قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، اليوم الثلاثاء، فى بيان لها، إن التصريحات المتواترة لقيادات المجلس العسكرى ووزارة الداخلية فى الفترة الأخيرة بشأن حق قوات الجيش والشرطة فى استعمال العنف ضد المتظاهرين تشكل مخالفة تامة وصارخة للمعايير المنصوص عليها فى القانون الدولى، وتشكل فى حد ذاتها اعترافًا بالمسئولية الجنائية عن الجرائم التى ارتكبتها قوات الجيش والشرطة فى حق المتظاهرين على مدى الأشهر الماضية.
وأصدرت المبادرة المصرية اليوم الثلاثاء، مدونة قواعد تحوى ملخصًا للمعايير الدولية المنطبقة على حالات التعامل مع المظاهرات والاضطرابات العامة، بما فى ذلك الظروف التى يسمح فيها لقوات الأمن بالاستخدام المشروع للقوة والظروف التى يعد فيها استخدام القوة غير قانونى ويمثل بالتالى جرائم جنائية.
وقالت ماجدة بطرس مديرة قسم العدالة الجنائية فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "فى أعقاب كل جريمة ترتكبها قوات الجيش والشرطة نسمع ادعاءات وحججًا من نوع أن المتظاهرين هم من بدءوا بالعنف، أو أن قوات الأمن استخدمت الوسائل المشروعة فقط للدفاع عن الممتلكات العامة أو للدفاع عن النفس، أو أن القتل لم يرتكب بيد قوات الأمن وإنما بيد طرف ثالث. ورغم توافر الأدلة الدامغة على كذب هذه الادعاءات إلا أنها حتى وإن كانت صحيحة لا تغير من حقيقة أن نوع وفداحة القوة المستخدمة بحق المتظاهرين تمثل جرائم جنائية وتوجب مساءلة مرتكبى العنف غير المشروع وقياداتهم ومحاسبتهم جنائياً".
وإلى جانب استعراض المعايير والقواعد الدولية المنظمة لمسئولية قوات الشرطة أو القوات المسلحة التى تقوم بعمل الشرطة، فإن مدونة القواعد تتناول كيفية تطبيق هذه القواعد أثناء الظروف الاستثنائية، كأن تكون المظاهرة غير مرخص بها قانونيًا فى نظر المسئولين، أو الحالات التى يستخدم فيها بعض المتظاهرين العنف، أو حالات الاعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة، أو الحالات التى يتعرض فيها المتظاهرون للعنف من قبل مدنيين آخرين.
وفى جميع الأحوال فإن المعايير الدولية لا تدع مجالا للشك فى أن سلوك قوات الجيش والشرطة على مدى الأشهر الماضية تمثل انتهاكًا جسيما لهذه المعايير يوجب محاكمة كل من أصدر أو نفذ أوامر باستعمال العنف غير المشروع فى كل من أحداث مجلس الشعب خلال شهر ديسمبر الجارى والتى نتج عنها حتى الآن 17 قتيلا، ومصادمات شارع محمد محمود فى نوفمبر الماضى والتى أفضت إلى 45 قتيلا، ومجزرة ماسبيرو فى أكتوبر المنصرم والتى أفضت إلى 28 قتيلا، وغيرها من الجرائم السابقة.
وعن المصادمات التى وقعت بين المتظاهرين وقوات الأمن منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، بررت قوات الأمن – سواء من الشرطة أو الجيش – قتل وإصابة المتظاهرين بأعذار من نوعية: أن المتظاهرين هم من بدأوا بالعنف، أو أن قوات الأمن استخدمت الوسائل المشروعة فقط للدفاع عن الممتلكات العامة أو للدفاع عن النفس، أو أن القتل لم يرتكب بيد قوات الأمن وإنما بيد طرف ثالث. إلى يومنا هذا لم يحاسب أى ضابط شرطة أو جيش على قتل المتظاهرين أو إصابتهم منذ فبراير الماضى، ورغم أن السلطات أعلنت فتح عدد من التحقيقات إلا أن نتائجها – فى حال كانت أجريت فعلا – لم تعلن.
وجمعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية – وستظل تجمع – دلائل لإثبات أن أعذار قوات الأمن وحججها ما هى إلا تحريف للحقيقة يعكس إصراراً على عدم إدانة أى اعتداء يتم على أيديها. ورغم ذلك، تؤكد المبادرة المصرية أنه حتى فى حال كانت ادعاءات قوات الأمن عن الأحداث صحيحة تماما، فإن نوع القوة المستخدم وكذلك فداحة هذه القوة غير قانونيين بالمرة ويمثلان جرائم جنائية بموجب القانون المصرى والدولى. ينطبق هذا الطرح على أحداث مجلس الشعب خلال شهر ديسمبر الجارى والتى نتج عنها حتى الآن 17 قتيلا، وكذلك مصادمات شارع محمد محمود فى نوفمبر الماضى والتى أفضت إلى 45 قتيلا، ومجزرة ماسبيرو فى أكتوبر المنصرم والتى أفضت إلى 28 قتيلا، وغيرها من الأحداث السابقة.
تستعرض هذه المذكرة فيما يلى ملخصًا للمعايير الدولية المنطبقة على حالات التعامل مع المظاهرات والاضطرابات العامة، حيث تورد الظروف التى يسمح فيها لقوات الأمن بالاستخدام المشروع للقوة أو الأسلحة النارية والظروف التى يعد فيها استخدام القوة غير قانونى ويمثل بالتالى جرائم جنائية.
ومن الجدير بالذكر أن الظروف الاستثنائية كالقلاقل السياسية الداخلية أو أى طوارئ عامة أخرى لا يمكن استخدامها كمبرر لمخالفة هذه المبادئ الرئيسية.
وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن الوثيقة تتضمن الأسس الحاكمة لعمل قوات الأمن فى حفظ الأمن أثناء المظاهرات والاضطرابات العامة، ودور المؤسسات الأمنية هو تأمين المظاهرات سواء كانت مخططا لها أو وليدة اللحظة، وتأمين حقوق المشاركين وغير المشاركين بها.
وأكدت أن دور المؤسسات الأمنية هو حماية حقوق المواطنين فى الحياة والحرية والأمن، لذا فإن أى فعل لهذه المؤسسات الأمنية يجب أن يهدف إلى ضمان السلامة العامة، ومنع الاضطرابات والجريمة وحماية حقوق الآخرين.
وقالت حق التجمع السلمى والتظاهر مكفول، كما نصت على للمسئولين عن إنفاذ القانون استخدام القوة فى حالات الضرورة القصوى فقط وللحد الذى يمكنهم من أداء وظيفتهم، وبالتالى فإن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب قوات الأمن يجب أن يكون متناسبًا مع الهدف المشروع المراد تحقيقه ومع خطورة الجريمة، وقانونيًا أى يجب أن يكون هذا الاستخدام متوافقًا مع القوانين المحلية والمبادئ الدولية.
وفى جميع الأحوال لا يجب استخدام الأسلحة النارية وتشمل الخرطوش والرصاص المطاطى والرصاص الحى - إلا فى حالات الدفاع عن النفس أو عن الآخرين ضد تهديد وشيك بالموت أو الإصابة البالغة، أو لمنع ارتكاب جريمة خطيرة تتضمن تهديدًا للحياة، أو للقبض على شخص خطير يبدى مقاومة للسلطات، أو لمنع هروبه، وذلك فقط عندما تكون الوسائل الأخرى الأقل تطرفًا غير كافية لتحقيق هذه الأهداف.
وعند حالات الاستخدام المشروع للقوة والأسلحة النارية، يجب على المكلفين بإنفاذ القانون تقليل الإصابات والخسائر إلى أقل حد ممكن والحفاظ على حياة الإنسان.
ولا يجوز الاستخدام العمدى للأسلحة القاتلة إلا عندما لا يمكن تجنبه بأى وسيلة وفى سبيل الحفاظ على الحياة فقط.
ويعنى هذا أنه على قوات الأمن أولا أن تتفاوض مع المتظاهرين، وإذا فشلت هذه المفاوضات فى فض التظاهرة فإن على قوات الأمن تحذير المتظاهرين من أنها ستستخدم القوة فى حالة عدم إنهاء المظاهرة، وإذا لم يفلح التحذير يمكن لقوات الأمن استخدام أقل الوسائل تطرفًا مثل خراطيم المياه، وإذا لم يثمر ذلك حينها فقط يمكن لقوات الأمن استخدام الأسلحة غير القاتلة والتعجيزية مثل الغازات المسيلة للدموع.
وفى جميع الأحوال يجب أن يكون استخدام القوة متناسبًا مع الهدف، وبأقل إصابات وخسائر ممكنة، فعلى سبيل المثال إذا كان هناك 20 شخصًا معتصمين فى حديقة عامة فلن يكون من المتناسب استخدام الغازات المسيلة للدموع لفضهم.
وقالت المدونة، إن استخدام الأسلحة النارية لفض المظاهرات السلمية غير قانونى على الإطلاق.
كذلك عندما يستعمل بعض المتظاهرين العنف، إذا كان بعض المتظاهرين يستخدمون العنف ضد قوات الأمن – يلقون بالحجارة مثلا أو بزجاجات المولوتوف على الأمن – فإن لقوات الأمن الحق فى الاستخدام المشروع للقوة بالدرجة المطلوبة وإنما فى أدنى حدودها وبأقل خسائر ممكنة.
ويجب أن يفرق الرد الأمنى بين المتظاهرين السلميين وأولئك الذين يستخدمون العنف، ويحاول عزل المجموعة الأخيرة وحماية المتظاهرين السلميين. وفى كل الأحوال فإن تعميم استخدام القوة على جميع الموجودين فى محيط المظاهرة – السلميين وغيرهم – أمر غير قانونى.
إذا كان العنف الممارس من قبل المتظاهرين لا يشكل تهديدًا بالموت أو الإصابات الخطيرة فلا يحق لقوات الأمن استخدام الأسلحة النارية. فعلى سبيل المثال، إلقاء الحجارة على أفراد الشرطة الذين يرتدون خوذًا ودروعًا لا يشكل تهديدًا بالموت أو الإصابات الخطيرة لذا لا يمكن لقوات الأمن استخدام الأسلحة النارية للرد على هذا العنف.
فقط فى الحالات التى يصل فيها عنف المتظاهرين إلى درجات تهدد الحياة أو تسبب إصابات بالغة يحق لقوات الأمن استخدام الأسلحة النارية والرصاص الحى ولكن فى أضيق الحدود ودون أن يكون الهدف هو القتل.
وقالت المدونة، ننوه هنا أنه فى حالة حدوث أعمال عنف يجب أن يكون هدف قوات الأمن هو منع الموقف من التفاقم، وتقليل وتيرة العنف، وإذا كان استخدام القوة من جانب الأمن – وإن كان مشروعًا وضروريًا – سيؤدى إلى اشتعال الموقف وإلى مزيد من العنف والاضطراب فإن على قوات الأمن التراجع عن استخدامه، وقد يكون الانسحاب حلا فى بعض الأحوال لمنع تفاقم الوضع.
وذكرت المدونة، أنه عندما يقوم مدنيون آخرون باستعمال العنف ضد المتظاهرين، إذا كان هناك شخص أو أكثر يستعمل العنف ضد المتظاهرين السلميين فإن دور قوات الأمن هو القبض على مرتكبى هذه الجرائم ومنع مزيد من العنف. لذا يجب على قوات الأمن القبض على من يستعمل العنف ضد المتظاهرين سواء بإلقاء الحجارة عليهم أو باستخدام الأسلحة النارية. ويعد الفشل فى تنفيذ هذه المهمة عندما يكون ذلك ممكنًا خرقًا لمهام وظيفتهم ويشكل جريمة جنائية بموجب قانون العقوبات المصرى.
وفى جميع الحالات فإن دور أفراد الأمن ينحصر فى إلقاء القبض على المدنيين المعتدين ولا يجوز لأى منهم اتخاذ إجراءات عقابية ضد المدنيين.
وفى حالة الهجوم على ممتلكات عامة أو خاصة فدور قوات الأمن هو حماية الممتلكات الخاصة والعامة، وفى هذه الحالات تنطبق نفس قواعد استخدام القوة والأسلحة النارية، أى يجب أن يكون استخدام القوة ضروريًا وقانونيًا ومتناسبًا مع الهدف المرجو تحقيقه.
ونصت المدونة على أنه يجب استخدام القوة والأسلحة النارية فقط فى حالات التهديد الوشيك بالموت أو الإصابات الخطيرة، ولا يمثل التهجم على الممتلكات الخاصة والعامة فى حد ذاته مثل هذا التهديد.
بالإضافة إلى حماية الممتلكات العامة والخاصة لا يمكن أبدًا أن يبرر الاستخدام العمدى للأسلحة القاتلة فى جميع الحالات.
كما يحظر تمامًا على قوات الأمن إلقاء الحجارة أو أى مواد أخرى على المتظاهرين حتى وإن كان المتظاهرون يلقون عليهم حجارة، وقوات الأمن التى تفض المظاهرات لا يجب أن تحمل – فى أى ظروف – سيوفًا أو أى أسلحة أخرى لا يقرها القانون.
ويحظر على قوات الأمن استخدام العنف الجسدى تجاه الأفراد إلا فى حالات الضرورة القصوى، وضرب أى شخص لا يبدى مقاومة أو ملقى على الأرض أو فاقد للوعى، أو هتك عرض أى شخص، جميعها تعد جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات بالسجن، وعندما يكون مرتكبها أحد أفراد السلطة العامة تكون العقوبة مشددة.
ويعاقب القانون جنائيًا استخدام أى من أفراد الأمن لعبارات مسيئة أو إشارات مهينة أو قيامهم بتهديد المتظاهرين.
وعمل الشرطة يجب أن يستهدف الأشخاص الساعية إلى خرق الأمن واستهداف أى شخص آخر هو أمر غير قانونى، ويتضمن ذلك استهداف الصحفيين أو المواطنين الذين يصورون ما يحدث بالصور أو الفيديو.
كما يحظر استخدام الأسلحة غير القاتلة والتعجيزية بشكل قد يسبب الوفاة أو يتسبب فى إصابة أشخاص غير متورطين، 20 فمثلا: لا يجب إطلاق الخرطوش أو الرصاص المطاطى على النصف الأعلى لأجساد المتظاهرين، وقنابل الغاز لا يجب استخدامها بشكل مفرط ويحظر تمامًا استخدامها فى أماكن مغلقة، ولا يجب تصويبها على الأجساد، ويجب أن يقيد استخدام قنابل الغاز فى المناطق السكنية.
ولا يمكن تبرير إطلاق الرصاص الحى على رأس أو صدر شخص إلا فى حال ما كان هذا الشخص على وشك أن يقتل أو يصيب شخصًا آخر إصابة بالغة، على سبيل المثال أن يوجه مسدسًا عليه، وعندما يكون هذا هو السبيل الوحيد لمنعه من القيام بذلك.
"المصرية للحقوق الشخصية" تقدم نص مدونة قواعد حفظ الأمن أثناء المظاهرات
الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011 02:22 م