بانتهاء المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية، تكون الصورة النهائية للغرفة الأولى للبرلمان - مجلس الشعب- قد اقتربت من النهاية لتخرج مكتسية بالرداء الدينى الذى ترتديه جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفى.
فقد حقق حزبا "الحرية والعدالة" الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، و"النور" لسان حال السلفيين أعلى النتائج وحصدا أغلبية المقاعد حتى الآن، وبقيت المرحلة الثالثة التى سوف تضيف إليهما مزيدا من المقاعد.
وإحقاقا للحق فإن هذه النتائج لم تأت من فراغ بل كانت نتيجة جهد مارسته التيارات الدينية ودفعت بكل ما لديها من قوة وآليات من أجل الوصول إليها، وقد تحقق لها ما أرادت رغم كل الانتقادات التى وجهت إلى ممارساتها خلال العملية الانتخابية والتى انتهت إلى عدد كبير من الطعون تم نظر بعضها ولم تخرج نتائج أغلبها.
فنحن هنا لسنا بصدد الاعتراض على وصول التيارات الدينية للبرلمان فهذا هو خيار الشعب، وله احترامه، ولكننا هنا نحاول إلقاء الضوء على كيفية استغلال هذه النتائج سياسيا، وما يمكن أن ينعكس منها على المواطن الذى يجب أن تكون مصلحته أسمى أمانى النواب.
وأظن – وليس كل الظن إثما – أن جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها الفصيل الذى قرر أن يلعب سياسة منذ سنوات وخاض صولات وجولات مع سلطة الحكم على مدار عقود من الزمان، لابد أن يستثمر تلك النتائج لصالح أهداف سياسية ترى فيها الصالح العام بقناعة ذاتية منها دون النظر إلى الرغبة الشعبية، لتتحول الانتخابات البرلمانية فى النهاية إلى طريق لتحقيق الأهداف الخاصة التى تصطدم تارة بالقانون وتارة أخرى بالرفض الشعبى.
فمنذ بداية الانتخابات روجت الجماعة لفكرة أن يكون من حقها تشكيل الحكومة وبطريق غير مباشر معتمدة على لفظ "الأغلبية داخل البرلمان"، لأنها كانت تعمل جاهدة بشتى الطرق حتى تحصل عليها أملا فى تشكيل الحكومة، وكشفت تلك المحاولات من جانب الجماعة عن أنه لا فرق بين الجماعة والحزب فكلاهما واحد فى حين حاولت قيادات مكتب الإرشاد تصوير الحزب على أنه منفصل عن الجماعة ولا تداخل بينهما، وأيا كان المبرر فإن قيادات الجماعة من كلا الجانبين روجت لهذه الفكرة، ودافعت عنها باستماتة ليكتشف المتابع أن الجماعة تريد فرض نظام سياسى دون معرفة الخلفية القانونية أو النظام السياسى للدولة، وعندما اكتشفت الجماعة أن تشكيل الأغلبية للحكومة ليس فى نظام مصر السياسى المعمول به تراجعت حتى لا تكشف المزيد من الأخطاء السياسية.
ثم لجأت الجماعة أيضا إلى فكرة أخرى علها تصح هذه المرة، وهى تسليم السلطة لرئيس مجلس الشعب القادم، مستغلة فى ذلك أيضا مطالب القوى السياسية التى نادت بتعجيل تسليمها من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى سلطة مدنية، رغم أنها وافقت على الجدول الزمنى والذى ينتهى بانتخاب رئيس للدولة بنهاية يونيو القادم، ورفضت المشاركة فى أى فعاليات بهذا الشأن، واعتبرت أى تظاهرات مدعاة للفوضى وامتنعت عن جمعة "رد اعتبار الحرائر" وغيرها.
وقد يبدو الهدف من المحاولة الأخيرة دفينا إلا أننى أقول أن الهدف هذه المرة هو تسليم السلطة لرئيس مجلس الشعب الذى ستدفع به الجماعة بعد تحالفها مع التيار السلفى بالبرلمان، بعد أن استقرت على شخص المستشار محمود الخضيرى الذى سوف يتولى رئاسة المجلس بأمر جماعة الإخوان ومباركة التيار السلفى، حتى يكون رئيسا مؤقتا للدولة، وهذه الخطوة سوف يتبعها خطوات أخرى تناضل الجماعة من أجلها فى حينها وهى ضرورة تسليم السلطة لرئيس مجلس الشعب، وذلك نظرا لإيمان التيارات السياسية بأن فترة اختيار رئيس للدولة سوف تطول، ومن هنا تكون الجماعة قد وصلت إلى سدة الحكم، ولو لفترة مستغلة أشخاصا تقول أنهم لا ينتمون للجماعة.
وهنا لا أختلف على شخص المستشار الخضيرى فهو رجل مشهود له بدماثة الخلق والنضال فى نادى القضاة، ولا يختلف عليه اثنان.
كل هذا يبين إلى أى مدى تدار الشئون السياسية فى مصر، وتقوم بالأساس على نظام"التجربة والخطأ" وهو نظام لا يعتمد على واقع علمى مدروس ولكنه يخضع لنظام الأهواء والرغبات الخاصة والاعتماد على ما يسمى بالبالونات السياسية لاختبار الشارع السياسى.
فإذا كان الشعب المصرى تم اجباره على قبول أنظمة لم تكن من صنعه ورضى بها تحت ضغط القمع والاستبداد الذى مارسته أنظمة سابقة، فإنه لن يقبل أن يتحول إلى فئران تجارب فى معمل سلطة الحكم القادمة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ـ عبد الغني ذينه ـ فرنسا ـ باريس
الأهرامات ، الأزهر، الكنائس
عدد الردود 0
بواسطة:
صـفــوت صـالـح الـكـاشــــف/القاهرة
///////////// محمد نجيب مرة ثانية /////////////
عدد الردود 0
بواسطة:
الأسيوطي
ألا ترتدعون؟
عدد الردود 0
بواسطة:
Ahmed AlBetawey
مفيش فايدة........احنا مع الاخوان والنور......
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام هلال
حتي الخضيري