فاطمة الزهراء الحسينى تكتب: لكى لا يحن قلبى

السبت، 24 ديسمبر 2011 02:10 م
فاطمة الزهراء الحسينى تكتب: لكى لا يحن قلبى صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ظننت أنه يلاحقنى
فاختفيت عنه وعن أعين الناس
قررت أن أختفى لبقية حياتى
حتى إذا وجدنى جثة هادمة بلغ اليأس منى
كنت أخاف أن يعلو صوت أنفاسى فيستدل بها على مكانى
لقد كنت بارعة فى إخفاء آثار أقدامى
حتى إذا تتبعها تقوده إلى نفس النقطة
بل لقد كنت حقاً فى نفس النقطة
لكن غيرت الغرفة التى كان يحتجزنى فيها
لقد كنت قريبة منه لدرجة أنه لم يستطع الوصول إلىّ
كنت أسمع صوت قدميه وصوت الآنية التى كان يحطمها كل يوم
كنت أخشى أن تهديه نفسه لينظر إلى الغرفة المهملة فى أعلى المنزل
ليجدنى أسكن هناك
و لكن هذا لم يحدث
حتى أتى عليه أيام
لم أعد أسمع فيها صوته ولم يعد يحطم الآنية التى اعتاد تحطيمها
أخذ الشك يساورنى بأن مكروهاً أصابه
لعله ترك المنزل أو لعله فارق الحياة
لم أحتمل تلك الشكوك، فقررت البحث عنه والاطمئنان عليه
كيف لا وأنا أعتبر أن هدف حياتى انتهى لمجرد مغادرته منها
بحثت عنه غرفة غرفة
فى هذا البيت الكبير الذى لا يستطيع أحد استكشافه فى يوم واحد
عندما حل المساء سمعت صوت بكائه
يالها من صيحات دوت فى قلبى
تتبعت ذلك الصوت
لقد كان ملقى على الأرض فى غرفتى القديمة
عندما رآنى صرخ باكياً أمى ثم فقد وعيه
اقتربت منه ماذا أصابك يا بنى
إنها الحمى التى استغلت هزال جسده وسيطرت عليه
أريد طبيباً ولكن أقرب طبيب يسكن فى القرية المجاورة
لا أستطيع تركه ولا أستطيع أخذه إليه فى هذا الطقس البارد
أحضرت الماء الفاتر ووضعته على جسده
إنه يحتاج أكثر من ذلك
انهالت علىّ الذكريات عندما كان طفلاً صغيراً
انهارت دموعى وازداد خوفى
أخشى أن أفقده هذه المرة حقاً
لا أحد بجوارى يساعدنى
إلهى أرجوك احفظه وسلمه
لم أسأم من محاولة خفض درجة حرارته
أتى الصباح مازال محموماً ولكنه أفضل حالاً من البارحة
حضرت له العصائر كى تقوى جسده سقيته إياها كما كنت أسقيه عندما كان صغيراً
مع تحسنه أصبحت أضعف شيئا فشيئا
مرت ثلاثة أيام وابنى الآن أصبح يتماثل للشفاء
الحمد لله
تاه عنى وعيى فقد اطمئننت على ابنى
حملنى بين كتفيه ووضعنى على السرير الذى قضيت عليه معظم أيام حياتى
يا أمى لا تتركينى هذه آخر كلماته التى سمعتها قبل أن أفقد وعيى
و حينما أفقت بعد أن مر على فقدان وعيى أسبوع كامل
أخذ يقبل يدى ورأسى الحمد لله
لقد عادت إلى أمى
أمى لم أكن أبحث عنك
لأننى كنت أعرف مكانك
كنت أعرف أنك تسكنين فى تلك الغرفة
خشيت إذا علمت أننى وجدتك أن تذهبى إلى مكان آخر وأفقد أثرك
أنا آسف يا أمى
سامحينى أيضا لأننى كنت أكسر الآنية الزجاجية
لكى أخبرك بأننى بخير وأننى مازلت أسكن منزلنا الذى ضمنى صغيراً
آسف يا أمى لم أستشعر حبى لك وتقصيرى فى حقك
إلا عندما ذهبت وتركتني
آسف يا أمى تماديت فى عقوقى وعلو صوتى تماديت فى قهرك وإهمالك
فضلت عليك زوجتى وأولادى، وهجرتك، وحرمتك من أحفادك
آسف يا أمى تناسيت أنك أفنيت عمرك فى رعايتى وتربيتى
و لم تجدى منى سوى الإساءة ونكران المعروف
سامحينى يا أمى
أعلم لقد أفقت من غفلتى متأخراً
سامحينى يا أمى ولنبدأ من جديد





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة