رمضان محمود يكتب: رأيت فيما يرى النائم

الخميس، 22 ديسمبر 2011 08:14 ص
 رمضان محمود يكتب: رأيت فيما يرى النائم صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكد ينتصف ليل الخميس حتى أسلمنى النوم إلى أحلام مزعجة وكوابيس مروِّعة، لأرى فيما يرى النائم رؤيا ليست كالرؤى العادية لما تركته أمام عينى من صور ومواقف أرى من الصعب نسيانهما، فقد رأيت فى أحلامى صورًا وأطيافًا لأشخاص أعتقد أنهم كانوا سببًا فى إطلاق أوائل الشرر لموقعة شارع قصر العينى وميدان التحرير والمشهد كما أراه فى منامى حركة ونشاط موفورين داخل مبنى مجلس الشعب وتشكيلات من قوات الصاعقة والمظلات ينضم إليها عدد من الأفراد يرتدون بّزة مدنية ولا يعرف هويتهم والجميع يقف فى حالة استنفار دائم، أرى فريقًا منهم قد تسور مبنى مجلس الشعب واستقر على أعلى سطحه مزودًا بأجولة مليئة بكسر رخام مدبب، وفريقًا آخر مسلح بالعصّى وبالسلاح قد توجه صوب المعتصمين، وفيما بين ذلك أرى أطيافًا أخذت تتصارع اصطراعًا فأرانى ذات مرة أمام صورة فتى يافع يكلم رجلا أنيقًا يرتدى زيًّا مدنيًا ويقف بسيارته غير بعيد من معتصمى مبنى رئاسة الوزراء فإذا بالرجل الأنيق يزجره فى لهجة آمرة ثم يكشف له عن نفسه بعدها غيّب الفتى عن عينى فكانت لحظة عصيبة تقاطر على إثرها جماعة من معتصمى التحرير نحو بوابة مبنى مجلس الشعب تطالب العسكر فى صوت هادر بالإفراج عن الفتى المخطوف، ولم يزد الأمر على الساعتين حتى أفرج عنه ولكنه ظهر فى حالة يرثى لها أبكت العيون وعند هذه اللحظة اضطربت الأحداث فى أحلامى فأقلقت علّى منامى، فأدركت أن ثائرة الثوار قد أحفظت عليهم الجيش المغوار عندها التمست ميدان التحرير ورئاسة الوزراء فوجدتهما هائجين مائجين بالليل والنهار ـ خيام المعتصمين تحترق وجموع الثوار تقاوم فى بسالة بطش العسكر، حيث وقفوا يتلقون الرخام المنهمر فوق رؤؤسهم وزخات الرصاص المصوبة إلى صدورهم، بينما كانت أجسامهم تسّحل على الأرض المليئة بالحصى ثم تختفى بعد ذلك بين أقدام العسكر ووسط ضربات العصى، كما رأيت فتاة تسّحل على الأرض لتغيب عن عينى وسط الزحام بين العصى الضاربة والأقدام الراكلة لجسمها النحيل والأيدى العابثة بثيابها المحتشم الجميل حتى بدا جسدها للعيان عاريًا فى الميدان. كما رأيت الحريق يلتهم المجمع العلمى المصرى الموغل فى القدم وبداخله صبية تتقاسم على أطلاله أجرها فى حرق التراث والقيم وشاهدت فى منامى الإعلام الخاص يستنكر على شاشاته وعلى صفحاته بشاعة الحدث وقرأت مخاوف لبيب السباعى بين السطور من تحويل الثوار إلى فلول ومن فرحة مبارك وأترابه كل فى منتجعه واستمعت إلى الجنزورى ومنصور حسن فألفيتهما يتكلمان فى فضول بلسان العسكر المغرور، فعلمت أن المنصب عندهما فى الكبر أهم من دماء آلاف المصريين مهما كانت النتائج والعبر ثم استمعت إلى مؤتمر العسكر فتبين لى أن جرائم الطرف الثالث المبهم سيتحملها بعض الثوار فترحمت على الثورة عند بقاء النظام.

أفقت من نومى العميق مفزوعًا فأنكرت فى اليقظة كل ما رأيت فى المنام وقلت لعلها أضغاث أحلام غير أنى لم ألبث إلا قليلا حتى عبّرت الرؤى عن نفسها فى التلفاز فإذا بعبود المختطف يظهر ووجهه منتفخ وإذا بالأزهر يوّدع شهيده الشيخ عماد وإذا بمصر تودع نوابغها الطبيب والمهندس والصحفى ومعهم نيّف من الشهداء وإذا بصحيفة نيويورك تايمز تظهر على صفحتها الأولى صرخة امرأة مصرية للعالم كله وإذا بنساء مصر يخرجن على إثر هذه الصرخة فى تظاهرة حاشدة فيجبرن العسكر على الاعتذار حينها أدركت أن ما شاهدته كان حقيقة وليس حلمًا فى المنام.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة