هاجم عدد من المثقفين والكتاب التصريحات التى أدلى بها المهندس عبد المنعم الشحات المرشح لمجلس الشعب فى محافظة الإسكندرية، والتى وصف فيها أدب نجيب محفوظ بأنه يحض على الرذيلة والفجور، مؤكدين أن مثل هذه التصريحات تنم عن جهل قائلها، ودعا المثقفون الشحات إلى قراءة أدب محفوظ قبل الحكم عليه من خلال سماعه لبعض المغرضين الذين يحاولون تشويه رحلة نجاحه الكبيرة، لافتين إلى أن الشحات جاء من نفس المدرسة التى دعت إلى اغتياله من قبل.
الكاتب حلمى النمنم رئيس مجلس إدارة دار الهلال قال: إن هذا التصريح ينذر "بمصيبة سوداء" على مصر والمصريين، على حد وصفه، قائلا: إن مثل هذه التصرفات هى ضريبة على المثقفين أن يدفعوها عن مبارك وعن حكم أمن الدولة والفساد الذى استشرى فى مصر خلال الثلاثين عاماً الماضية.
بينما قال الناقد الدكتور حسين حمودة، إن التفكير فى أعمال أدبية مهمة لكاتب كبير مثل نجيب محفوظ يحتاج إلى نظرة غير محدودة الأفق تستطيع أن تتعامل مع الأدب بمنطق الأدب بمعنى "أنها تحتاج إلى إدراك الصياغة الفنية الخاصة بالأدب، وإلى معرفة الكيفيات التى يصوغ بها الأديب عالمه".
ووصف حمودة تصريح الشحات الذى هاجم فيه أدب محفوظ بمتصيد الأخطاء الذى يقطتع من الآيه ما يلبى أهواءه الشخصية، وضرب مثلا بالآية التى تقول "ولا تقربوا الصلاة" والوقوف عند هذه الكلمة وعدم استكمالها، مشيراً إلى أن كثيرين ممن تكلموا عن نجيب محفوظ أو اتهموه بالباطل، لم يقرأوا له عملا أدبيا واحدا، ويطلقون اتهامات يسوقونها على السماع فقط وليس على القراءة، وبعضهم يسوقونها لأنهم شاهدوا بعض الأفلام المأخذوه عن رواياته، مؤكدا أن جزءاً كبيراً من هذه الأفلام قام بتسطيح تجربة محفوظ الأدبية إلى حد بعيد.
وأكد حمودة أيضا، أن نجيب محفوظ فى أعماله الأدبية داعية نبيل إلى عالم أكثر استقامة ونبلا وعدلا، وأوسع حرية وأكثر اقتراباً من الحقيقة والصدق الإنسانى، ويمكن لمن يشاء أن يحكم على أعمال محفوظ بمنظور أخلاق أو غير أخلاقى ولكن بشرط أن يكون قد قرأها.
ووصف الروائى محمود الوردانى صاحب التصريح بالجاهل الذى لا يعلم شيئاً بشئون الأدب، مؤكدا أن حرية التعبير للمثقفين خط أحمر ومن يحاول الاقتراب منها سيكون مكانه بجوار مبارك، مضيفاً أن هذا التصريح لا يستحق الرد عليه، مؤكداً أن من سيحاول الوقوف ضد حرية الرأى والتعبير سنتصدى له ولو اضطرنا الأمر التضحية بكل نفيس وغالى قائلا: "نحن لم نوافق من قبل على ممارسات مبارك ووقفنا ضده ومحفوظ قيمه كبرى غصب عنه".
وقال الشاعر شعبان يوسف أدعو الشحات إلى قراءة كتاب "القيم الروحية فى أدب نجيب محفوظ" للناقد الدكتور محمد حسن عبد الله، منتقداً حكمه على أديب عالمى مثل محفوظ اعترف العالم كله بأهمية أدبه بمجرد أنه شاهد الأفلام التى أُخذت من روايته.
واعتبر يوسف أن مثل هذا التصريح تجاوز فى حق محفوظ، مشيرا إلى أن تصريحه لا يقل خطورة عما دعت له جماعة التكفير والهجرة عام 94 التى حاولت قتله وقتها، مضيفا إلى أن ذلك يذكرنا بالطاحونة الإرهابية التى كانت تعيشها مصر فى بداية التسعينيات.
وقال شعبان أن اكتساحهم فى مجلس الشعب بالأغلبية لا يعطيهم الحق بالتصريح بكلام غير مسئول، مؤكدا أن هذه التصريحات ليست صالحة فى الآونة الحالية وعلى عبد المنعم الشحات وأمثاله الابتعاد عن هذه التصريحات التى تضع البنزين بجوار النار.