لا يبدو إن الجيش قد استوعب الرسالة تمام الاستيعاب بإصراره على تكرار الخطة ذاتها فى كل مرة من خلال التعيينات الوزارية المرتبكة والتباطؤ فى نقل الرئيس حسنى مبارك إلى مستشفى سجن طره، وتمييع مسألة المحاكمات العسكرية، وعموماً عبر اللجوء إلى تمييع الحدود بين سلطات المجلس العسكرى وصلاحيات رئيس الوزراء وهو ما يتيحه، على كل حال، الإعلان الدستورى الحالى.
ربما لم يلاحظ العسكريون المصريون الرفض الشعبى العارم لخطوات الالتفاف على الثورة، واطمأنوا إلى وجود قوة سياسية كبرى، هى "الإخوان المسلمون"، تسير فى ركبهم. لكن، فى المقابل، يمكن الاعتقاد أن الجيش و"الإخوان" يرتكبون خطأ فادحاً فى الرهان على صبر المصريين. من أحداث "أطفيح" و"إمبابة" مرورًا بأحداث "مسرح البالون" و"ماسبيرو"، وصولاً لشارع "محمد محمود" وانتهاءً بالأحداث الدامية أمام مجلس الوزراء، فكلما اقتربت الفترة الانتقالية من الانتهاء لتسليم السلطة من المجلس العسكرى لحكومة مدنية منتخبة، وكلما هدأت الأمور نسبيًّا فى الشارع المصرى أتى إلينا حدث يقضى على أفراح الشعب المصرى ويشعر المواطن البسيط بالذعر.
وقبل بدء الانتخابات البرلمانية التى تعد الخطوة الأولى لتسليم السلطة التشريعية والرقابية لمجلس الشعب؛ جاءت أحداث شارع محمد محمود التى لا يعرف أحد حتى الآن من وراءها، وبعد أن مرت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية بسلام وحصل التيار الإسلامى فيها على نسبة 60% جاءت أحداث مجلس الوزراء لتقضى على فرحة الشعب المصرى الذى يستعد لحصد ثمار الديمقراطية من خلال المرحلة الثانية من انتخابات الشعب. أحداث مجلس الوزراء من الاشتباك الذى وقع بين المعتصمين وقوات الأمن بالمسرحية التى لا يعرف أحد فيها من الجانى ومن المتسبب فى تلك الأحداث الدامية.
إن الأحداث مشتعلة وتزداد الإصابات دون تدخل من أحد أو إفصاح عن الأسباب والملابسات.
إن القوات المسلحة ينبغى عليها أن تعلن عن الجانى والمتسبب فى هذه الأحداث المتتالية التى تشهدها مصر، إن البلد تمرُّ بحالة فوضى سياسية وأمنية لا يعلم عواقبها إلا الله، أناشد المجلس العسكرى باتخاذ الإجراءات الردعية لتقديم الجناة للمحاكمة، وردع أى فصيل أو شخص يسعى لإدخال البلاد فى فوضى. أن هذه المرة جاء الاعتداء على ممتلكات الدولة وحرق المبنى العلمى المجاور لمجلس الوزراء الذى يحتوى على الكثير من تراث مصر، إن من يفعل تلك الأحداث لا يمت بأى صلة لمصر ولا يكون مصريًّا إطلاقًا، وأن من يفعل ذلك مأجورًا من الخارج نطالب المخابرات العامة والأجهزة الأمنية بتوخى الحذر، وسرعة القبض على العابثين بأمن وسلامة الوطن. أن مصر للمصريين وحرية الرأى والتعبير مكفولة للجميع، ولا يملك رئيس الوزراء أو المجلس العسكرى الاعتراض أو التهكم على مَن يخالفهم فى الرأى، ولا يحق لأى مسئول استخدام القوة لفضِّ الاعتصام طالما أنه سلمى بغض النظر عن المطالب التى يدعو إليها المعتصمون، أنه لا أحد يعلم حتى الآن من المتسبب فى إهدار هذه الدماء. أنه لا أحد فوق القانون، وأن مصر فوق الجميع، ومن يعبث بأمن وسلامة مصر يجب أن يقدم للمحاكمة الفورية دون هوادة أو رحمة، أن مرور مصر بهذه الأحداث الجسيمة يقف حائلاً أمام تحقيق مطالب الثورة، ويهدف إلى نشر الفوضى والعبث بمقدرات الوطن.
إن نتيجة الانتخابات البرلمانية غير مرضية للغرب، وأن صعود الإسلاميين يمثل حالة رعب لهم، ولذلك يسعون بكلِّ قوة لإجهاض الانتخابات البرلمانية، ووقف تقدم الثورة المصرية. أن الإسلاميين يمثلون فزاعة بالنسبة للدول الغربية، وأنهم يسعون بكلِّ ما أوتوا من قوة من خلال دعم منظمات المجتمع المدني، كما صرحت الولايات المتحدة بتقديم دعم مالى يقدر بـ400 مليون دولار لعمل حالة من التوازن بين التيار الإسلامى والتيارات الأخرى الموالية للغرب، أن دول الغرب تبذل قصارى جهدها لوقف تقدم الإسلاميين، وإلغاء الانتخابات البرلمانية، وتمديد الفترة الانتقالية حتى لا تنعم مصر بالاستقرار. المجلس العسكرى عليه أن يجدد عهده بتسليم السلطة فى المدة المحددة سلفًا نهاية يوليو المقبل، وسرعة العودة لمكانه الطبيعى، حتى تستطيع السلطة المدنية المنتخبة إدارة شئون البلاد وسهولة محاسبة المسئولين والمقصرين.
إن المجلس العسكرى بصفته المسئول عن إدارة شئون مصر خلال المرحلة الانتقالية عليه الإفصاح عن المتسببين فى تلك الأحداث والجرائم المنظمة، مصر تعيش حالةً من الفوضى والجريمة المنظمة من خلال أناس وأيادٍ تعبث من وراء الستار لا تريد لمصر الاستقرار، وعلى الجهات الأمنية كشفهم وتحديد هوياتهم فى أسرع وقت ممكن. الشعب المصرى لا يقبل إطلاقًا أن تكون فى مصر مثل هذه الأحداث التى لا تليق بها بعد ثورة يناير، والرئيس المخلوع هدَّد الثوار بالفوضى والبلطجة، نطالب الشعب المصرى بالتكاتف يدًا واحدة لردع المتربصين بأمن وسلامة الوطن، سواءً كانوا من داخل مصر أو من خارجها، لتعبر مصر إلى برِّ الأمان، ولكى تتحقق مطالب الثورة والثوار.
مَن يشعل النار ويسعى للوقيعة بين أبناء الوطن سواء من المعتصمين أو من الجهات الأمنية يسعى فى المقام الأول إلى إجهاض الثورة المصرية، وعرقلة مسيرتها نحو تحقيق أهدافها التى لم يتحقق منها أى هدف، حتى الهدف الأول لم يتحقق باستثناء سقوط رأس النظام السابق. أن المجلس العسكرى كان متباطئًا فى إدارة المرحلة الانتقالية حتى أصبح متواطئًا مع العابثين بأمن وسلامة مصر، ومندهش من التصريحات المتتالية فور وقوع أحداث دامية فى أى مكان على أرض مصر بأن هناك أيادٍ خفية تعبث بسلامة الوطن!، ونطالب بسرعة معرفة هذه الأيادى الخفية عن طريق المخابرات العامة والمخابرات العسكرية والأمن الوطنى والأمن العام والمؤسسات الأمنية كافة.
ويتهم المجلس العسكرى باعتباره المسئول عن إدارة شئون البلاد فى المرحلة الانتقالية التى فشل فى إدارتها وتأخرت البلاد فى عهده كثيرًا، ومع سرعة الإفصاح عن مَن قام بقتل المعتصمين أمام ماسبيرو ومسرح البالون وشارع محمد محمود؟ ومن يسعى لإشعال مصر فى هذا التوقيت الحرج بشارع مجلسى الشعب والشورى؟. كيف يقول المجلس العسكرى ومجلس الوزراء أنه لم يطلق أحد الرصاص على المتظاهرين ونحن نشاهد هذه الأعداد من القتلى والجرحى وفى مقدمتهم الشيخ عماد عفت أمين عام لجنة الفتوى بدار الإفتاء، الذين لقوا حتفهم جراء إطلاق نار؟!. إن هناك خططًا منظمة تحاك من داخل مصر وخارجها تهدد بصورة جلية مصير الثورة المصرية المجيدة، ويقف المجلس العسكرى مكتوف اليد حيالها، وكأن المجلس العسكرى يحكم بلدًا آخر غير مصر!. أن توقيت هذه الأحداث مقلق للغاية، خاصة وأنها تأتى فى منتصف الانتخابات البرلمانية التى تعد الخطوة الأولى لبناء مصر كدولة مؤسسات يُحترم فيها القانون، ويأخذ فيها كل ذى حق حقه أن المجلس العسكرى يسعى لافتعال الأزمات كلما اقترب من تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة؛ حيث كانت وثيقة السلمى قبيل الانتخابات البرلمانية، وأحداث محمد محمود التى نزل فيها الجيش بمدرعاته أمام المعتصمين السلميين.
إن المجلس العسكرى يريد أن يقلص من مهام البرلمان القادم، ويسعى لجعل دوره مهيمنًا على المجلس التشريعى، وهو ما ترفضه الأحزاب والقوى السياسية كافة، ويهاجمه بشدة أبناء الشعب المصرى كله، الذين يسعون لسرعة إنهاء المرحلة الانتقالية، وبدء بناء مصر على أسس ديمقراطية سليمة وتحقيق أهداف الثورة المصرية المجيدة. أن جسد النظام السابق ما زال يحكم وأتباعه ما زالوا يعبثون بأمن وسلامة الوطن، ويقومون بكلِّ ما أوتوا من قوة بإفساد ما تبقى من مؤسسات الوطن ونشر الفوضى والذعر بين المواطنين، والوقيعة بين عناصر الوطن الواحد، بابتعاد المجلس العسكرى عن أى دور سياسي، أن الثورة المصرية أكدت على حقِّ المواطن فى الاعتصام والتظاهر السلمى، ولا يجب بأى بشكل من الأشكال سواءً كان لديهم الحق فى الاعتصام من عدمه، استخدام القوة لفضِّ الاعتصام، وأن ما يجرى سيُدخل البلاد فى نفق مظلم. إلى تزامن الأحداث المؤسفة التى طالت مجلس الشعب وبعض المبانى الأخرى مثل المجمع العلمى التى يحتوى على تراث علمى نادر، مع إجراءات المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية بعد أن شهدت المرحلة الأولى تداعيات أحداث شارع محمد محمود، والتى أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، ومع اقتراب انتهاء المرحلة الانتقالية.
المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة بما لديها من صلاحيات وسلطات أن تكون خطواتها سريعة ونافذة: لم يعد مقبولاً للمصريين أن تكون الكلمات للاستهلاك الإعلامى، ولم يعد من اللائق الحديث عن الأطراف الخارجة عن القانون والأيادى الخفية. أن الاعتصام السلمى مكفول للجميع تحقيقًا لأهداف ثورة يناير فى التعبير عن الرأى بحرية تامة، دون المساس بحقه سواء كان مؤيدًا أو معارضًا للحكومة.
إن من اعتدى على المعتصمين السلميين أمام مجلس الوزراء يجب أن يحاسب فورًا دون هوادة وبأقصى سرعة. أن مثل هذه الأحداث لا تليق بمصر الثورة، استنكر عدم استطاعة دولة بحجم مصر أن تحقق الأمن والأمان فى قلب العاصمة وأمام مجلس الوزراء، إن القائمين على حكم مصر لا يستحقون تلك المكانة، وأن الأنظمة الأمنية تحتاج إلى إعادة هيكلة فورية وتمشيط كل من ينتمى إلى عهد النظام البائد
الدكتور عادل عامر يكتب:اللهو الخفى الذى يهدد استقرار مصر
السبت، 24 ديسمبر 2011 10:29 ص
أحداث مجلس الوزراء الأخيرة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ruby
الطرف الثالث
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس/ عصام الزينى
يجب ان نحدد اولا المسئوليات
عدد الردود 0
بواسطة:
نعم للمشير وليذهب الغوغاء للجحيم
نعم للمشير وليذهب الغوغاء للجحيم