د.عاصم الدسوقى

اختبار القوة أم اختبار الولاء؟!

الخميس، 22 ديسمبر 2011 04:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة حكم البلاد وهو يتعرض للاختبار يوما بعد يوم بهدف إثبات عدم قدرته على إدارة أمور البلاد التى تجتاحها الثورة، وبدا للمراقبين من ظاهر المواقف أن المجلس غير حازم فى مواجهة جرائم الاعتداء على الأرواح والمنشآت، وأن إرادته مقيدة لسبب أو لآخر، وأصبح الشائع أن المجلس يريد أن يبقى على صورته التى ظهر بها من البداية من أنه حامى الثورة غير أن هذا الموقف «المثالى» فى العمل السياسى لا يجدى نفعا، والإمساك بالعصا من الوسط ينتهى بكسرها، ومحاولة إرضاء كل الأطراف تنتهى بإغضابهم جميعا.

وعندما أدركت عناصر الثورة المضادة هذا السلوك من المجلس العسكرى من حيث عدم المواجهة «الخشنة» تشجعوا أكثر وأكثر، الأمر الذى جعل الذهن ينصرف إلى الاعتقاد بأن الذين يقومون بأعمال التخريب فى مصر هم أتباع الحزب الوطنى الذين يتحركون بإشارات من سجن طرة عن طريق الموبايلات التى يحتفظ بها هؤلاء «المساجين أو «المحجوزون» على ذمة التحقيقات، وأن هناك نوعا من التغطية على تلك العناصر عن طريق إلصاق التهمة بمن يطلق عليهم «البلطجية»، ويبدو واضحا أنها بلطجة منظمة وممنهجة يقوم بها محترفون وليس «مجرمين» عاديين.
ومما يرجح هذا التصور أن الحرائق تشتعل فى أماكن بعينها تم اختيارها بعناية بهدف إثارة الفوضى لكى يندم الناس على إزاحة مبارك، وقد تتطور الأمور إلى تدخل خارجى إذا ما لحقت الحرائق الأماكن الأثرية حيث نصبح عرضة لاحتجاجات منظمة اليونسكو المسؤولة عن حماية الآثار فى مختلف بلاد العالم.
فإذا كانت تلك الأعمال من باب البلطجة المنظمة والمقصودة فهل سوف يكون من الصعوبة بمكان اكتشاف أمر أولئك البلطجية بدلا من اتهام الثائرين؟ لقد تعلمنا من التاريخ أن الجريمة الكاملة لم توجد بعد.. أى لا يمكن أن تمر جريمة ما دون اكتشاف الفاعل ولو بعد حين، أما تقييد الجريمة ضد مجهول فهذا يعنى أن الجانى أو المجرم معلوم، ولكن لا يمكن الإعلان عنه لأسباب بعينها، والتاريخ ملىء بهذه الشواهد.. فمثلا عندما احترقت القاهرة فى يوم السبت 26 يناير 1952 تولت النيابة العامة التحقيق وأجرت عدة تحقيقات مع قوى سياسية مختلفة أبرزها أحمد حسين زعيم الحزب الاشتراكى وانتهت بتقييد الجريمة ضد مجهول، غير أن الوثائق البريطانية أثبتت أن الإنجليز كانوا وراء إشعال الحريق عقابا لمصطفى النحاس رئيس الحكومة الذى أعلن فى 8 أكتوبر 1951 إلغاء معاهدة 1936، وليس ببعيد أن تحقيقات النيابة قد توصلت آنذاك إلى هذه الحقائق لكن من كان يجرؤ على اتهام الإنجليز الذين كانوا يسيطرون على البلاد وحادثة غرق المطربة أسمهان فى ترعة الساحل فى طريقها إلى رأس البر «14 يوليو 1944» لقضاء إجازة على الشاطئ قيدت ضد مجهول، لكن المعلومات أوضحت فيما بعد أنها تورطت فى علاقات مع المخابرات الإنجليزية والألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية، فتخلصت منها إنجلترا واغتيال الرئيس الأمريكى جون كينيدى «23 نوفمبر 1963» تم تقييده ضد مجهول لا لشىء سوى أنه لا يمكن الكشف عن القاتل الذى أصبح سرا من أسرار الدولة.
وعلى هذا فإن تبادل الاتهامات بين المجلس العسكرى والقوى السياسية والثوار بشأن مسلسل التخريب يقصد به تقييد الجريمة ضد مجهول، مع أن الفاعل معلوم لدى السلطات ويبدو هذا من بعض التصريحات الرسمية غير المباشرة.
قال الشاعر: رام نفعا فضر من غير قصد ومن البر أن يكون عقوقا





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة