المقار الانتخابية تكون فى دوائر اختصاص البعثات الدبلوماسية فتكون بذلك قريبة وسهلة الوصول إليها.
ومادام الجميع متعاونين والجالية المصرية حريصة على أن تظهر بمظهر حضارى مشرف، فيجب أن تكون اللجنة العليا للانتخابات أيضاً متعاونة وتقوم بفتح مقرات أخرى، حيث الاكتفاء فقط بمقر السفارة بالرياض أمر يصعب معه على أبناء الجالية والبعثة الدبلوماسية فى الرياض أن تتحمله كما أن إيجاد مقرات انتخابية أخرى من صلاحيات اللجنة وهو أمر تستطيع اللجنة تحقيقه فى المراحل القادمة من العملية الانتخابية إذا كانت حريصة على الخروج بصورة مشرفة لانتخابات المصريين بالخارج !!!
*رئيس رابطة المستشارين القانونيين بالقنصلية المصرية بجدة
محمد بدر يكتب: .. وأصبح الحلم حقيقة وتحية لهذا السفير
السبت، 03 ديسمبر 2011 12:23 ص