قاربت المرحلة الثالثة من الانتخابات على الانتهاء ويراهن كثيرون على أنها بداية الخروج من حالة «الضبابية السياسية» هل تكون الانتخابات نهاية أم بداية؟ هل تنتهى الاعتصامات والمظاهرات؟ وما مصير المطالب الفئوية المؤجلة، وشكل النظام السياسى، والفئات التى لم تخرج وتعانى من تأثيرات مباشرة، كالفقراء والعاطلين وعمال اليومية ممن ينتظرون تحولا فى واقعهم؟
المشكلة ليست فى الاعتصامات والمظاهرات، لكن فى احتمالات تكرار المصادمات وسقوط ضحايا، هناك فئات كثيرة لديها مطالب وتنتظر ما تسفر عنه العملية السياسية، والذين شاركوا فى الثورة وينتظرون أن يروا نتائج ولا يرون أن الخطوات التى تمت حتى الآن كافية، وقد تكون الانتخابات بداية لأنها سوف تسفر عن أول تشكيل للسلطة المنتخبة، وسيكون على البرلمان اختيار لجنة تأسيسية تضع الدستور الذى سيحدد شكل الدولة، وما إذا كانت جمهورية أم برلمانية أم مختلطة، وهى النقطة التى تمثل عقدة لو تم عبورها بسلام فسوف تنتهى إلى دستور متوازن يضمن حقوق وحريات المواطنين ويمنع تغول أى سلطة على الأخرى.
وهى بداية تحتاج إلى التقاء كل التيارات والقوى السياسية لإعلان نوايا كل طرف بوضوح وإنهاء حالة الجدل والمخاصمة ليبدأ حوار يشارك فيه كل القوى، حوار يدعو إليه البرلمان يد صاحب السلطة المنتخبة، ويترك المجلس العسكرى نصف السلطة لتبقى خطوتان: انتخاب رئيس، والانتهاء من وضع الدستور.
ومن هنا فإن المسؤولية على البرلمان القادم كبيرة وتحتاج إلى درجة من التوافق، ومع الاعتراف بوجود خلافات واسعة فى وجهات النظر بين التيارات المختلفة، فإن الاختلاف ينعكس فى صراعات إعلامية، بينما السياسة هى عملية منافسة بين التيارات المختلفة تحتاج إلى تحديد قواعد واضحة للممارسة فى الانتخابات وبعدها.
ما يجرى من فبراير حتى الآن هو صراع على السلطة، البعض يختصره فى رغبة المجلس العسكرى فى البقاء، بينما يرد المجلس بأنه لا يرغب فى البقاء، وأنه يتحمل المسؤولية حتى تسليم السلطة لبرلمان ورئيس ووضع دستور. والصراع يظهر علنا أو ضمنا فى الكثير مما يجرى من أحداث وتصادمات، تمثل الجزء الظاهر من نوايا وأهداف غير معلنة، هناك خلاف حول شكل الدولة ومدنيتها وتأثير الأغلبية الإسلامية ودور الليبراليين والتيارات الأخرى، وكيف تتم ترجمة أهداف الثورة سياسيا.
وعندما ننتقد السياسيين والمرشحين المحتملين للرئاسة فإننا ننتقد عجزهم عن طرح مبادرات أو تقديم تصورات لوقف الصراع والوصول لتناغم سياسى، وهذه القدرة مؤشر على ما يمكنهم تقديمه فى المستقبل.
والأمر يحتاج البدء فى إدارة حوارات واسعة وإعلان نوايا كل طرف، من خلال جهد يبذله البرلمان للإسراع فى وضع قواعد العمل والمنافسة، فإذا نجح فستكون بداية مهمة، أما إذا فشل فسيبقى الحال على ماهو عليه.. فما يجرى صراع على السلطة يأخذ أشكالا أخرى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
medhat mostafa
سيدى نحن نغرق نغرق