قلت: المؤامرة جزء من تاريخ الإنسان، لكن الإغراق فيها والأخذ بها فى تفسير الأحداث الشاذة، هو نوع من «الهروب الجبان» من تحمل المسؤولية، ومواجهة ضعفنا وهواننا على أنفسنا، والمؤامرة فى أغلب الأحوال تحس وتظهر نتائجها قبل أن نضع أيدينا على حقائقها وخيوطها وأصحابها!
وبالقطع مصر هى «الجائزة الكبرى» فى المنطقة، لا العراق ولا سوريا ولا ليبيا ولا اليمن ولا تونس، مع كامل تقديرنا وحبنا لكل هذه الدولة ومكانتها ودورها وأهميتها فى منطقة الشرق الأوسط القابعة على بركان من الفوضى.
والعالم غربه قبل شرقه لا يريد مصر القوية: سياسيا واقتصاديا وعلميا، مصر المريضة التى لا تشفى ولا تموت هى أكبر ضمان لأمن إسرائيل وسلامة وجودها.
وبالطبع أضحك حتى تتقطع أنفاسى وتكاد روحى تخرج منى حين أسمع تصريحات أمريكية أو أوروبية دفاعا عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والاستقرار والتنمية المستدامة فى مصر، فهذا هو الكابوس الذى يحاول الغرب وقف تفسيره على أرض الواقع خاصة بعد حرب أكتوبر 1973.. وما يقال عن تدريب برىء وتمويل إنسانى «تبرعت به أمريكا» لشبابنا ولقيادات من منظمات المجتمع المدنى على التظاهر السلمى والاعتصام القانونى وإنهاك قوات الشرطة المفترية، من أجل أن يعلموهم الحرية والتمرد على الاستبداد وكشف الفساد.. فهو مثل حكاية الذئب والحمل الشهيرة فى كتاب «كليلة ودمنة».. فالسياسة الأمريكية المعلنة هى ضمان وجود إسرائيل وقوتها وحماية دولتها ضد «الدول العربية مجتمعة»، وإسرائيل نفسها دولة قائمة على العدوان والاستيطان وهى نفسها
«زرع شاذ» بالقوة المسلحة فى بيئة غير بيئتها!
ولو قلّبنا فى الدفاتر وأرفف المكتبات وقرأنا ثلاثة كتب رئيسية لوضعنا أيدينا على منهج التعامل مع بلادنا داخل منظومة أوسع وهى «الشرق الأوسط»، وهذه الكتب هى: «إمساك الفرصة.. سيزار مومينت»، وكتبه الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون فى عام 1990 بعد انهيار الاتحاد السوفيتى والمعسكر الشيوعى، خاصة الفصل السادس منه الذى يتحدث فيه عن «العدو الأخضر» ويقصد به الإسلام.. والكتاب الثانى: صراع الحضارات لصمويل هينتجتون عن حتمية «الصراع الإسلامى الغربى»، والكتاب الثالث: «نهاية التاريخ» الذى حسم الصراع الإنسانى والتطور لمصلحة الرأسمالية والغرب.. ومعها عشرات الوثائق والمؤلفات التى أنتجها المحافظون الجدد عن كيفية حفاظ الولايات المتحدة على «قوتها العظمى» منفردة فى القرن الحادى والعشرين، وكان للإسلام وعداوته للغرب النصيب الأكبر من الشرح والتحليل فيها!
وأقول لك بالفم المليان إن صعود التيارات الإسلامية إلى سدة الحكم لا يخيف أمريكا ولا إسرائيل على الإطلاق، بل هو مطلوب ومرغوب، حتى تكتمل صناعة العدو الأخضر الذى يسوق للعامة فى الغرب!
هذا من الخارج.. أما فى الداخل، فالمسألة أكثر وضوحا.. نظام قديم يستميت أصحاب الامتيازات والتوكيلات فيه لمنع سقوطه بكل الوسائل الممكنة مهما كانت دناءتها.. والنظام القديم يتجاوز حسنى مبارك وبطانته إلى «قطاعات غير قليلة» كوّنت ثروات وبنت قصورا وأقامت مشروعات واشترت عقارات.
وقد لجأ بعض أصحاب هذه الامتيازات إلى «ضحايا النظام» من المهمشين والعاطلين وصبية شوارع والبلطجية، فاستغلوا حقدهم وكراهيتهم للمجتمع فى صناعة الفوضى التى تمنع التقدم إلى الأمام وتشويه الثورة التى انتفضت للتخلص منهم!
سكت صديقى الصحفى ثم سألنى: ولماذا لا يكون المجلس العسكرى طرفا فى مؤامرة حرق مصر؟!
نظرت إليه شذرا: صيغة سؤالك هى جزء من المؤامرة، ضرب المؤسسة العسكرية والتشهير بها وإهانتها هى الجسر الوحيد الذى يمكن أن تعبر عليه المؤامرة إلى النهاية السعيدة لها، لا أنكر حجم الأخطاء التى وقع فيها المجلس العسكرى ولا خطورتها، لأنها أخطاء يمكن قياسها على «معايير السياسة والحكم»، لإدارة وطن معقد مثل مصر فى فترة متقلبة، ونحملهم مسؤولية ما حدث، لأنهم بالفعل مسؤولون.. لكنهم بالقطع أشرف من أن يكونوا جزءا من المؤامرة، هم للأسف ضحية لها.
وكلمة أخيرة.. المؤامرة لا تعفينا من المسؤولية وفى أول الصفوف منها المجلس العسكرى!
عدد الردود 0
بواسطة:
Zizo
مؤامره
عدد الردود 0
بواسطة:
عاشق المحروسه
إلى رقم 1
عدد الردود 0
بواسطة:
yasser
لن يجدى نفعا
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو عمر
الله عليك
عدد الردود 0
بواسطة:
ragia
سعيدة بمقالك وقلمك الشريف ولكن
عدد الردود 0
بواسطة:
علي عبد الحليم
أقــســـــــم بــالله نـــــــبـــــيــــل بـــارك الله فــي عـمــــرك