قالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، إن الإعلام الحكومى المهنى الرائد والمستند على المعايير المهنية فى التغطيات لن يتحقق إلا بإلغاء وزارة الإعلام كهيكل وفلسفة حكومية مركزية فى إدارة الإعلام الرسمى فى مصر واستبدالها بمجلس أمناء مستقل مشكل من كوادر إعلامية ومجتمعية منتقاة بآليات حيادية ونزيهة.
كما ترى المؤسسة أيضًا أهمية العمل على إنتاج ميثاق يحتوى تعريفات وضوابط ومعايير الأداء المهنى الاحترافى فى مجال إعلام الخدمة العامة بالإستعانة بكوادر إعلامية متخصصة، لتكون وثيقة استرشادية لتطوير فلسفة ومنهجية العمل الإعلامى القومى بشكل عام، ومرجع يُستند إليه فى تقييم وتقويم الأداء فى المستقبل، إلى جانب تطوير سياق التشريعات واللوائح المنظمة لعمل اتحاد الإذاعة والتلفزيون بما يحقق التطوير المنشود لمنظومة الإعلام الرسمى فى مصر.
وكانت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، قد أصدرت اليوم الخميس، تقريراً نوعياً حول أداء اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى تغطية بعض الأحداث المهمة لا سيما أحداث ماسبيرو فى أكتوبر الماضى، وأحداث محمد محمود نوفمبر الماضى، حيث يأتى ذلك التقرير فى إطار نقد وتفنيد حقوقى للكثير من اتهامات التحريض والتضليل التى وجهت بعد اندلاع ثورة 25 يناير إلى أجهزة الإعلام الرسمى بكافة أنواعها، وعلى رأسها اتحاد الإذاعة والتليفزيون وهو الهيئة الحكومية الوحيدة المحتكرة للبث الأرضى الذى يبلغ أعلى معدلاته فى مصر مقارنة بالبث الفضائى المجانى والمشفر على مستوى الوطن العربى حيث يبلغ نسبة تصل إلى 58% وفق آخر تقرير معلوماتى صادر عن مركز دعم واتخاذ القرار فى 2010، مما يؤهله ليصبح الجهاز الإعلامى الأول فى التأثير وتشكيل الوعى لدى شرائح عريضة من الشعب المصرى.
ويعرض التقرير فى الجزء الأول منه، رؤية قانونية وحقوقية حول جريمة التحريض على العنف والكراهية، وتضليل الرأى العام فى ضوء تشريعات ومواثيق قانونية محلية ودولية ومدى تلاقى تلك الرؤية، مع الأداء الإعلامى للتليفزيون المصرى فى تغطية الواقعتين سالفتى الذكر "ماسبيرو ومحمد محمود".
ويتناول الجزء الثانى من التقرير رصد تحليلى مبسط لعينة منتقاه من المادة الإخبارية المباشرة المذاعة على قنوات النيل للأخبار، القناة الأولى، والفضائية المصرية التى غطت الأحداث بما ينقلها ويفسرها للمشاهد والمتمثلة فى النشرات الإخبارية الاعتيادية والتغطيات الخاصة، لمحاولة بيان أوجه القصور المهنى التى ارتقت إلى حد التحريض على القتل كما فى الواقعة الأولى وإلى حد التشويه والتضليل الصارخ كما فى الواقعة الثانية كما ركز التقرير بشكل أساسى على رصد سياسات الصياغة التحريرية للأخبار وبحث مدى التزامها الحياد والموضوعية والتوازن كأحد أهم معايير الحكم على جودة ورصانة التغطية الإخبارية.
وينتهى التقرير بنتيجة عامة مؤداها أنه كان هناك أوجه قصور فى التغطية الإعلامية والكثير من الأخطاء المهنية فى التغطية الإخبارية للأحداث والتى تركّز معظمها فى خلط الرأى بالخبر، والميل إلى التهويل والتخمين الشخصى فيما يتعلق بالأحداث والوقائع، وعدم الدقة فى انتقاء التوصيفات والمصطلحات المناسبة لنقل وتوصيف ما يحدث بموضوعية وتوازن، ونجد أن من أهم العوامل المؤدية لذلك هو حداثة وإختلاف نوعية الأحداث على مجال عمل الإعلاميين بماسبيرو حيث تتطلب تلك النوعية من الأحداث إلى تأهيل وتدريب خاص أقرب إلى مهارات الإعلام الحربى، ولكن لا يقتصر الأمر على تشخيص الأزمة تحت إطار "الأخطاء المهنية" كما أصر وأوضح وزير الإعلام السابق أسامة هيكل فى أكثر من تصريح واستشهد بتقرير لجنة تقييم الأداء الإعلامى –والذى لم يُعلن بشكل كامل للرأى العام حتى وقتنا هذا - التى شكلها إثر ما تم توجيهه من اتهامات لماسبيرو فى مذبحة 9 أكتوبر الماضى، فنستطيع القول بأنه كانت هناك إرادة سياسية لقيادات العمل الإخبارى لأن تتم صياغة الأحداث بشكل تحريضى وتضليلى وساهم فى ذلك التواضع المهنى لمنفذى العملية الإخبارية لتلك النوعية من الأحداث.
وتوصى مؤسسة حرية الفكر والتعبير بضرورة اتخاذ إجراءات المحاسبة الفعلية وفتح تحقيقات موسعة لكشف المسئولين عن ارتكاب مثل تلك الجرائم فى التلفزيون المصرى من جانب، والتوجه إلى دعم سياسات التحرير والتطوير الجذرى لاتحاد الإذاعة والتلفزيون بما يضمن تحول المنظومة الإعلامية المملوكة للدولة المصرية إلى نمط الخدمة العامة وتحررها من الارتهان لسلطة أى حكومة أو نظام سياسى، وتمكنها من تحقيق القدر المأمول من الاحترافية المهنية بما يجعلها أكثر قدرة على تكريس ودعم حريات الرأى والتعبير والإسهام فى حماية الإطار الديمقراطى قيد التشكل الآن فى المجتمع المصرى.
حرية الفكر: مهنية الإعلام الحكومى لن تتحقق إلا بإلغاء الوزارة
الخميس، 22 ديسمبر 2011 03:09 م